Skip to content

22/06/15

نواكشوط في سباق ضد الغرق

Nouakchott
حقوق الصورة:Panos/ Samuel Aranda

نقاط للقراءة السريعة

  • انخفاض نواكشوط عن مستوى سطح البحر، والمحيط، والأمطار، والمياه الجوفية يهددونها بالغرق
  • سد الثغرات بالساتر الرملي الطبيعي الذي يصد غائلة المحيط وتقويته هو التدبير الوقائي الوحيد المتخذ حاليا
  • مراوحة في إنشاء شبكة صرف صحي تجنب العاصمة خطر ارتفاع منسوب بحيرة مياه جوفية تحتها

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

]نواكشوط[ مستقبل غامض يترقبه سكان العاصمة الموريتانية بمشاعر خوف وقلق على مدينتهم التي تواجه مخاطر بيئية تصل إلى حد التهديد بالغرق في بضع سنين.

بعض أحياء نواكشوط تحول إلى مستنقع ضخم وتشرد عمارها. فاطمة بنت إسماعيل -وهي من أسرة موريتانية- تعرض منزلها بالجانب الغربي من حي بغداد بمقاطعة الميناء إلى الغرق في موسم الأمطار عام 2013.

تقول فاطمة لشبكة SciDev.Net: ”استنفدنا كل الطرق من أجل تلافي تسرب مياه الأمطار إلى المنزل، من تدعيم أرضياته بالخرسانة وإقامة الحواجز حول البيت، حتى صار يشبه حصنًا لا مسكنًا“.

"تعد مدينة نواكشوط من ضمن أكثر عشر مدن في العالم تضررًا من الاحتباس الحراري"
البنك الدولي

وتستطرد فاطمة: ”لكن القاضية جاءت مع الماء الذي يتسرب من فتحات المرحاض والمطبخ ويفيض، حتى تأكد لنا أن بقاءنا أصبح يشكل خطرًا على حياتنا“، مشيرة إلى أن الماء كان يخف قبل موسم الأمطار بشهر واحد ليعاود الكرة أغزر مما سبق.

وبالفعل غادرت فاطمة في خريف 2014 وأسرتها منزلهم الذي ولدت فيه لتنتقل إلى حي آخر في مقاطعة عرفات؛ عله يكون أفضل. وتدعو فاطمة إلى زيارة حي سوكوجيم في مقاطعة لكصر، وتقول: ”سترون أنه غرق تمامًا“.

هذا ما آلت إليه حال نواكشوط، والتي وضع حجر أساسها الرئيس الراحل المختار ولد داداه لتكون حاضرة بلاده، وكانت وقتها مجرد قرية صغيرة على شاطئ المحيط الأطلسي يقطنها المئات، وعندما أعلنها عاصمة عام 1958 لم يكن يعلم آنذاك الواقع البيئي المؤلم الذي سيواجهها بعد أن تصير آهلة بما يقرب من ثلث السكان خلال خمسة عقود.

دراسات فنية وبيئية تشير إلى سيناريوهات غرق العاصمة الموريتانية، فوفقًا لدراسات بتكليف من السلطات الموريتانية، ستغمر حوالي 80% من المساحة الإجمالية لنواكشوط بالماء في خلال 15 عامًا على الأكثر، أما السيناريو الأسوأ فهو اختفاء المدينة بأكملها بحلول عام 2050 وفقًا لدراسة أعدها المركز الجهوي للاستشعار عن بعد لدول شمال أفريقيا.

كذلك يقول البنك الدولي إن مدينة نواكشوط تعد من ضمن أكثر عشر مدن في العالم تضررًا من الاحتباس الحراري.

السبب الرئيس يكمن في ”وقوع العاصمة تحت مستوى سطح البحر بنحو 50 سنتيمترًا، وأن مياهه تزحف نحوها بمعدل 25 مترًا سنويًّا“، كما يقول ولد لفضال، مكلف بمهمة في وزارة البيئة والتنمية المستدامة في موريتانيا.

أسباب أخرى تسهم في غرق نواكشوط، يشير لها الخبير البيئي الدولي أحمد ولد السنهوري، فالخطر لا يتمثل في مياه المحيط فقط، ”بل هناك أيضًا مياه الأمطار، التي تخضع غزارتها للتقلبات المناخية، إذ تقوم بدور بارز في تقليل فرص نجاتها، بما تسببه من فيضانات“.

ثورات مياه أخرى تشهدها أحياء نواكشوط من تحت الأرض، ”فالمدينة تقع فوق بحيرة جوفية مالحة، منسوبها آخذ في الارتفاع؛ لغياب شبكة صرف صحي“، كما تحول ملوحتها دون صلاحية أراضيها للبناء، كما يوضح السنهوري، مدير الشراكة الإقليمية لحماية المنطقة الشاطئية والبحرية في غرب أفريقيا.

تآكل الحاجز الرملي الطبيعي بين الشاطئ والمدينة عامل آخر من عوامل الغرق، غذاه الاستنزاف المستمر طيلة العشرين عامًا الماضية؛ إذ كان المصدر الأوحد للرمال المستخدمة في أعمال البناء بالمدينة، وكان هذا الحاجز يمثل حماية طبيعية للمدينة من مياه البحر، إلا أنه الآن مهدد بعد فتح ثماني عشرة ثغرة فيه.

والتدابير الوقائية لحماية نواكشوط تتلخص حاليًّا في تقوية الحاجز ضمن إطار ’مشروع تأقلم المدن الشاطئية مع التغيرات المناخية‘، الذي يهدف إلى حماية الشاطئ بالحد من الآثار السلبية الناتجة عن الاستنزاف اللامسؤول لرماله، كما يقول الأمين العام السابق لوزارة البيئة والتنمية المستدامة في موريتانيا، محمد عبد الله السالم ولد أحمدوا.

المشروع عبارة عن شراكة بين وزارة البيئة والتنمية المستدامة الموريتانية ووكالة التعاون الفني الألماني، وبدأ عام 2012، وينتهي عام 2016، بتكلفة مالية بلغت 6.5 ملايين يورو.

وعن المنجز منه أكد ولد أحمدوا أن المشروع في مراحل متقدمة، حيث تم سد أربع ثغرات على امتداد خمسين كيلومترا من الشاطئ، ويقول ولد أحمدوا لشبكة SciDev.Net: ”هذه الثغرات الأربع كن التحدي الأكبر؛ لأنهن الأكثر عرضة للعبث من قبل السكان، وحددهن خبراء على أنهن خطر محدق“، مشيرًا إلى أنه سيجري سد بقية الثغرات دفعة واحدة.

”المدينة تقع فوق بحيرة جوفية مالحة، منسوبها آخذ في الارتفاع؛ لغياب شبكة صرف صحي“ 

أحمد ولد السنهوري، مدير الشراكة الإقليمية لحماية المنطقة الشاطئية والبحرية في غرب أفريقيا

وفي إطار المشروع وضعت أيضًا ثمانمائة حاوية ورودًا ومقاعد إسمنتية للاستراحة، كل ذلك بطريقة تحمي الشاطئ من حركة السيارات رباعية الدفع، التي دائما ما تدمر السواتر الترابية، كما تم شق ممر بطول 200 متر للدخول إلى الشاطئ.

وأضاف ولد أحمدوا: ”نشرنا لوحات ضمن حملة توعوية تحث على المحافظة على الشاطئ، وتوضح العقوبات المترتبة على العبث المتعمد به، والتي أقرتها الدولة ضمن استراتيجيتها الوقائية لحماية الشاطئ“.

ليس هذا كافيًا من وجهة نظر السنهوري، الذي يرى لتفادي غرق نواكشوط، ضرورة وقف تشييد المباني في الأحياء المنخفضة المهددة بالغرق، ونقل الأحياء القريبة من الشاطئ والمهددة إلى أماكن أكثر أمانًا، بالإضافة إلى تشييد شبكة صرف صحي تتلاءم ومعدل الأمطار والمياه المستخدمة من طرف السكان، ووضع خطة لمراقبة مستوى البحيرة الجوفية.

ورغم اعتزام الحكومة الموريتانية إنشاء شبكة صرف صحي بتوقيع اتفاقية عام 2010 تتولى بموجبها شركة صينية البدء في المرحلة الأولى لها في أربع مقاطعات، فإن الجانب الموريتاني تراجع عن المشروع نظرًا لارتفاع التكاليف التي بلغت حوالي 200 مليون دولار أمريكي.

ثم أعادت الحكومة الكرة؛ إذ اجتمع وزير المياه والصرف الصحي الموريتاني خلال شهر مارس الماضي مع المستشار الاقتصادي والتجاري بسفارة الصين الشعبية بنواكشوط؛ لبحث إنشاء شبكة صرف صحي.

 
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لشبكة  SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا