Skip to content

02/04/13

استثمروا في الأنظمة الصحية من أجل مقاربة متوازنة

Weak health systems
تُعد الأنظمة الصحية الضعيفة من أسباب فشل القضاء على الأمراض في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل حقوق الصورة:Flickr/ US Army Africa

نقاط للقراءة السريعة

  • • تميل الوكالات العالمية إلى التركيز على الأمراض الرئيسية، ومن ثم فإن الأنظمة الصحية تعاني نتيجة لذلك
  • • يمثل التبرع بالسيارات أو أجهزة الكمبيوتر حلولاً سريعة لا ترقى إلى المستوى المطلوب
  • • ثمة حاجة إلى مقاربة ذات شقين لدعم الأنظمة الصحية وغيرها من البرامج

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

على الرغم من بذل الكثير من الجهد وإحراز بعض التقدم، يكافح العديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لتحسين صحة سكانها، ويفوتها تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية ذات العلاقة بالصحة.
 

في معظم الحالات، تقوم الوكالات العالمية التي تدعم هذه الدول بضخ الأموال في عدد قليل من البرامج ذات الأولوية، مثل مكافحة الملاريا. عندها يبدو منطقيًّا -صريحًا كان ذلك أم ضمنيًّا- ألا نحاول معالجة ضعف الأنظمة الصحية التي تعمل هذه البرامج تحت مظلتها؛ إما لعدم أهميته أو لصعوبته.
 
لكن النظام الصحي في بلد ما يمثل قاعدة أساسية تدعم البرامج الصحية كافة. وبغض النظر عن الحالات الاستثنائية، حيث تجعل طبيعة المرض من القضاء عليه أمرًا ممكنًا (مثل الجدري)، يشير التاريخ إلى أن عزل البرامج الصحية عن سياقها وعن الأنظمة التي تعمل ضمنها لا يؤدي إلى نجاح مستدام.

لا حلولَ سحرية

من الأمثلة على ذلك فشل البلدان الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى في تكرار تجربة القضاء على الملاريا في أمريكا الشمالية وأجزاء من أوروبا.

ويعد ضعف الأنظمة الصحية من بين أسباب فشل تلك الجهود. بعض المشكلات التي تكتنف القضاء على مرض شلل الأطفال في أكثر المناطق تحديا يبدو أنها تتعلق بالسياقات والأنظمة أكثر من ارتباطها بالإجراءات الفنية.
 
وفي بعض الأحيان، يضاف 'تعزيز الأنظمة الصحية' بحسبانه هدفا ثانويا عند الاعتراف بأن هذه البرامج الانتقائية أو "الرأسية" ترتكز بالفعل على أنظمة صحية ضعيفة.
 
لكن الإجراءات المتخذة كثيرًا ما تقع ضمن فئة 'الحلول السحرية' أو السريعة. إن شراء وتوزيع السيارات، أو ترميم المراكز الصحية، أو التبرع ببعض أجهزة الكمبيوتر؛ تُعد أمثلة نمطية على مقاربات 'تعزيز الأنظمة' التي يوفرها شركاء التنمية الدولية والجهات المانحة، والمؤسسات الخاصة، وحتى الحكومات الوطنية.
 
بالطبع توفير هذه المدخلات التي تشتد الحاجة إليها في كثير من الأحيان ليس أمرًا سيئًا في حد ذاته، لكن تسميتها 'تعزيز الأنظمة' يُظهر قصورا في فهم طبيعة الأنظمة الصحية.
 

عواقب غير مقصودة

إن الطبيعة المعقدة للأنظمة الصحية تعني أنه لا يمكن فهمها تماما إلا بتقدير العلاقات والروابط بين أجزائها. فالأنظمة الصحية في حالة مستمرة من التنظيم الذاتي والتكيّف، بناء على الخبرة المكتسبة؛ ومن ثم فإن التدخل في أحد أجزاء النظام ستكون له في الغالبية العظمى من الحالات تأثيرات متتابعة- وبالتالي فإن حلا سحريا (يطرح اليوم) قد يصبح جزءا من الجيل التالي من المشكلات.

ومن أمثلة ذلك: تطبيق غانا لبدل مقابل ساعات العمل الإضافية؛ ردَّ فعل لتدني رواتب العاملين في الصحة، وكانت عاقبته زهاء عقد من الاضطرابات الصناعية والفواتير متزايدة
القيمة. وفي نهاية المطاف، كان من الضروري تطبيق إصلاح شامل للمرتبات- وهو ما حاول صناّع القرار تجنبه قدر الإمكان. [1]
 
إن تجنّب إصلاح الأنظمة الصحية المتداعية يشبه قطف الثمار الدانية: وأثناء جنيها، سيزداد وضوح انحناء الفروع العليا تحت وطأة المحصول الذي لم يتم قطفه.
 
أتذكر شعوري بالإحباط- عندما كنت أعمل مسؤولة طبية إقليمية- من حملات التمنيع الجماعية للأطفال؛ إذ كانت تؤدي إلى تقلبات واسعة في التغطية من سنة إلى أخرى، بدلا من توفير مستوى عال ومستدام من التغطية. إلا إننا، بعد دمج التمنيع في الخدمات الصحية الروتينية والاستثمار في تعزيز هذه الأنظمة، بدأنا نشهد ارتفاعا بطيئا ثابتا نحو هدف الوصول بنسبة التغطية إلى 80%.[2]
 

اتّباع المال

إن الدول مسؤولة عن تطوير الأنظمة الصحية داخل حدودها، ولها الحق في ذلك. لكن حكومات البلدان الفقيرة، التي تعتمد على الجهات المانحة، تقع تحت تأثير مموليها.
 
وبقدر الحاجة إلى الدعم المالي، فإن المقادير الكبيرة من الأموال المخصصة لمكافحة الأمراض ذات الأولوية يمكنها في بعض الأحيان أن تقزّم آليات التمويل الخاصة بالبلاد الفقيرة، لدرجة أن الأولويات المرتبطة بأمراض محدّدة قد تطغى على الاستثمار في الأنظمة الصحية.
 

على سبيل المثال، فإن برنامجا جيد التمويل نسبيا لمكافحة فيروس العوز المناعي البشري/ الإيدز قد يجتذب قدرًا معتبرًا من الموارد البشرية وغيرها من أجل الحفاظ على أهدافه، لدرجة أن امرأة مصابة بفيروس العوز المناعي البشري، أتمت فترة حملها بفضل تناول أحدث الأدوية المضادة للفيروسات، قد تموت بسبب نقص القابلات أو عدم كفاية خدمات الولادة في حالات الطوارئ.

التوازن بين الأولويات

باعتراف الجميع، فإن البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لا تمتلك -حتى في وجود المساعدات- ما يكفي من الموارد للتعامل مع جميع الأولويات اللازمة لتعزيز الأنظمة الصحية. لكن عدة عقود من التجربة مع المقاربات الانتقائية تشير إلى أن ذلك أيضا ليس هو الحل المنشود.
 

ومن أجل المضي قدما، هناك حاجة إلى طريقة ثالثة؛ وهي مقاربة ذات شقين تعالج قضايا الأنظمة الصحية في حد ذاتها جنبا إلى جنب مع البرامج المحددة التي ترتكز إلى الأساس المشترك نفسه.

كخطوة أولى، يمكن للوكالات الصحية العالمية أن تتفق على تخصيص نسبة معينة من أموالها لتنفيذ برامج مشتركة لتعزيز الأنظمة الصحية التي تتعرض لتقويض أهدافها في العديد من البلدان. وفي الحالة المثالية، فإن كل دولار يوجّه إلى تدخل انتقائي يجب أن يقابله إنفاق دولار على تعزيز الأنظمة الصحية.
 
بيد أن مجرد زيادة التمويل لن يؤدي بالضرورة إلى تعزيز الأنظمة الصحية؛ فالقدرات الأخرى، مثل العلم والقيادة ضرورية أيضا.
 
لكن إيجاد طريقة لتطوير الأنظمة الصحية سيساعد على موازنة الأولويات على المستوى المحلي من أجل تحسين الصحة العالمية. دعونا نبحث الآن عن هذا البديل الثالث.

References

[1] WHO/World Bank World Report on Disability (WHO, 2011) 

[2] Coe, S. and Wapling, L. Travelling together (World Vision UK, 2010) 

[3] Innocenti Research Centre Promoting the Rights of Children with Disabilities (UNICEF, 2007)