Skip to content

23/06/14

الربط بين البحوث والسكان المحليين بالزراعة العضوية

Camel Ploughing_Flickr_Ray Witlin_World Bank.jpg
حقوق الصورة:Flickr/Ray Witlin/World Bank

نقاط للقراءة السريعة

  • خفضت مؤسسة اجتماعية استخدام الأسمدة والمبيدات مع زيادة الإنتاجية
  • وهي تعمل بشكل وثيق مع العلماء، كما تُموِّل التنمية الاجتماعية
  • يمكن للنموذج أن يبثّ الثقة في التنمية المستدامة والزراعة العضوية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] تنامى مشروع للزراعة العضوية في مصر حتى صار مؤسسة عالمية تحصد الجوائز، كما تخبرنا رحاب عبد المحسن.

خلال زيارة لمصر في عام 1975، تحركت في نفس المهندس الكيميائي والعالِم في مجال الطب إبراهيم أبو العيش فكرة المساعدة في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في وطنه. بعد ذلك بعامين، وبعد 21 عامًا أمضاها في العمل بالنمسا، رجع إبراهيم إلى بلده مصر وفي ذهنه رؤية: وهي إنشاء مشروع من شأنه تحقيق نجاح اقتصادي، إلى جانب تعزيز التنمية الاجتماعية المستدامة.

فقد قرر إبراهيم تأسيس مجتمع مستدام يقوم على الزراعة العضوية؛ لتحسين خصوبة التربة وزيادة إنتاجية المحاصيل. واشترى إبراهيم موقعًا مساحته 300 هكتار (140 فدانًا) من الأراضي شبه الصحراوية بالقرب من مدينة بلبيس، على بعد 60 كيلومترًا إلى شمال شرق القاهرة، وأطلق على المشروع اسم سِيكِم– وهي كلمة مصرية قديمة تعني ’الحياة من الشمس‘.

”لم يكن من السهل تنفيذ ذلك في بلد مثل مصر. كانت العام 1977، ولم يسمع إلا عدد قليل من الناس عن مفهوم الاستدامة، فضلاً عن الأغذية العضوية“، حسبما يقول حلمي أبو العيش، نائب رئيس مجموعة سِيكِم والعضو المنتدب.

يصف حلمي التنمية المستدامة بأنها نهج من خلاله ”يستطيع كل إنسان أن يطور قدراته الفردية، وأن يعيش البشر معًا حياة كريمة، حيث يمكنهم ممارسة النشاط الاقتصادي وفقًا لمبادئ بيئية وأخلاقية“.

ويوضح حلمي مكانة البحث العلمي على رأس أولويات استراتيجية سِيكِم لتعزيز تنمية المجتمع. ويضيف قائلاً: ”منذ البداية، كان البحث والابتكار من الدوافع الرئيسة“.

ومن أهم إنجازات بحوث شركة سِيكِم إسهامها في تخفيض استخدام الأسمدة الاصطناعية ومبيدات الآفات بقدر كبير في صناعة القطن في مصر، على الرغم من زيادة الإنتاجية بنسبة تصل إلى 30%. وقد ساعدت بحوث سِيكِم أيضًا على تحفيز استصلاح الأراضي الصحراوية من خلال تحويل الرمال إلى تربة خصبة بواسطة الزراعة الحيوية؛ وهو أسلوب للزراعة العضوية التي تستخدم المخصبات والسماد للحفاظ على خصوبة التربة، مع الإبقاء على الكائنات الحية الدقيقة بها.
 
بناء مجتمع جديد

حيث إنها اتّخذت من مساعدة المجتمعات المحلية على تلبية احتياجاتها هدفًا، بدأت سِيكِم في اجتذاب قبائل البدو المحلية إلى المشروع ومنحهم فرصًا للعمل.

ولتحقيق أهدافها الاجتماعية الأوسع في التعليم والتمكين، تُنفِّذ سِيكِم أعمال التطوير من خلال منظمات عديدة: كمؤسسة سِيكِم للتنمية، ومركز طبي، ومدرسة محلية، ومدرسة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ومركز للتدريب المهني، وجامعة للفنون والعلوم والتكنولوجيا، والعديد من إدارات البحوث الطبية والصيدلانية والزراعية.

يأتي البحث العلمي على رأس استراتيجية سِيكِم لتعزيز تنمية المجتمع. ومنذ البداية، كان البحث والابتكار من الدوافع الرئيسة.
                                                                                         حلمي أبو العيش، سِيكِم

ويسعى المشروع جاهدًا لتلبية أهدافه الاجتماعية والثقافية من خلال مشاريع معينة، مثل برنامج مكافحة استغلال الأطفال في العمالة، من خلال السماح للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عامًا فقط بالعمل في الحقول لمدة أقصاها ساعتين في اليوم. ويُمضي الأطفال بقية اليوم في مدرسة سِيكِم، حيث يقضون الوقت –بالإضافة إلى دراسة المواد المعتادة– في تَعلُّم التعبير عن أنفسهم من خلال أنشطة متعددة، مثل المسرح والرسم والغناء.
  
روابط مع الأوساط الأكاديمية

تؤدي البحوث العلمية شديدة الدقة –التي يُباشَرُ معظمها في جامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة، وتُعَدّ شركة سِيكِم شريكًا استراتيجيًا لها– دورًا محوريًّا كذلك في المشروع. ويقول حلمي: ”تعمل المنظمتان يدًا في يد“.

وتشغل قدرية عبد المتعال منصب مدير الأبحاث الأكاديمية بالجامعة، وهي أيضًا رئيس قسم البرامج الخاصة والمدعومة؛ وهي وحدة تدعمها سِيكِم تأسست في عام 2008؛ للمساعدة في بدء أنشطة بحثية مبتكرة لأغراض التنمية المستدامة، وتشجيع البحوث متعددة التخصصات، ونشر أفضل الممارسات الجديدة على أساس النتائج التي توصّلت إليها.

تقول قدرية إن أحد الأدوار الرئيسة للقسم هو تعزيز الروابط بين الباحثين المعنيين بالتنمية والمزاولين للمهن، وتعريفهم بأصحاب مصالح التكنولوجيا الجديدة من خلال ورش العمل. وإلى الآن، موَّل القسم 23 مشروعًا بحثيًّا جامعيًّا، تغطي الزراعة العضوية، والمستحضرات الصيدلانية النباتية، والتعليم من أجل التنمية المستدامة، والتنمية الاجتماعية، والاستدامة البيئية.
 
نجاحات التنمية الشاملة

منذ عام 1977، تنامت مبادرة سِيكِم إلى أن صارت مجموعة من الشركات والمنظمات غير الحكومية الصناعية والزراعية متعددة الأنشطة، والتي يَعُدّها البعض إحدى المؤسسات الاجتماعية الرائدة في العالم. واليوم، يعمل بها ما يزيد على 2000 موظف، ولديها شبكة تتجاوز 3000 مزارع ينتجون الغذاء الذي تُصنِّعه سِيكِم بعد ذلك. وتضم مجموعة سِيكِم عشر شركات صناعية تُنتِج في مجموعها 150 صنفًا مختلفًا من المنتجات العضوية، تشمل أغذية، وأنواع الشاي العشبي، وأدوية، ومنتجات قطنية.

يشير توماس أبو العيش -مدير الإعلام الجديد والاتصالات في مجموعة سِيكِم- إلى أن الشركة صارت قادرة على مساعدة الآلاف من المزارعين المصريين على التحول من الزراعة التقليدية إلى العضوية من خلال الجمعية المصرية للزراعة الحيوية التي أنشأتها سِيكِم. ونتيجة لذلك، تتوافر مئات المنتجات العضوية في السوق المصرية، التي تنتجها شركات سِيكِم وغيرها.

وتُوجَّه 10% من أرباح شركات سِيكِم نحو مشاريع التنمية الاجتماعية، التي تجمع الأموال أيضًا من خلال التعاون مع شركاء تمويل دوليين ووطنيين.

ومن خلال مركزها الطبي، تُقدِّم شركة سِيكِم كذلك الرعاية الصحية باستخدام نهج الطب الشمولي للعلاج. وفي عام 2011، عالج المركز قرابة 4000 موظف من الشركة، و30 ألف شخص من المجتمعات المحلية المحيطة بها.

ومن صميم أنشطة شركة سِيكِم التزامها بتعزيز حق كل فرد في المساواة في المعاملة، فضلاً عن مساواة المرأة في المجتمع ومكان العمل. وفي جميع مؤسسات سِيكِم، على سبيل المثال، تكون الاختلافات بين الثقافات والأديان محل تقدير واحترام، مع ممارسة كل من الشعائر الإسلامية والطقوس المسيحية. وتقديرًا لدور الشركة في تعزيز حقوق المرأة، مُنِحَت سِيكِم في عام 2009 جائزة المساواة بين الجنسين من قِبَلِ صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة.
 
استكمال الدورة

يرى توماس أن سِيكِم نموذج يمكن أن يُلهِم المجتمعات الأخرى كي تضع ثقتها في تحقيق التنمية المستدامة والزراعة العضوية. ووصف النجاح الاقتصادي للشركة بأنه نتاج ”القدرة على استكمال الدورة بين الزراعة والصناعة“.

ويقول حلمي إن التحدي الأكبر الآن يتمثل في ”الحفاظ على مركزنا التنافسي أو تحسينه، وجذب القوى العاملة اللازمة وتدريبها“.

وقد نال إبراهيم أبو العيش اعترافًا دوليًّا واسعًا بجهوده. ففي عام 2003، حصل على جائزة المعيشة الصحيحة، التي يُشار إليها أحيانًا باسم ’جائزة نوبل البديلة‘. وذكرت لجنة الجائزة أن سِيكِم أبدت ”مقدرة نموذج الشركات الحديثة على الجمع بين الربحية والنجاح في الأسواق العالمية في ظل نهج يراعي الجانب الإنساني والروحي في البشر، مع الاستمرار في مراعاة البيئة“. لقد تحققت رؤية إبراهيم الأولى على أتم وجه.
 
هذا المقال جزء من سلسلة عقول أفريقيا.. بناء مستقبل أفضل، التي تنتجها شبكة SciDev.Net بالتعاون مع منظمة اليونسكو، وبدعم تمويلي من البنك الإسلامي للتنمية.

المقال أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط ومنشور بالنسخة الدولية يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي: