Skip to content

18/03/15

حصاد الضباب يروي عطش قرى بالمغرب

Fog harvesting Morocco
حقوق الصورة:Dar Si Hmad

نقاط للقراءة السريعة

  • إطلاق مشروع لالتقاط الرطوبة من جبال يلفها الضباب في إقليم ساحلي جنوب المملكة المغربية
  • وحدات المشروع عبارة عن شباك من مواد حساسة تتكاثف عليها قطيرات الماء
  • المشروع يعتق نساء في خمس قرى من عناء استجلاب الماء

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[أغادير[ ”كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ، والماء فوق ظهورها محمول“ يعيش أهل قرى إقليم سيدي إفني الساحلي بجنوب المملكة المغربية، مطر قليل إلى حد الندرة، وشح في مياه الشرب، وضباب كثيف يغشى المنطقة أكثر أيام السنة.

حالهم هذه، تدفع النسوة في القرى إلى الخروج ليلاً والسير مسافات طويلة، ربما استغرقت ساعات؛ بحثًا عن الماء في الآبار النائية بالمنطقة، مع كد ونصَب كبيرين.

والآن تتبدل الحال إلى أخرى، بفضل مشروع يعمل على استحلاب الضباب أو حصده، كان قد بذر فكرته الدكتور عيسى الدرهم، وترعاه وتشرف على تنفيذه جمعية دار سي حماد للتنمية والتربية والثقافة، التي يرأسها.

”منطقة أيت باعمران تمتاز بالضباب الدائم، وحصاده يمثل فرصة للتخفيف من معاناة السكان الناجمة عن ندرة المياه“

عيسى الدرهم، رئيس جمعية دار سي حماد للتنمية

ففي21 مارس الجاري يطلق بشكل رسمي المشروع الذي يروي خمسًا من قرى الإقليم الواقع جنوب أغادير على ساحل المحيط الأطلسي، ليوافق تاليه اليوم العالمي للمياه الذي يأتي الثاني والعشرين من مارس كل عام.

كان الدرهم يعيش في كندا، وفي عام 1989 اطلع على مجهودات شركة ’فوج كويست‘ للحلول المستدامة، الرائدة في مجال حصد الضباب؛ إذ لتوها كانت قد انتهت من تنفيذ أول مشروعاتها في تشيلي بأمريكا الجنوبية. والدرهم يقول إنها أثبتت فعاليتها في منطقة هناك تدعى كامانشكا.

تعتمد تقنية حصد الضباب على شبكات مصممة خصيصًا لالتقاط أكبر كمية ممكنة من رطوبة الضباب وتحويلها إلى قطرات ماء، تُجمع وتُخزن وتُصفى لتصير صالحة للاستهلاك الآدمي في الشرب وأغراض الطهي، وفي الري أيضًا.

قرر الدرهم جلب التقنية؛ إذ يقول: ”منطقة أيت باعمران تمتاز بالضباب الدائم، وحصاده يمثل فرصة للتخفيف من معاناة السكان الناجمة عن ندرة المياه“، والتي تحد من تنمية مسقط رأسه.

هناك يقول أهالي القرى الخمس المستفيدة: إن الضباب موجود تسعة شهور في السنة، في حين تقول الدكتورة جميلة برجاش -وهي من المشرفين على المشروع-: إن الضباب يحل أكثر من 168 يومًا بالعام.

وبدأت التجربة من عام 2006 إلى 2010 بأخذ مقاييس عملية للحاصل اليومي، وقد بلغت النتيجة 10.5 لترات من الماء لكل متر مربع من الشبكة، وذاك الماء صالح للشرب، شريطة إضافة أملاح إليه، أما المغروسات فالتربة الغنية تكفل إمدادها بمختلف أنواعها.

بعد هذه النتيجة المشجعة، تم الانتقال من طور التجربة إلى إقامة شبكة على جبل مزكيدة، بدأ العمل فيها منذ عام 2011، وتم إنجاز 600 متر مربع منها، ومن المخطط أن تصل مساحتها ألف متر مربع.

هناك تتوفر ثلاثة مقومات أساسية لنجاح المشروع، وهي توفُّر ضباب كثيف ودائم، وضغط جوي مرتفع في محيط مائي ذي مياه باردة، إضافة إلى حاجز طبيعي يتراوح ارتفاعه بين 500 و600 متر فوق سطح البحر.

المشروع الأول من نوعه في شمال أفريقيا ممول من عدة جهات، منها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وشركة ’ميونخ ري‘ الألمانية، وجامعة ميونخ التقنية، وسفارة فنلندا في المغرب.

حمل المشروع كمًّا كبيرًا من العمل التطوعي، مما يصعب معه حساب تكلفة دقيقة له، غير أن جميلة برجاش تقول: إن تكلفة الوحدة الواحدة تعادل 120 دولارًا أمريكيًّا.

يوفر المشروع مياهًا صالحة للشرب لنحو 400 شخص (80 أسرة)، بالإضافة إلى 400 رأس من الماشية تقريبًا، ومدرستين

شباك المشروع منصوبة على ارتفاع 1225 مترًا، وهي مصنوعة من مادة ’بولي بروبلين‘ المعروفة بحساسيتها لالتقاط رطوبة الضباب، ويتمم مكونات المشروع بئر، وخزانان بسعة إجمالية تصل إلى 500 متر مكعب، وما يزيد على 9000 متر من الأنابيب الممدودة لإيصال المياه إلى المنازل، ونظام للترشيح والتعقيم، بالإضافة إلى أربعة خزانات فرعية، ومرصد للضباب هو الأول من نوعه في العالم.

يوفر المشروع مياهًا صالحة للشرب لنحو 400 شخص (80 أسرة)، بالإضافة إلى 400 رأس من الماشية تقريبًا، ومدرستين.

النظام بأكمله يعمل بالطاقة الشمسية، حيث أكد المشرفون على المشروع أن لديهم إرادة قوية لتظل كل مقومات المشروع صديقة للبيئة.

التركيز منصب حاليًّا على رصد نتائج المشروع وتطويره، حتى يصبح قادرًا على التصدي للرياح القوية بالمنطقة، والتي تصل إلى 100 كيلومتر/ الساعة.

الدكتورة جميلة برجاش -الأستاذة بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية في الرباط- تقول لشبكة SciDev.Net: ”التقنية المستخدمة بالمغرب تختلف نسبيًّا عن أصلها الذي ابتكرته ’فوج كويست‘؛ حيث استبدلنا بالأعمدة الخشبية التي تنصب عليها الشباك أخرى حديدية؛ لتتلاءم مع مناخ المنطقة والذي يعرف رياحًا قوية جدًّا“.

أيضًا أشارت جميلة إلى أنهم استخدموا وحدة شبكية 15 مترًا، بدلاً من الأحجام المتعارف عليها في التقنية التقليدية، والتي تتراوح بين 12- 40 مترًا؛ ”لأنها الأنسب لمقاومة الرياح“.

يقول الدرهم لشبكة SciDev.Net: ”نعمل بالشراكة مع شركة ’ميونخ ري‘ الألمانية، التي تعمل الآن مع جامعة ميونخ التقنية على تطوير جودة الشباك المستخدمة“.

ويتابع: ”نستخدم الآن ستة أنواع من المادة المكونة للشباك؛ حتى نقف على أحسنها استحلابًا للمياه، وأكثرها مقاومة للرياح“.

وعن استدامة المشروع ذكرت جميلة أنه سيجري فرض فاتورة ماء على السكان المستفيدين، وبتلك الأموال يُستدام المشروع لمدة ثلاث سنوات أو أربع، يسلم بعدها للأهالي؛ لإدارته تحت إشراف الجمعية.

وأوكلت جمعية دار سي حماد إلى نساء القرى مسؤولية متابعة المياه والمحافظة على استمرارية المشروع.

ليسلي دودسن -المسؤولة عن المتابعة مع النساء والفتيات بالمنطقة- علمت النساء كيف يرسلن عبر الهواتف المحمولة رسائل نصية تتعلق بتتبع المشروع؛ لإخطار الجمعية حال وجود عطل أو تسرب للمياه، عبر رسائل نصية متفق عليها، لتعالج المشكلة فورًا، كما يجري أيضًا الإبلاغ بالتحولات المناخية المختلفة في المنطقة.

تشير جميلة إلى أن فريق العمل بالمشروع ”على استعداد لنقل هذه التقنية وتعميمها، خاصة بجبال الأطلس، وفي بعض المدن الساحلية، مثل طنجة وتطوان على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وفي كل المناطق التي تعرف ضبابًا كثيفًا بالمنطقة العربية“.

 

 
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.