Skip to content

30/01/20

س و ج حول مركز مصري جديد لأبحاث تغيُّر المناخ

Ashraf Shaalan
حقوق الصورة:SciDev.Net/ Hazem Badr

نقاط للقراءة السريعة

  • مصر تدشن مركزًا لدراسات التغيرات المناخية والتنمية المستدامة
  • المركز مصري التأسيس، إقليمي التوجه، دولي الرؤية
  • يفترض ألا يكرر المركز جهد الآخرين

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

دشنت مصر ’مركز التميز للدراسات البحثية والتطبيقية للتغيرات المناخية والتنمية المستدامة‘، الأسبوع الماضي في المركز القومي للبحوث.

يؤكد مديره، أشرف شعلان -الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث- أنه يتجاوز النطاق المحلي ليكون البُعدان الإقليمي والدولي حاضرَين في توجهاته، وذلك من خلال التعاون مع 30 جهة بحثية إقليمية ودولية، من بينها منظمة كومساتس الحكومية الدولية -اللجنة المعنية بتسخير العلم والتكنولوجيا لأغراض التنمية المستدامة في الجنوب (COMSATS)– ومعهد فيزياء الغلاف الجوي التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، وجامعة الملك عبد العزيز في السعودية.

حول المركز وأهدافه والدراسات التي سيركز عليها ودوره في المنطقة كان لشبكة SciDev.Net هذا الحوار مع شعلان.

في وقت أصبحت فيه تداعيات التغيرات المناخية واضحة، لماذا يأتي تدشين المركز الآن؟

سأعود بك إلى خمس سنوات مضت، عندما كنت رئيسًا للمركز القومي للبحوث، إذ تولدت لدينا قناعة حينها، أن مصر بحاجة إلى ذراع بحثية قوية في مجال التغيرات المناخية، فجاء التفكير في إنشاء مركز متخصص، يضم تحت عباءته التخصصات المختلفة المعنية بالظاهرة وتأثيراتها.

ولأن هذه الظاهرة بطبيعتها عابرة للحدود، كان لا بد من توسيع نطاق إدارة هذا المركز، بحيث لا يصبح مصريًّا فقط، فبدأنا نبحث عن الجهات التي يمكنها مساعدتنا في إدارته، واتفقنا في البداية مع معهد بكين للتكنولوجيا، وهي الجهة التي رشحتها لنا وزارة العلوم والتكنولوجيا في الصين، ووقعنا اتفاقية معهم في عام 2014 لإنشاء المركز.

ولكن لم تُفعَّل الاتفاقية لظروف خاصة بالمعهد الصيني، فبحثنا عن جهة أخرى، فوقعنا مع معهد فيزياء الغلاف الجوي اتفاقية في عام 2017 لإنشاء المركز، ثم بدأنا نبحث عن جهات أخرى تنضم إلينا، ففكرنا في منظمة كومساتس، وهي جهة بحثية معنية بالعلوم والتكنولوجيا في جنوب الكرة الأرضية من البرازيل حتى الصين، ونجحنا في إقناعها بالانضمام إلينا.

هاتان الجهتان هي جهات مشاركة معنا في الإنشاء، ولكن هناك جهات مشاركة معنا في العمل البحثي من جامعات في أمريكا وماليزيا ومالطا.

بعد ذلك بدأنا البحث داخليًّا وإقليميًّا عن الجهات التي يمكنها المشاركة معنا، فوجدنا حماسًا لدى وزارة البيئة المصرية، وجامعة الملك عبد العزيز بالسعودية، ليصبح لدينا 30 جهة بحثية مشاركة في الإدارة، مع انطلاقة المركز في 21 يناير 2020.

مع تعدُّد الجهات المشاركة في المركز كيف ستكون إدارته؟

هذه الجهات هي البداية، ومن المتوقع أن تزيد مع عملنا على استقدام المزيد من المشاركين.

أما إدارة المركز فستكون من خلال لجنة عليا توجيهية، يرأسها شرفيًّا خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية، وتضم في عضويتها علماء من تخصصات علمية مختلفة.

هذا مع وجود مجلس إدارة للمركز أتولى رئاسته، وممثل فيه ثلاثون جهة محلية وإقليمية ودولية، ويناقش المجلس مع اللجنة التوجيهية العليا الخطة البحثية للمركز، ويتولى التنسيق مع الجهات المحلية والإقليمية والدولية لتنفيذها.

كيف سيكون عمل المركز محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا؟

في مسألة التغيُّرات المناخية أنت مجبر على التعاون مع الآخرين، خاصةً في المجال البحثي؛ لأن السماء مفتوحة، وكذا البحار.

المركز سيكون شاملًا من حيث دراسة الظاهرة وتأثيراتها على التخصصات المختلفة، وقرارنا ألا نكرر جهد الآخرين، فهدفنا أن نسد فجوة بحثية في مصر والمنطقة العربية، فإذا كان هناك آخرون معنيون بمجال معين، فنحن لن نكرر جهد أحد، ولكن يمكن أن نتشارك ونتكامل.

في مصر على سبيل المثال لدينا أحد تأثيرات الظاهرة، وهي (تآكل الدلتا)، المشكلة الأخطر التي تواجه مصر بسبب التغيرات المناخية وما يترتب عليها، فقد يثمر التعاون الإقليمي والدولي من خلال هذا المركز في وضع سيناريوهات للتعامل مع المشكلة.

ثمة دول لديها أنهار، بدأت تأخذ خطوات للتعامل مع المشكلة، سنرى ما توصل إليه الآخرون، ونحاول تبادل الخبرات بحيث نتبع ما يناسب موقعنا الجغرافي من حلول.

كما سنركز أيضًا في رسالتنا على دراسة بعض التغييرات التي بدأت تظهر في الوقت الراهن ولها علاقة بالتغيرات المناخية، أقربها تلك السيول التي شهدتها مناطق في مصر قبل شهرين، وهو مشهد غير معتاد، بالإضافة إلى الحر الشديد صيفًا، والبرد الشديد شتاءً، وهو مناخ غير معتاد في مصر، ومؤخرًا حرائق الغابات التي شهدتها أستراليا.

والرسالة التي سنحاول توصيلها من خلال المركز، هو أن التغيرات المناخية أصبحت واقعًا؛ لأن بعض الناس تنظر إلى القضية بعدم جدية، من منطلق أن تأثيراتها المدمرة قد تأتي بعد مئة عام، وهذه نظرة فيها قدر من الأنانية، لأننا من المفترض أن نكون مهمومين بتأمين مستقبل أفضل لأحفادنا.

كيف تتعاملون مع عدم إدراك عامة الناس بأن ثمة علاقة بين ما أشرت إليه والتغيرات المناخية، لأن الإعلام حصرها في غرق الدلتا، وهو سيناريو قد لا تعيش الأجيال الحالية تفاصيله؟

لهذا السبب، يضم مجلس إدارة المركز اثنين من الإعلاميين؛ لنتمكن من نقل رسالة المركز إلى المجتمع على نحو صحيح.

ويمكن نقل مضمون الرسالة دون استخدام كلمة التغيرات المناخية، وهذا سيكون ملائمًا أكثر للفئات محدودة الثقافة، ولكن إذا كنت سأتوجه إلى جمهور أكثر وعيًا وثقافة، فيمكن استخدام المصطلح، المهم أن يصبح المجتمع -على اختلاف شرائحه- مدركًا لخطورة المشكلة.

ماذا عن بداية العمل في المركز والتعاون مع الجهات الشريكة؟

أهم شيء في مواجهة التغيرات المناخية هو رصد الظاهرة، وتوجد دول لديها باع طويل في هذا الاتجاه، ومن غير المنطقي أن أتكلف ملايين الدولارات لإنشاء محطات الرصد، لذا فإننا سنبدأ بالاستفادة من البيانات المتوافرة لدى تلك المحطات. وانفتاحنا على الإقليم والعالم في مجلس الإدارة سيتيح لنا الدخول في شراكات مع الدول التي لديها أرصاد نستطيع الاستفادة منها.

وبالتأكيد سنتشارك الأبحاث أيضًا، فهناك مقولة تقول: ”فكر بشكل عالمي، ولكن اعمل محليًّا“.

بدايةً من الأسبوع القادم سنشكل فرق عمل متخصصة في كل مجال له علاقة بتأثيرات التغيرات المناخية، وستدرس كل مجموعة بحثية ما توصَّل إليه العالم في مجالها، وبناءً على ذلك سنخاطب الجهات الدولية لتوفير الدعم المادي اللازم لإنجاز هذه الأبحاث، كما سنستجيب لطلب الجهات التنفيذية عند حاجتها إلى دراسة ظواهر معينة لها علاقة بالتغيرات المناخية.

كل الإمكانيات ستكون مسخَّرةً لهذه الفرق، بما فيها مركز البيانات الذي افتُتح في المركز القومي للبحوث، بالتزامن مع افتتاح مركز التغيُّرات المناخية، ويضم أجهزة كمبيوتر بمواصفات خاصة، من حيث السعة التخزينية والسرعة العالية؛ حتى يمكنها التعامل مع الكم الهائل من البيانات الخاصة بالتغيرات المناخية.

ماذا سيعود من نفع على الجهات الشريكة ليستمر تعاونها مع المركز؟

 كما سأتعاون معهم لدراسة ما يحدث على أرض مصر، هم أيضًا سيتعاونون معنا لدراسة ما يحدث على أراضيهم، فمن الممكن إنجاز أبحاث تعود بالفائدة على دولتين أو أكثر بالمنطقة أو العالم.

على سبيل المثال يمكن أن ينتقل باحثون من مصر إلى السعودية للمساعدة في دراسة ظاهرة قد لا يكون لها تأثيرات واضحة عندنا، ويمكن أن يحدث العكس.

وتظهر قيمة التعاون وأهميته في دراسة نشرتها دورية ’نيتشر‘ في أكتوبر الماضي، تشير إلى خطورة ظاهرة التغيرات المناخية على السواحل، التي يقطنها 55% من سكان العالم، وذهبت الدراسة إلى زيادة معدل تآكل السواحل 3 أضعاف عن المعدل الذي كان متوقعًا، وهذا يعني أن استمرار معدلات التآكل على هذا النحو سيؤدي بعد 80 عامًا إلى افتقاد 200 مليون شخص للأرض التي يسكنون عليها.
 
هل من بين اهتمامتكم دراسة ’البدائل‘ التي تُطرح لمواجهة التغيرات المناخية؟

كل ما له علاقة بالتغيرات المناخية سيكون حاضرًا على أجندة اهتماماتنا، وربما ستكون بدايتنا في هذا الإطار تكليفًا من وزارة البيئة صدر في ورشة عمل بحثية أعقبت افتتاح المركز يوم الأربعاء الماضي؛ إذ تساءل مسؤولو الوزارة عن إمكانية توفير حلول للتخلص الآمن من البطاريات التي سيتم استخدامها في السيارات الكهربائية بعد انتهاء فترة صلاحيتها للعمل؛ إذ تنوي مصر التوسع في هذا المجال لتخفيف الضغط على الوقود الأحفوري في إطار مساعيها لمواجهة تأثيراته البيئية الضارة، وفي مقدمتها مساهمته في التغيرات المناخية.

ويخشى مسؤولو وزارة البيئة أن يسعوا لحل مشكلة بتصدير مشكلة أكبر.

ختامًا، ألم يكن غريبًا إسناد إدارة المركز إلى طبيب؟

هذا السؤال أجبت عنه في كلمتي الافتتاحية في أثناء تدشين المركز، ولديَّ إجابة طويلة عنه، ملخصها في النهاية أن ظاهرة التغيرات المناخية سيكون لها انعكاسات على تخصصات مختلفة، منها الصحة والبيئة والزراعة والغذاء والحيوان، وبالتالي يمكن لأي باحث في هذه التخصصات إدارة مركز معني بالظاهرة.
 
  
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع  SciDev.Netبإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا