Skip to content

27/07/16

لنستثمر في تقنيات الإنترنت القادرة على نشر السلام

Students at a Kunskapsskolan school in Stockholm use computers
حقوق الصورة:Jan Johannessen / Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • التبادل الطلابي المادي نادر، وقليلًا ما يجسر الفجوات الثقافية الكبرى
  • التكنولوجيا تتيح للشباب الغربي التفاعل مع نظرائه من العالم النامي
  • تدعم كل من الولايات المتحدة وأوروبا برامج التبادل الافتراضي

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يَعِد التبادل الافتراضي بتضييق هوة الخلافات من أجل وقف دوامة العنف والخوف، كما يقول شامل إدريس.

تقوم التكنولوجيا بتثوير قدرتنا على الاتصال. والحق أنه لا تزال هناك فجوات اتصال واسعة في بعض أنحاء العالم، لكن هذا لا يعمينا عن حقيقة أن ردم هذه الفجوات جارٍ على مدار اليوم، وإذا كان مليارا شخص ’فقط‘ يتواصلون عبر الإنترنت الآن، فبحلول عام 2021 سيتواصل من خلالها خمسة مليارات.

التكنولوجيا التي تقرِّب الشعوب، صار من المسلَّم به أن للإنسانية سجلًّا حافلًا في استخدامها عتادًا للحرب ووَقودًا. فلقد واكب مقدم القرن العشرين إنجازات في الترحال والاتصال -مثل الهواتف والسيارات والطائرات- ما لبثت أن جرى استغلالها في شن الحروب خلال القرن؛ حتى بات أكثرَ القرون دمويةً في تاريخ البشرية.

بيد أنها عجّلت أيضًا بطلوع فجر تواصل عالمي غير مسبوق، ووعي جمعي تجلّى في إنشاء الأمم المتحدة، وظهور حركات عالمية من أجل النهوض بحقوق الإنسان وحماية البيئة والقضاء على الفقر.

”التبادل الافتراضي يوفر وسيلة لوقف دوامة سامة من العنف والخوف“.

شامل إدريس، منظمة البحث عن أرضية مشتركة

فإذا كانت التكنولوجيا لا تفتأ تمنح الناس قدرة متزايدة على التواصل مباشرة بعضهم مع بعض، متخطين الحواجز القائمة بينهم، فكيف لا يمثل هذا لبنة تدخل في بناء السلام الذي يدور -في جوهره- حول تنشيط العلاقات الإنسانية وتيسيرها؟

التبادل الافتراضي أجدى

فكروا في مجال التبادل الافتراضي البازغ؛ ذلك الذي قوامه برامج تعليم من الناس وإليهم؛ تستدام وتيسر وتخول بالتكنولوجيا، ما يمكِّن أي شخص لديه اتصال بالإنترنت من الحصول على تجربة عابرة للثقافات، وذات مغزى، تسهم في تعليمه، عن طريق أساليب مختلفة، من بينها مؤتمرات الفيديو.

صحيح أن التبادل الذي يجري عن طريق انتقال المرء بشخصه، أي بشحمه ولحمه،  يسهم أيضًا في بناء المشاركة الوجدانية العابرة للثقافات، بل وفي التعاون الدولي كذلك، لكن الواقع يخبرنا أن أقل من 2% من الشباب يشاركون في برامج تعتمد على الحط والترحال. ولا تجسر أكبر نسبة من هؤلاء -المتنقلين بين الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية– أيًّا من الفجوات الثقافية الكبرى.

وعلى امتداد العقدين الماضيين، ما برح رواد التبادل الافتراضي يجوِّدون وينقحون برامجهم للعمل مع الأطفال والشباب؛ لتحقيق نتائج معمَّقة ترسي أسس السلام.

ومن الأمثلة البارزة في هذا الصدد، منظمة سوليا غير الربحية، المعنية بالتواصل الثقافي والتعليمي، التي تولّيت رئاستها في السنوات الأخيرة. فمن خلال عقد شراكة بحثية مع مختبر علم الأعصاب المعرفي الاجتماعي ’ساكسيلاب‘ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة، أظهرت سوليا أن جمع الشباب والبالغين من أمريكا وأوروبا مع نظرائهم في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، ينتج باستمرار قفزات كبيرة في المشاركة الوجدانية العابرة للثقافات، ومهارات التواصل والتعاون بين المشاركين (النتائج في انتظار النشر).

فقد تزامن برنامج سوليا للتبادل الافتراضي، الذي استمر ثمانية أسابيع في مطلع عام 2013، مع تفجير ماراثون بوسطن بفعل متطرفين مسلمين، والمطاردة التي تلت ذلك وحظيت بتغطية إعلامية مكثفة لمدة 24ساعة. خلال تلك الأحداث، تمكن باحثو ساكسيلاب من اختبار تأثير مقولات شائعة مثل ”الإسلام دين عنف بطبيعته“، وأن ”المسلمين خطرين“ على وجهات نظر المواطنين الأمريكيين.

رفض المشاركون في التبادل الافتراضي هذه التصريحات المعممة على مستوى دال إحصائيًّا مقارنة مع المجموعة المرجعية من مواطني الولايات المتحدة، ولا تزال هذه الفجوة قائمة بعد أشهر من انتهاء البرنامج.

”التبادل الافتراضي يوفر وسيلة لوقف دوامة سامة من العنف والخوف“.

شامل إدريس، منظمة البحث عن أرضية مشتركة

تقنيات لوقف العنف

في عصرنا الحالي الذي تحظى فيه الهجمات الإرهابية بتغطية إعلامية تهدف إلى تأليب مجتمعات بأكملها بعضها على بعض، فكِّر في قيمة برامج قابلة للتطوير، يمكنها تحصين الشعوب من نزعات التعميم التي تصم وتتهم وتنسب أعمال عنف يرتكبها عدد قليل من أي جماعة ذات هوية مميزة، ويدعي مرتكبو العنف تمثيلها.

إن المجتمعات حول العالم مهددة من خلال ردود الفعل القائمة على الخوف تجاه الهجمات الإرهابية مثلما تهددها الهجمات نفسها. والتبادل الافتراضي يوفر وسيلة لوقف دوامة مسمومة من العنف والخوف.

وفي حل النزاعات، لطالما تعرضت نظرية الاتصال للهجوم التي تقول إن التفاعل بين أعضاء مجموعات مختلفة قد يحسّن العلاقات بين المجموعات على نطاق أوسع. هذا لأنه من الصعب إثبات وجود صلة بين عدد محدود من إنجازات العلاقات بين الأشخاص، وحالة العلاقات بين المجموعات على نطاق رحب.

لكن الإنجازات في العلاقات بين الأشخاص على نطاق رحب لم يتم اختبارها؛ لأن إجراء تبادلات على أوسع مدى لم يكن ممكنًا قَط. التكنولوجيات الجديدة تغيِّر هذا، وتقدم -في إطار هذه العملية- إمكانيات جديدة مثيرة لبناة السلام.

هذا الوعد هو ما دفع الرئيس باراك أوباما في عام 2015 للإعلان عن أول صندوق مخصص في العالم للتبادل الافتراضي. وهو ما ألهم الاتحاد الأوروبي بدوره في الشهر الماضي لإماطة اللثام عن خطط لدعم التبادل الافتراضي في عام 2017.[1] 

والهدف الرسمي للصندوق الذي أعلنه أوباما هو تمكين مليون عملية تبادل افتراضي بين الولايات المتحدة والعالم العربي في غضون خمس سنوات- وهو هدف قد يكون مستحيلًا للتبادل المادي.

ولا يعِد التوسع في بناء العلاقات بين الأشخاص سوى شريحة واحدة ضيقة من مجموعة أوسع بكثير من تجارب وإمكانيات بناء السلام المدعمة بالتكنولوجيا. 

إن نظم الإنذار المبكر التي تجمع البيانات تنقذ الأرواح في مناطق الحرب، ويأخذ بعض المطورين الشباب بزمام الأمور للحد من العنف، مثل فتيات يبلغن من العمر 13 عامًا من أحد الأحياء الفقيرة في مومباي، طورن تطبيق هاتف محمول لمنع العنف ضد المرأة عن طريق إطلاق إنذار ينبه الأهل والأصدقاء لموقعها عندما يشعرن بالخطر.

ومع ذلك، اجتماع التكنولوجيا والطبيعة البشرية لن ينتج بالضرورة عالمًا أكثر سلامًا. لكن المؤشرات المبكرة تبين أننا لو استثمرنا في تطوير ونشر تكنولوجيات جديدة بغرض بناء السلام، فسنشهد إنجازات تاريخية حقًّا في عملية بناء سلام يقودها المواطن.

شامل إدريس رئيس منظمة البحث عن أرضية مشتركة غير الربحية، وعضو في منتدى القيادات العالمية الشابة في المنتدى الاقتصادي العالمي، وفائز بجائزة المدير التنفيذي الجديد لمؤسسة المجتمع المفتوح في عام 2015. وكان يعمل في السابق نائب مدير منتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، ومستشارًا أول فيالمنتدى الاقتصادي العالمي، والمدير التنفيذي لمنظمة سوليا. يمكن التواصل معه على [email protected]

هذا المقال جزء من إضاءات حول التكنولوجيا من أجل السلام يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:

Online connectivity for peace? It’s a matter of scale

References