Skip to content

03/06/13

ما وراء البيانات الصحفية.. كيف تنقّب عن القصص العلمية؟

internews
من المهم أن تخرج من غرفة الأخبار حقوق الصورة:Flickr/ Internews Network

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يحتاج الصحفيون العلميون باستمرار إلى أفكار حول مقالات جديدة. ولكون وقتك محدودا، فمن المغري أن تلتقط ببساطة القصص من البيانات الصحفية الموجودة على مكتبك. لكن ذلك يجعلك تفقد الكثير من القصص العلمية الرائعة، ويعرّضك لخطر تجاهل الأحداث والقضايا التي يتوجب عليك تغطيتها. وبالإضافة إلى ذلك، من الممكن لعدد قليل من المقالات الحصرية أن يفعل الكثير لتنمية حياتك المهنية. سنوضح هنا كيف يمكنك العثور على مزيد من القصص، بداية من تحقيق الاستفادة القصوى من البيانات الصحفية، إلى استغلال المصادر غير المألوفة.

المحطة الأولى: البيانات الصحفية

تمثل البيانات الصحفية الطريقة التي تقوم بها الجامعات، ومراكز البحوث، والمجلات، والعديد من المنظمات الأخرى بنشر وتوزيع أخبارها العلمية. وعادة ما يسهل التسجيل لتلقي هذه البيانات الصحفية من المكاتب الصحفية والمواقع الإلكترونية المخصّصة. وعلى الرغم من أن جميع الصحفيين يستخدمون البيانات الصحفية، فإن ما تفعله بها هو المهم.

يمكن للصحفيين العلميين المتخصصين أن يتلقوا أكثر من مئة بيان صحفي يوميًّا، ولذلك فالتحدي الذي يواجهونه هو اختيار البيانات الصحفية التي تستحق المتابعة.

تنطوي جميع البيانات الصحفية على بعض المبالغة؛ فقد ترغب المنظمة المعنية في تأكيد دورها في أبحاث العلماء، وقد ترغب إحدى المجلات في تسليط الضوء على الأبحاث "الرائدة" التي تنشرها، وهكذا. والأمر متروك لك لتقييم ما إن كان البحث المعني يمثل قصة تستحق نشرها لجمهورك أو لا. وبهذا الخصوص، ستحتاج إلى تقييم سُمعة المصدر، والإنجازات البحثية للخبراء الذين تم الاستشهاد بهم وقائمة منشوراتهم، والأهم من ذلك هو الأدلة القاطعة المعروضة.

من شأن البيان الصحفي الجيد أن يُرشدك إلى فتح علمي جدير بالنشر، لكن عليك استقصاء الأمر أكثر، وطرح المزيد من الأسئلة، والتثبّت من صحة الحقائق، واستخدام البحوث ذات الصلة؛ لوضع القصة في سياقها الصحيح، وإضافة منظور محلي إذا أمكنك ذلك. وإذا استخدمت نص البيان الصحفي دون تعديل، فعليك الاستشهاد به على هذا النحو.

إن استنساخ البيانات الصحفية حرفيًّا -وهي ممارسة تُعرف استخفافا باسم "صحافة القص واللصق" churnalism– يُنتج مقالات تفتقر إلى الأصالة، والسياق، والرؤية، والتوازن والخلفية. وعلى سبيل المثال، فقد أصدرت جامعة ويتواترسراند في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، بيانا صحفيا حول نشر مقال في مجلة "ساينس" Science حول اكتشاف طلاء يعود إلى مئة ألف سنة خلت؛ فقام جون ييلد، وهو كاتب علمي في صحيفة "ذي كيب أرجوس"، بإعادة صياغته إلى قصة ساحرة– في حين بدا نفس الخبر عند نشره في صحيفة "ذي تايمز" وكأنه مأخوذ مباشرة من البيان الصحفي.

تذكّر أن البيانات الصحفية المتميزة ستصل غالبا إلى كل الكتاب العلميين في منطقتك، أو إلى أبعد منها؛ وأن صحافة القص واللصق ستكون واضحة، وذلك ليس أمرا جيدا لسُمعتك.

خصّص وقتا للحديث

من الممكن لكل باحث ومعلّق تُجري معه لقاء صحفيا أن يُصبح مصدرا مستقبليًّا للأخبار، ولذلك لا تنظر إليهم على أنهم مفيدون لمقال واحد فحسب. إن بناء العلاقات مع الناس أمر بالغ الأهمية، وعلى الرغم من أن ذلك قد يشغل قدرا من الوقت، فهو غالبا ما يؤتي ثماره.

يمثِّل استخدام العلماء للمدونات (وتويتر) طريقةً رائعة لسماع ما يقولونه عن آخر الأبحاث الجارية في مجالاتهم، وللتعرّف على ردود فعل الآخرين تجاهها. وقد يساعدك ذلك أيضا على كتابة تقارير عن الأبحاث العلمية فور نشرها، مما يتيح لك تغطية العملية البحثية والتحديات التي تكتنفها، وليس نتائجها النهائية فحسب.

عليك قضاء بعض الوقت مع العلماء إذا أمكنك ذلك. تواصل مع المسؤولين الصحفيين المحليين وأبلغهم باهتمامك بحضور الفعاليات الإعلامية، واللقاءات والمؤتمرات الصحفية المفتوحة. وبوسعك أن تركّز على المجالات العلمية التي تهمك على نحو خاص، وبالتالي بناء شهرتك بكتابة تقارير منتظمة ودقيقة حول مواضيع معينة.

وبمجرد أن تشرع في التعرف على أحد العلماء، اسأله عما إذا كان بوسعك مرافقته في رحلة بحثية. إن قضاء بعض الوقت مع العلماء "في الميدان" يمثل واحدة من أفضل الطرق التي يمكنك استخدامها في تعميق معارفك.

إن بناء علاقة جيدة مع المسؤولين الصحفيين في الجامعات والمؤسسات البحثية الأخرى سيساعدك على الوصول بسرعة إلى الخبراء المعنيين عندما تقترب المواعيد النهائية لنشر أبحاثهم. وبمرور  الوقت، ستتمكن من بناء قائمتك الخاصة من العلماء الموثوقين والمتعاونين مع وسائل الإعلام، والذين يمكنك الاتصال بهم عند الحاجة. حاول توسيع هذه القائمة باستمرار، بحيث لا تحتاج للاستشهاد بأقوال نفس الخبراء مرارا وتكرارا.

وفور أن يعرفك العلماء جيدًا، قد يعرفونك على الخبراء في مجالات أخرى، أو حتى يزودونك بلمحات عن الموضوعات العلمية الجديدة التي يسمعون بها، على طريقة "أخبرتني به العصفورة". وإذا كنت تعمل في إحدى البلدان النامية، فإن التواصل مع الخبراء المحليين سيساعدك على صياغة مقالاتك وفقا للاهتمامات المحلية.

وبعد أن تنتهي من بناء شبكتك الخاصة من العلماء والمسؤولين الصحفيين، ابق على اتصال بهم؛ وقد يكفي لذلك مجرد إرسال رسالة عبر البريد الإلكتروني أو الاتصال بهم هاتفيا من آن لآخر، ومن ثم التعرف على أكثر الموضوعات أهمية بالنسبة لهم في ذلك الوقت. مطلوب منك أن تجعلهم يفكرون بك أولاً إذا رغبوا في إبلاغ أحد الصحفيين بموضوع حصري. لكن حذار أن تتحول إلى 'مشجّع' ضعيف التمييز- تذكر أين تكمن الحدود. أوضح لهم أنك ملتزم –بوصفك صحفيا- بالتشكك في جميع المعلومات التي يتم تزويدك بها، وأن تذكر في تقاريرك الصحفية كافة الجوانب ذات الصلة بالموضوع. يتوجب على مصادرك إدراك أنك تخدم مصلحة جمهورك، أولا وقبل كل شيء. قد تحتاج أن تشرح لهم أنه يتوجب عليك طرح أسئلة حول أخلاقيات البحوث المعنية، وقيمها، وتكاليفها، وكذلك آثارها بالنسبة للمجتمع.

أوراقهم البحثية هي مقالاتك العلمية

تمثل الأوراق البحثية مصدرًا حيويًّا للأخبار العلمية، ومن الممكن أن تتكشف عن موضوعات جديرة بالنشر، بيد أن أحدًا آخر لم يكتب عنها. وإذا لم تكن المنظمات البحثية في بلدك تنشر تقاريرها على نحو جيد، فبوسعك أن تبقى مطّلعًا على أحدث التطورات في منطقتك من خلال مطالعة المجلات. تبدو متابعة عدد كبير من المجلات عملية شاقة، لكن العديد منها يوفّر تنبيهات عن طريق البريد الإلكتروني أو قائمة بالتحديثات بصيغة RSS، بحيث تقوم بإرسال التحديثات إليك مباشرة، دون أن تحتاج إلى تذكّر مواعيد نشرها. لكن تذكّر أن أحدا لا يمكنه تتبّع  جميع الأخبار العلمية الجديدة في كافة المجلات، وبالتالي عليك اختيار أكثرها ملاءمة لاهتماماتك.

ليست جميع المجلات متساوية، كما أن القصص العلمية "العظيمة الأثر"  تُنشر في الغالبية الساحقة من الحالات في مجلات كبيرة مثل "نيتشر" و"ساينس". ولكن إذا كنت تعمل ضمن فريق متخصّص، أو تركّز على العلوم المحلية، فقد تكون المجلات الصغيرة هي مصدرك للعثور على أفضل موضوعاتك. وبمرور  الوقت، سيتضح لك أي المجلات يتوجب عليك متابعتها وأيها تستحق اهتماما أقل.

اطلب من الخبراء المعنيين ترشيح عدد من المجلات لك، ثم اكتشف أيها تقدم خدمات للصحفيين، مثل تنبيهات البريد الإلكتروني أو البيانات الصحفية. وكذلك اطلب من الباحثين إبلاغك عند نشرهم لمقالات ذات أهمية إخبارية، أو عند اطلاعهم على بحث مثير للاهتمام. عليك أن تضع في اعتبارك أن تصورهم لما له أهمية إخبارية قد يختلف عن تصورك، لكنك إذا استطعت التعبير لهم عما تسعى إليه، قد تحصل على الأفضلية لديهم.

غالبا ما تكون ملخصات الأبحاث العلمية متاحة للقراءة مجانًا، مما يزودك بفكرة عن الأخبار التي تستحق النشر. ولكن إذا استخدمت القصة، عليك قراءة الورقة البحثية بأكملها؛ فالملخصات لا تزودك بالآثار والتداعيات، وقد تبالغ البيانات الصحفية في تضخيم أهمية البحث، بل وأحيانا ما تفسّر النتائج على نحو خاطئ.

وعندما يتوجب عليك تقييم أهمية إحدى الأوراق البحثية بنفسك، من المفيد أن تقوم بتقييمها بكل بعناية. إذا كنت في شك، اطلب رأي عالم لا علاقة له بالورقة المعنية، فقد يُخبرك بأن الطرق البحثية المُتّبعة معيبة، أو أن النتائج لن يكون لها تأثير يُذكر، مما يجعلك تُعيد التفكير في الأهمية الإخبارية لتلك الورقة.

غالبا ما تكون الأوراق البحثية الكاملة مُتاحة لاطلاع الصحفيين، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فكثيرا ما يزودك العلماء بالبراهين اللازمة. وهناك الكثير من المصادر التي تتيح لك العثور على الأوراق البحثية التي يمكن الاطلاع عليها بالمجان، مثل دليل العلوم المفتوحة، ودليل المجلات ذات الوصول المفتوح، ومشروع الدليل المفتوح، وموقع Pubmed Central. وهناك مواقع أخرى قد لا تشير إلى الأوراق البحثية ذات الوصول المفتوح، لكنها توفر قواعد بيانات شاملة. ومن بين أكثرها رواجا نجد: ScienceDirect، وJSTOR، وPubmed، في حين تحتوي قاعدة البيانات Scirus أيضًا على معلومات حول العلماء والمؤسسات التي يعملون بها.

اتسم بالشفافية. إذا كنت تمارس الكتابة للنشر على الإنترنت، فعليك تزويد رابط المقالة الأصلية. وإذا لم تفعل ذلك، يمكنك على الأقل ذكر المجلة والباحثين المعنيين، بحيث يمكن للقراء العثور على المقالة بأنفسهم.

تذكّر أيضا أن النشر يمثل في بعض الأحيان مجرد بداية لقصة علمية. عليك الاتصال بالعالم المعني لمتابعة التطورات، وفكّر بتتبّع ما إن كان غيره من العلماء يستشهدون ببحثه بمرور الوقت.

تحقيق أقصى استفادة من المؤتمرات

يمكن أن تزودك المؤتمرات العلمية "بخطاف للأخبار" في الوقت المناسب، بحيث تُظهر الفعاليات العلمية على الصفحات الإخبارية وفي نشرات الأخبار. وفي حين أن المحاضرات التي يتم إلقاؤها في المؤتمرات لا تخضع بالضرورة لمراجعة الزملاء (حتى الآن)، فهي تقع ضمن نطاق الملكية العامة (ما لم يُحظر على الجمهور ووسائل الإعلام حضور الجلسات)، وبالتالي يمكنك كتابة تقرير عنها.

يمكنك الاطلاع على النصائح المنشورة على الموقع  SciDev.Net بخصوص تغطية المؤتمرات العلمية، وذلك للحصول على أفكار تفيدك في الاستعداد لمؤتمر كبير. وإذا أردت الحصول على بعض التصريحات الحصرية، عليك حضور الجلسات المصغّرة أيضا، كما أن فترات الاستراحة والغداء توفّر فرصًا للتحدث وجها لوجه مع أهم الباحثين العالميين الذين قد يكونون في زيارة قصيرة لبلدك.

لا تكتف بحضور المؤتمرات الكبرى، فكثيرًا ما تُدعى وسائل الإعلام إلى الاجتماعات الأصغر حجما. وعلى الرغم من أن هذه لن تمكّنك بالضرورة من الحصول على سبق صحفي، إلا أنها تزودك بالعديد من المعلومات الأساسية والمعارف الشخصية المفيدة، مما يتيح لك التعرّف على كيفية سير الأمور في أوساط علمية بعينها.

ومن بين الطرق الأخرى لتتبّع المجالات العلمية التي تحظى بالأولوية لديك: أن تتابع المنح البحثية الضخمة، وبرامج الأبحاث الحاصلة على تمويل مؤخرا، والفائزين بالجوائز العلمية. ويمثل رؤساء الهيئات المموّلة للعلوم، وصنّاع القرار في الجهات الحكومية والأكاديميات والجمعيات العلمية، مصادر قيّمة للتعليقات (والتخمينات في بعض الأحيان) حول التحديات، والتوجهات، والمبادرات العلمية الجديدة.

مهنة مبنية على المصداقية

مهما كان المصدر الذي تحصل منه على أفكار لمقالاتك، فإن الحفاظ على مصداقيتك أمر بالغ الأهمية. تحقّق دائما من صحة الحقائق، سواء حصلت عليها من بيانات صحفية، أو نشرات إخبارية، أو أبحاث أكاديمية، أو من وثائق متعلقة بالسياسات. وعليك ذِكر مصادرك كلما أمكنك ذلك من أجل ضمان الشفافية. مكّن قراءك، ومستمعيك، ومشاهديك من الوصول إلى المصدر الأصلي؛ لأغراض التحقّق والحصول على مزيد من المعلومات.

وبمرور الوقت، فإن العمل على هذا النحو -بالإضافة إلى شغفك بالعلوم- سيُكسبك سمعة حسنة لقيامك بكتابة تقارير موضوعية، ومتوازنة، ودقيقة لدى جمهورك، وكذلك بين العلماء، وهو أمر من الأهمية بمكان. قد يكون الاعتراف بك صحفيًّا علميًّا جادًّا هو جواز مرورك لتكون أول من يسمع عن أحدث التطورات المثيرة في مجال العلوم.