Skip to content

23/08/17

البحر المتوسط يزداد تلوثًا

Mediterranean sea
حقوق الصورة:Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • تلوث المتوسط يأتي من كل البلدان الواقعة على حوضه
  • البحر شبه مغلق، ولا تتجدد مياهه إلا بعد عقود طويلة
  • وتلوث شواطئه أزمة مركبة من ثقافة شعوب ووعيها، وإمكانات دول وتمويلها

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] يُعرف البحر المتوسط بأنه أكثر البحار تلوثًا؛ لتشاطؤ 22 دولة عليه، تلقي فيه مقادير ضخمة من صنوف الملوثات كافة، ولانغلاقه شبه التام، فلا تتجدد مياهه إلا بعد مرور ما يقرب من قرن من الزمان.

على سبيل المثال، يقدر ’برنامج الأمم المتحدة للبيئة‘ أن البحر المتوسط يتلقى كل عام نحو 650 مليون طن من مياه الصرف الصحي، و129 ألف طن من الزيوت المعدنية، و60 ألف طن من الزئبق، و3800 طن من الرصاص، و36 ألف طن من الفوسفات، مؤكدًا أن 70% من المياه العادمة التي تُصرف فيه غير معالجة.

ورغم ضخامة هذه المقادير وشدة سُميتها، إلا أنها لا تمثل سوى غيض من فيض، فثمة ملوثات  أخرى تلقى فيه أو تصل إليه، من السفن والطائرات، أو من 80 نهرًا تصب فيه من الأحمال الثقيلة الكثير، أو من مئات المنشآت الصناعية المشيدة على سواحله، مئتان منها تعمل في الطاقة والبتروكيماويات، ناهيك بمخلفات مئتي مليون سائح تفد كل عام إلى شواطئه، وفضلًا عن كونه معبرًا لحاملات ملايين الأطنان من النفط، والتي تُسرب إليه بالحوادث الشيء الكثير، هي وآبار البترول المحفورة على سواحله أو في قيعانه.

بمثل هذه الرعونة الشديدة، تتعامل الدول المتشاطئة للمتوسط معه، لكن إسرائيل هي الوحيدة في العالم التي تسمح بطرح روتيني للنفايات الصناعية إلى عرض بحر.

وهي المسؤولة بطريق غير مباشرة -وفق اتهامات الغزيين- عن تصريف قطاع غزة لأكثر من 110 آلاف متر مكعب من مياه الصرف الصحي إلى البحر من دون معالجة.

فقد كشف بيان أصدرته ’سلطة جودة البيئة‘ في القطاع بخصوص فحص أجرته يوليو الماضي عن ارتفاع نسبة تلوث شاطئه بدرجة كبيرة هذا العام، حتى وصلت إلى 73% من طوله الكلي، وهذا بسبب الحصار ونقص الوقود، وانقطاع الكهرباء اللازمة لتشغيل محطات معالجة مياه الصرف الصحي، مُددًا متطاولة.

يعلق محمد سعيد -رئيس اللجنة الأفريقية الفرعية للجنة الدولية لعلوم المحيطات، التي تتبع منظمة ’اليونسكو‘- لشبكة SciDev.Net بشرحه لطبيعة البحر المتوسط، موضحًا أنه يُعَد حوضًا مائيًّا مغلقًا، تنطلق دورة مياهه -عكس عقارب الساعة- من مضيق جبل طارق غربًا، وهو الرابط بينه وبين المحيط الأطلسي، مرورًا بسواحل دول شمال أفريقيا، ثم تتجه شمالًا إلى سواحل دول شمال المتوسط.

ويرى سعيد أن صرف مياه الصرف الصحي غير المعالَجة في البحر، يمثل مشكلة كبيرة للكائنات الحية وخاصة الأسماك، لأن جزءًا كبيرًا منها يترسب إلى القاع، الذي يمثل البيئة الصالحة لتكاثرها، ما يؤثر على فقس بيض الأسماك، مؤديًا إلى تدهور الثروة السمكية.

ويقر المهندس بهاء الدين الأغا -مدير عام الإدارة العامة لحماية البيئة في سلطة جودة البيئة- بأن الوضع البيئي تفاقم بشكل كبير في ظل الأوضاع الصعبة جدًّا التي يمر بها قطاع غزة.

وعن تأثر الثروة السمكية يقول الأغا للشبكة: ”يظل تأثير تلوث ساحل غزة ضمن المنطقة الشاطئية، ولهذا ليس له تأثير كبير على الثروة السمكية؛ لكون معظم الصيد يتم في عمق البحر، لكن قليلًا من الصيادين يصطادون أسماكهم في المنطقة الشاطئية، وهو ما قد يهدد صحة مَن يأكلون هذه الأسماك“.

في لبنان، يوضح خبيره البيئي ناجي قديح أن ”تلوث المتوسط يأتي من كل البلدان الواقعة على حوضه، سواء بلدان أوروبا المتطورة صناعيًّا في شماله أو النامية في شرقه وجنوبه، خاصةً إذا أخذنا بعين الاعتبار وجود مدن كبيرة على شواطئه يفوق عدد سكانها المليوني نسمة“.

”إن سلوك شعوب المتوسط يُسهم بشكل كبير في هذا التلوث، وخاصةً في الدول النامية“، وفق مجدي العلواني، أستاذ البيئة البحرية بقسم علوم البحار بجامعة قناة السويس في مصر.

وقد كشفت صور جوية التقطها فريق عمل الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية في يونيو المنصرم لمطامر ومكبات النفايات، عن إهمال واضح من قبل السلطات والجهات المختصة في عمليات معالجة النفايات، إذ وُصفت الصور بأنها ”صادمة“.

أظهرت بعض الصور كيف تحول البحر إلى اللون البنفسجي، في حين كشفت أخرى عن انتشار آلاف الأطنان من القمامة في محيط مركز المعالجة في صيدا جنوبي لبنان.

يؤكد قديح لشبكة SciDev.Net أن ”ملف إدارة النفايات الصلبة في لبنان يشهد تدخلًا فظًّا من الحكومات المتعاقبة“.

وهو ما يؤدي إلى تلوث كبير للبحر المتوسط، خصوصًا بمياه العصارة الناتجة عن تفاعل وتفكك المواد العضوية الموجودة في هذه النفايات، وفق قديح.

يشير سعيد إلى نوع آخر من الملوِّثات يمثل 96% من القمامة الموجودة في المتوسط، وهي المخلفات البلاستيكية التي تُلقى في مياهه، وتتلقفها الأسماك الكبيرة، فتدخل في خياشيمها، فتختنق وتموت، وشيء يشبه هذا جرى رصده مؤخرًا مع عشرات الدلافين على ساحل المتوسط.

يقول العلواني: ”أزمة تلوث شواطئ المتوسط أزمة مركبة بين ثقافة شعوب ووعيها وإمكانيات دول وتمويل“.

ويحذر سعيد: ”إذا استمرت معدلات تلويث مياه البحر المتوسط دون التدخل لإيقافها فإن ذلك سيؤدي إلى فساد بيئته تمامًا، وتغيُّر الخواص الطبيعية والكيميائية لمياهه“.

هذا الموضوع أُنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.