Skip to content

07/04/15

س و ج.. مع أخيم شتاينر عن تغير المناخ والتكيف

Steiner question
حقوق الصورة:SciDev.Net/ Dalia Abdel Salam

نقاط للقراءة السريعة

  • أفريقيا مجبرة الآن على أن تنفق على التكيف من موازنة التنمية
  • لا بد للدول الغنية من مساعدة الدول الفقيرة على الاستعداد لتغير المناخ
  • الاقتصاد الأخضر يوفر على الدولة مبالغ كبيرة تُصرف على الرعاية الصحية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة يتحدث عما يتوقع من قمة المناخ التي ستنعقد في باريس وعما يتطلع إليه.
 
الاستعداد لمواجهة تغير المناخ يحتم على الدول إعادة التفكير في مستقبل التنمية الاقتصادية وتنمية البنى التحتية ونظم الطاقة والنقل، لذا ”لا بد أن نعترف بأنه لا يمكن تحقيق ذلك من خلال اتفاقية واحدة يفرزها اجتماع واحد“.

هذا ما يؤكده أخيم شتاينر، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، مشيرًا إلى الاتفاقية المنتظر توقيعها في ديسمبر القادم خلال مؤتمر المناخ المزمَع عقده في باريس، غيرَ مرجِّح أن تأتي بالكثير.

وبمزيد من الواقعية يقول: ”إن الحد الأدنى الذي نحتاجه من قمة باريس هو التزام الدول بإقرار أهمية وضع آلية للتعاون والتمويل في مجال تغير المناخ“، ما يمثل رسالة واضحة لجميع القطاعات الاقتصادية في الدول، سواء العام منها والخاص.

يرى شتاينر أنه كلما بدأت الدول بالإسراع في دمج عامل التكيف في خطط التنمية أصبحت القدرة على إدارة التكيف أكثر نجاحًا.

شتاينر حاصل على ماجستير في اقتصاديات التنمية والتخطيط الإقليمي والتنمية الدولية والسياسات البيئية من جامعة لندن، وشغل منصب مدير عام الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، وكان سكرتيرًا عامًّا للجنة العالمية للسدود.

التقت شبكة SciDev.Net شتاينر في أثناء الاجتماع الوزاري الأفريقي المعني بالبيئة، الذي انعقد في القاهرة مطلع الشهر الماضي، وأجرت معه هذا الحوار:
 
أشار التقرير الثاني عن ’فجوة التكيف في أفريقيا‘ إلى أن تكلفة التكيف مع تغير المناخ سترتفع إلى 50 مليار دولار أمريكي سنويًّا بحلول عام 2050، حتى مع افتراض نجاح الجهود الدولية لإبقاء الاحترار العالمي أقل من درجتين مئويتين خلال هذا القرن. مَن سيتحمل تلك الفاتورة؟
 
سؤال في غاية الأهمية، فهذا المبلغ غير مسبوق، سواء على مستوى الدول أو على مستوى المجتمع الدولي. ويكفي أن نعلم أن المساعدات التنموية الدولية تبلغ 120 مليار دولار سنويًّا، لذا فإن توفير هذا المبلغ تحدٍّ كبير.

إن تقرير ’فجوة التكيف في أفريقيا‘ ما هو إلا محاولة أولى للوقوف على حجم المشكلة. أفريقيا هي القارة التي ستتأثر أولاً بتغير المناخ، لذا فهي بحاجة إلى نوعين من التمويل لمواجهة تلك الظاهرة: تمويل دولي وآخر وطني من موازنة التنمية الخاصة بكل دولة على حدة.

 أفريقيا مجبرة الآن على أن تنفق على التكيف من موازنة التنمية.

ويأمل الجميع أن يوفر مؤتمر المناخ بعض الوسائل التي تمكن المجتمع الدولي من مساعدة الدول النامية وخاصة الأفريقية منها، فيما يخص التخطيط والإعداد للتكيف، بالإضافة إلى توفير الاستثمارات اللازمة لذلك.
 
كيف يمكن لصندوق المناخ الأخضر المساعدة في عملية التكيف؟ وكيف للدول المتقدمة أن تفي بالتزاماتها تجاه هذا الصندوق في ظل المناخ الاقتصادي العالمي الحالي؟
 
لقد رأينا في السنة الأخيرة أن صندوق المناخ الأخضر لم يعد مجرد فكرة، بل واقعًا ملموسًا، مع وصول تعهدات الدول المتقدمة إلى 10 مليارات دولار.

والحقيقة أن التمويل المتاح حاليًّا من خلال الصندوق ليس كافيًا، لكني أعتقد أن مؤتمر باريس سوف يشجع الدول على المضي قدمًا في مواجهة تغير المناخ، وسيزيد من احتمالات ضخ تمويل أكبر للصندوق في المستقبل.

ما من ضمانات لتوافر مئات المليارات من الدولارات المطلوب توافرها سنويًّا بحلول عام 2020، ولكن حتى الآن لدينا أسباب تدعونا للتفاؤل، تتمثل في أن ضخ التمويل الدولي قد بدأ يتسارع.

لا شك أن المناخ المالي الحالي لا يساعد في تحريك الأمور، لكن لنكن صادقين، فاحتمالات تغير المناخ في الآونة الأخيرة أصبحت أكثر واقعية ودراماتيكية، وبالتالي صار من الضروري أن تعمل الدول معًا، فالدول الغنية لا بد أن تساعد الدول الفقيرة على الاستعداد لتغير المناخ وعلى التحرك نحو اقتصاد أقل ’كربونًـا‘ ومواجهة احتياجات التكيف.

ويظل لديَّ أمل إذا انتهى مؤتمر باريس إلى نتائج جيدة أن يسهم ذلك في تطور الصندوق بالصورة المأمولة بحيث يحقق أهدافه.
 
في عالم مثالي، كيف يمكن أن تبدو الاتفاقية الجديدة المزمع التوصل إليها في باريس؟

مواجهة تغير المناخ على المستوى الدولي تحدياتها كبيرة وتحتاج جهودًا كبرى.

وقمة باريس لن تقدم الاستجابة المثالية، ولكنها يمكن أن تمثل بداية تحرك عالمي لاحتواء غازات الدفيئة، لا سيما انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وعليها أن تسمح للعالم بمواصلة الطريق لإبقاء ارتفاع درجات الحرارة في حدود درجتين مئويتين، بالتركيز على أن مستقبل نظم الطاقة هو في المضي قدمًا نحو الاستراتيجيات منخفضة الكربون.

وإذا كانت الدول النامية قادرة بمفردها على تحقيق بعض التقدم في مواجهة تغير المناخ يمكن لهذه القدرة أن تتضاعف في حال نقل التكنولوجيا وبناء القدرات، ومن الآن فصاعدًا وحتى النصف الثاني من هذا القرن لا بد أن نصل بانبعاثات الكربون إلى صفر، وهذا ما يمليه علينا العلم.

باريس لا بد أن تقود العالم نحو هذا الهدف، بحيث نرى تسارعًا للاستثمارات في التقنيات والسياسات الجديدة، وقد رأينا بالفعل في القاهرة خلال مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة العديد من المبادرات الرائدة من الدول الأفريقية في تلك المجالات.
 
أشارت دراسة الاقتصاد الأخضر في أفريقيا إلى أن الاستثمار فيه يؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي، ويزيد متوسط الأعمار، ويخلق مزيدًا من فرص العمل، ويقلل فجوة الفقر. هل يكون ذلك بوقف الصناعات الملوثة؟ إذا كانت الإجابة بنعم فهذا من شأنه تشريد عمال، ما تعليقكم؟
 
في البداية يجب ألا نغفل علامات الاحترار العالمي، على اعتبار أنه يحدث في مكان ما بعيد عنا وأننا يمكن أن نتابع طريقنا دون مشكلات، فالدول التي تفكر بتلك الطريقة لن ترى الاقتصاد الأخضر فرصة.

لنقترب أكثر من حياة الشعوب وصحتها. وإحصاءات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن التلوث يسبب الوفاة المبكرة لنحو 7 ملايين شخص سنويًّا، هل نحن فعلاً على استعداد لدفع ثمن مثل هذا مقابل التنمية؟

بيت القصيد أننا نستطيع أن نتجه للصناعة والإنتاج الأنظف، صحيح أنه يستلزم بعض الاستثمارات، ولكنه يوفر على الدولة مبالغ كبيرة تُصرف على الرعاية الصحية، والأهم أنه يسهم في إنقاذ حياة البشر.

من ناحية أخرى فإن اقتصاداتنا تعاني الكثير من عدم الكفاءة وإهدار الموارد، والأساس الذي يقوم عليه الاقتصاد الأخضر هو معالجة عدم الكفاءة والاستفادة القصوى من الموارد، على سبيل المثال، التخلص من المخلفات في المقالب العمومية يسبب مشكلات، في حين أن التدوير يحقق استفادة من هذا المورد ويخلق فرص عمل.

مثال آخر، دعم الوقود الأحفوري في بعض الدول مثل مصر لا يصل إلى الفقير، ويلتهم جزءًا كبيرًا من موزانة الدولة بدلاً من توجيه هذا الدعم لمجالات التعليم أو النقل أو الصحة.

لقد بدأت أفريقيا في جنى ثمار التحول للاقتصاد الأخضر، فقد صار الحصول على الطاقة متاحًا بشكل أكبر، بفضل الاعتماد بشكل أكبر على الطاقة المتجددة. في كينيا مثلاً من المتوقع أن يتضاعف إجمالي إنتاج الكهرباء ثلاث مرات خلال السنوات الخمس القادمة بفضل استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

هذه ليست سوى أمثلة لما يمكن أن يتحقق في مجال الطاقة إذا تحولنا للاقتصاد الأخضر.

كل ما نتحدث عنه من البدهيات، ولكنه قد لا يتم كما نريد؛ لأن هناك من يستفيد من الأوضاع الحالية فهناك من يستخدم تكنولوجيات ملوثة ويحقق أرباح طائلة ولن يكون سعيداً بالتحول للاقتصاد الأخضر.

إن رجال الصناعة قادرون على خفض بصمتهم البيئية، ولكن لا بد من وضع حوافز لتشجيعهم، لذا على الحكومات أن تضع أطرًا للسياسات، وما لم يحدث هذا سوف يستمرون في تلويث البيئة؛ لأنهم ببساطة لا يدفعون ثمن التلوث.

لكني على يقين أن الاقتصاد الأخضر سينتصر في النهاية؛ لأنه يحقق التنمية دون أن يؤثر بالسلب على المجتمعات وعلى صحة الشعوب.
 
 
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا