Skip to content

03/05/18

جو ألطف في عصر الاحترار

aircon
حقوق الصورة:G.M.B. Akash/Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • إن تكييف الهواء يستهلك الطاقة بكثافة، ويُسهم في انبعاث غازات الدفيئة
  • قد تساعدنا التصميمات الأفضل للمباني، وأساليب التبريد التقليدية، وتغيير نمط الحياة
  • يمكن الحفاظ على جودة الحياة باستهلاك منخفض للكهرباء واستخدام تقنيات ذكية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يقول جولريز أزهر إن تكييف الهواء ليس السبيل المُثلى للتعامل مع ارتفاع درجات الحرارة في العالم.

أصبحت الحياة أكثر سخونة، حتى لقد أذابت الحرارة في بعض الأماكن أسفلت الطرق، وأجهدت بشدة الكثير من شبكات الكهرباء في بلدان عديدة، ولربما نَفَقَت الكثير من المخلوقات بسبب حرارة الجو.

وفق معظم سيناريوهات تغيُّر المناخ، من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة. والمعتاد أن يجلب المناخ الأكثر سخونةً المزيد من موجات الحرارة فيما بعد. والدراسات تشير إلى أن حرارة المستقبل ستتجاوز قدرة البشر على التكيُّف. فماذا ستفعل البشرية حينئذٍ للبقاء؟
 
ليست الإجابة بسيطة مثل تشغيل مكيف الهواء؛ فهي عملية كثيفة الاستهلاك للطاقة. يتم استخدام الكهرباء المنتجة من الوقود الأحفوري -مثل الفحم والنفط- بشكل أساسي لتشغيل مكيف الهواء، وينبعث من كليهما غازات الدفيئة في أثناء حرقهما. إن إبقاء مصباح قدرته 100 واط مضاءً لمدة عام واحد يحرق أكثر من 322 كيلوجرامًا من الفحم، ويطلق 840 كيلوجرامًا من ثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين. وتستهلك وحدة مكيف الهواء الكبيرة من نوع النافذة 15 ضِعف هذا القدر. وإذا أضيف مليارات البشر من آسيا وأفريقيا الذين لمَّا يصلوا بشبكة الكهرباء إلى معادلة أجهزة تكييف الهواء، فإن هذا يخلق مشكلة هائلة.

إن تبريد الهواء بهذه الطريقة يسخن الكوكب، ويعتمد في الوقت نفسه إلى حدٍّ كبير على عملية غير فعالة. يتم تحويل 40% فقط من الفحم المحروق إلى كهرباء قابلة للاستخدام، أما الباقي فيضيع على هيئة حرارة. إن مركبات الكربون الهيدروفلورية وغيرها من المبرّدات المستخدمة في تكييف الهواء والتبريد هي بحد ذاتها غازات دفيئة قوية. لذا، وبالإضافة إلى زيادة الطلب على الكهرباء، هناك أيضًا احتمال تفاقُم مشكلة تغيُّر المناخ بسبب تزايُد إطلاق هذه الغازات في الغلاف الجوي. إن تكييف الهواء يُسهِم في تسخين الكوكب ويهدر الطاقة والوقود.

التعامل مع الحرارة

تقوم أجزاء كثيرة من أفريقيا وجنوب آسيا بمد شبكات الكهرباء ببطء، وسيكون من الحماقة أن تعتمد هذه المناطق على وسائل توليد الكهرباء التقليدية لمواجهة الحرارة وتلبية احتياجات السكان المتزايدين من الطاقة. وصارت الدول المتقدمة على وعي بالحاجة إلى مجموعة أساليب جديدة لاستخدام الطاقة المتجددة، وحلول الطاقة غير المرتبطة بشبكة الكهرباء، مثل إضاءة المنازل بالطاقة الشمسية، وخيارات التبريد التي تتضمن تكييف أنماط الحياة مع الحرارة.

لقد نشأتُ في ولاية أوتار براديش، وهي الأكثر اكتظاظًا بالسكان ومن بين أقل الولايات نموًّا في الهند. ومن ذكريات طفولتي انقطاعات طويلة للتيار الكهربائي -سواءٌ المعلن أو غير المعلن عنها- في فصول الصيف شديدة السخونة. لقد اعتدنا أن يرش بعضنا المياه على بعضٍ من دلو لتبريد أجسادنا، واستخدمنا مجموعةً متنوعةً من أساليب تلطيف الحرارة والتكيُّف التقليدية، المتضمنة البقاء في المنزل أو في الظل، واللعب في المساء، والدراسة في الصباح الباكر. لم نتخلص من شعورنا بعدم الارتياح، لكننا تحمَّلنا وتعايشنا.

وفي حين تُعَد الكهرباء ظاهرةً حديثةً نسبيًّا، والراجح أن الناس قد اضطروا إلى البقاء على قيد الحياة في حرارة الشمس الحارقة منذ غابر الزمن. ويمكن أن تساعد تجاربهم في توجيه الجهود الحالية لخلق مثلث لبدائل الطاقة المتأصل في الطاقة المتجددة، والحلول خارج شبكة الكهرباء، والتبريد غير كثيف الاستخدام للطاقة.

تصميمات مناسبة للحرارة

طوَّر السكان المحليون من الهند إلى ناميبيا تصميمات مساكن مناسبة للحرارة. ففي الهند، تُبنى البيوت متجددة الهواء من مواد مقاومة للحرارة، مثل العوارض الخشبية مع جدران من الطوب المغطى بالجص (عكس الزجاج والصلب)، إذ تكون الأسقف العالية والشرفات التي تظلِّل النوافذ أكثر برودةً في الصيف. وتستخدم الجدران الحرارية العازلة التي تستفيد من عناصر التصميم التقليدية مثل ’الجالي‘ (الطبقات المزدوجة) وأحواض الحرارة القائمة على ’الباولي‘ (البئر المدرجة) في التصاميم الحديثة. حتى إن التعديلات البسيطة -مثل توجيه واجهة المنزل بعيدًا عن الشمس، واستخدام الطلاء الأبيض العاكس على السطح- يمكنها تبريد الأجزاء الداخلية عدة درجات دون استهلاك الطاقة. قد يكون من المفيد اختيار موقع المنزل للاستفادة من الأشجار حتى لا يكون في ضوء الشمس المباشر. ويمكن استخدام المبرِّدات التبخيرية، التي تستهلك كميات أقل من الكهرباء، إذ تستخدم المياه لتبريد الهواء. ويمكن للستائر الرطبة البسيطة المصنوعة من القنب الهندي والعشب خفض درجة الحرارة أيضًا. وفي الجو الرطب والحار، تُعَد خصائص التصميم التي تعزِّز تدفُّق الهواء، وتفصل أماكن الغسيل والطهي مفيدةً.

يتم حاليًّا الإعداد لتقنيات بناء بديلة جديدة أيضًا. ويجري تطوير تصميمات التبريد الحرارية الأرضية حتى تتمكن من تبريد المنازل دون استخدام الطاقة المصنعة. ينطوي النهج المبدع على نقل درجة الحرارة الباردة والثابتة لباطن الأرض (12 درجة مئوية) إلى المنازل باستخدام أنابيب مياه تحت الأرض.

يمكن للتغييرات البسيطة في نمط الحياة أيضًا إحداث فارق كبير. والأساليب المنطقية الأكثر شيوعًا لخفض درجة حرارة الجسم قائمة على المياه: مثل حمل زجاجات المياه وشرب السوائل بكثرة. كذلك يوفر الطعام الخفيف منخفض البروتين والذي يحتوي على نسبة عالية من المياه -مثل الزبادي، والفاكهة الملأى بالمياه، والخضراوات- السوائل والكهارل المفقودة من خلال التعرق. إن تجنُّب الإجهاد الشديد في شمس فترة الظهيرة قد ينقذ الحياة. ولطالما كان ارتداء ملابس ذات ألوان فاتحة وفضفاضة وخفيفة في المناطق الصحراوية والمناخات الحارة تاريخيًّا، إذ تُبقي مرتديها أكثر برودةً، بخلاف الملابس الضيقة. ويجري تصميم مواد أحدث يمكنها كذلك تبريد أجساد مرتديها.

بالإضافة إلى ذلك، يجب تنويع مصادر الطاقة المتاحة لتلبية متطلبات الحياة اليومية -وأن يتم ذلك قريبًا. تشمل هذه المصادر الألواح الشمسية غير المربوطة بالشبكة لتوفير الكهرباء للإضاءة والأجهزة الصغيرة، والاستخدام المتزايد للطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح التي يمكن أن تغذي شبكة الكهرباء.

من المؤكد أن تكييف الهواء سيستمر في مساعدة أولئك الذين يستطيعون الوصول إليه وتحمُّل تكاليفه. وقد تنقذ الملاجئ المكيفة الهواء أيضًا الحياة في أثناء إنذارات ارتفاع الحرارة وحالات الطوارئ الحادة. ولكن من حيث الحلول العالمية، يمكن تجنُّب حلول التكيُّف مع الحرارة كثيفة الاستهلاك للطاقة التي نجحت في الغرب في بيئات الدول النامية. كما أن تكييف الهواء الموفر للطاقة باستخدام الطاقة الكهربائية الضوئية والمضخات الحرارية ذات محول التيار العاكس والتي تعمل بالتيار المستمر، أصبح شائعًا.

يمكن توفير سبيل مستدامة للمضي قدمًا في المناطق التي تواجه تحديات متعلقة بالحرارة من خلال الاستفادة من التكنولوجيا الذكية، والطرق التقليدية غير المكلفة التي تتطلب استخدام القليل من الطاقة، والتقنيات المبتكرة الموفرة للطاقة. ومن الآن فصاعدًا، تمثل الطاقة المتجددة أهميةً حيوية للمساعدة في منع استمرار تغيُّر المناخ والسماح بالتكيُّف المستدام مع الآثار الناجمة عن تغير المناخ.

في استطاعتنا تحقيق جودة حياة أفضل مع استهلاك أقل للكهرباء وتبريد أقل تكلفةً يكون تأثيره ألطف على كوكب الأرض.
 

جولريز شاه أزهر هو خريج برنامج ’أسبن نيو فويسز‘، وباحث مساعد في مجال السياسات بمؤسسة راند غير الحزبية غير الربحية، ومرشح لنيل درجة الدكتوراة من كلية باردي راند للدراسات العليا.

 
هذا المقال أُنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم آسيا والمحيط الهادي