Skip to content

18/07/13

التكيّف مع حقائق دمج العلم في السياسات

معظم العلماء غير متيقنين من كيفية الدخول في عمليات صنع السياسات حقوق الصورة:Flickr/RDECOM

نقاط للقراءة السريعة

  • • معظم العلماء غير متيقنين من كيفية المشاركة في عمليات صنع السياسات
  • • أفضل رؤية هي الخطوة الأولى للمشاركة في وضع السياسات على نحو أكثر فاعلية
  • • تكتسب الأدلة العلمية ثقلا عندما تروي قصة واضحة ووثيقة الصلة بالموضوع

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

من الصعوبة بمكان أن تجد أحد صانعي السياسات في الاجتماعات الأكاديمية. لذا أصغيت باهتمام عندما صعدت المسؤولة السابقة في حكومة المملكة المتحدة إلى المنصة في ندوة STEPS التي عُقدت بجامعة ساسكس الشهر الماضي؛ كي تعرض وجهة نظرها حول دمج الأدلة في السياسات.

كان الأمر يشبه إلى حد كبير رؤية أحد الأنواع النادرة، لذا كان هناك شيء من الإثارة إزاء احتمال سماع ما سيقوله هذا المخلوق الغامض.

نعم أبالغ، ولكن ليس كثيرًا. بالنسبة لمعظم العلماء والإعلاميين العلميين، ثمة غموض يلف عملية صنع القرارات وكيفية التعاطي معها؛ فمن هم صانعو القرار؟ وماذا يريدون؟

بيد أن الفرصة النادرة للحصول على بعض الإجابات مباشرة من المصدر لم تضع سدى. قامت جيل روتر -من معهد الحكومة، وهي مؤسسة خيرية في المملكة المتحدة- بعرض لمحة عن حقائق الكيفية التي تظهر بها البحوث العلمية ضمن القرارات المتعلقة بالسياسات.

لكن هل العلماء على استعداد للاستماع والتعلم؟ فالأمر يحتاج موازنة دقيقة من أجل التكيف مع الواقع الذي يعمل فيه صانعو السياسات، مع الحفاظ على سلامة -وتعقيد- المعلومات العلمية.

العلماء ليسوا "صانعي قرار"

حملت روتر بعض الرسائل الواضحة للحضور؛ فقالت: بينما نتحدث كثيرا عن السياسات باعتبارها "كتلة" واحدة، متجانسة، فإن السياسات ليست متساوية في حقيقة الأمر.
على سبيل المثال، فإن شهية الحصول على الأدلة تكون منخفضة إلى حد ما فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية التي تتسم بوجود مواقف مسبقة حيالها- لكن هناك مزيدًا من الفرص لتقديم مشورة الخبراء بخصوص 70% تقريبًا من القضايا الأقل ارتباطا بالسياسة.

وفي تلك الحالات الأقل ارتباطا بالسياسة، ما الذي ينزع صانعو السياسات للبحث عنه؟ احتلت الاتجاهات الناشئة المرتبة الأولى على قائمة روتر: أي القضايا التي يمكن أن تباغت صانعي القرار على حين غرة، والتي قد لا يعرف الشخص غير المطلع على المجلات الأكاديمية إلا القليل عنها.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون العلماء قادرين على شرح هذه القضايا بوضوح: من حيث تفسير الأدلة، والإشارة إلى مدى تيقنهم من صحتها أو اختلافهم حولها، ومدى خطورتها ومن ثم جدية التعامل معها. كذلك هم بحاجة إلى تقديم مجموعة من الخيارات السليمة من الناحية الفنية لمساعدة صانعي السياسات على اختيار المسار الواجب اتخاذه. وفي هذا السياق، قالت روتر للحضور: "لستم مَن يتخذ القرار. عليكم أن تكونوا مساعدين، ومستشارين، لا متخذي قرار".

وشدّدت روتر على أن العلم نادرا ما يمثل عاملا حاسما في رسم السياسات. حتى لو احتشدت العوامل الاقتصادية، والسياسية، والأخلاقية المحيطة بقرار ما، لا تزال هناك قيود كالقانون الدولي، والتطبيق العملي، والجدوى.

فهم قواعد اللعبة

يشبه الأمر عملية للتحقق من صحة الحقائق؛ ولكن مثل تشخيص مرض عضال، فإن فهمًا أفضل لكيفية صُنع السياسات يمثل خطوة أولى بالغة الأهمية للتعاطي معها على نحو أكثر فعالية.
على سبيل المثال، لا بد من الاستبصار بما يحتاجه صانعو القرار من العلماء.

بوسع المجتمع العلمي بذل مزيد من الجهد للوصول إلى المسؤولين الحكوميين، والممولين والممارسين، بدعوتهم لاعتلاء المنابر من أجل المشاركة في النقاش، على سبيل المثال، إيجاد شبكات العلاقات الشخصية، والعمل مع وسطاء المعرفة أو 'رجال الأعمال المتخصصين في السياسات' (رغم وجود مخاوف حول ما إذا كان هذا يمثل الاستراتيجية المناسبة لتعزيز الحكم المحلي الرشيد).

يعطينا تقرير صدر مؤخرا عن الحكومة البريطانية لمحة عن كيفية تعاطي صانعي القرار مع المستشارين العلميين؛ وهو أمر يتم في المقام الأول من خلال التعيين، والإعارات، والشبكات الاستشارية والبحثية المكلفة بمهام محددة.[1]

وتشير دراسة استقصائية عالمية أجراها موقع SciDev.Net إلى أن البحوث التي تجرى بناء على تكليف هي الطريق المفضلة في العالم النامي أيضا؛ إذ يميل صانعو القرار في مختلف أنحاء العالم للوصول إلى المشورة العلمية من خلال وثائق مفصلة خصيصا لتلبية احتياجاتهم. لكنهم يتعاملون أيضا مع الأدلة بشكل غير رسمي عن طريق التعامل وجها لوجه، ومن خلال قنوات الاتصال كالملخصات والأخبار المتعلقة بالسياسات.
 
مسارات متعددة للمعلومات

ما يبينه هذا هو أن هناك العديد من الطرق لإفادة صنع السياسات. تُعرف الأدلة التي تفيد مباشرة قرارات محددة باسم الأدلة ذات 'الاستخدام الذريعي'، كما أوضح فيليب ديفيس، رئيس المكتب الأوروبي لهيئة 3ie، الذي يقع مقره بمركز لندن للتنمية الدولية، وذلك في ندوة عقدت الشهر الماضي.[2]

ومن ناحية أخرى، صنفت البحوث العلمية من أجل التنوير العام، أو بطريقة تؤثر على اتخاذ القرار بطرق أقل تحديدا، تحت اسم "الاستخدام المفهومي"، بحسب ديفيس. ومن الممكن أن يتضمن هذا المسار غير المباشر مشاركة البيانات الأساسية أو الأفكار التي تؤثر على طريقة تفكير صانعي السياسات حول مشكلة ما.

هنا يأتي دور الاتصال، من قِبل العلماء والصحفيين، في بؤرة الاهتمام. فالمناقشة العلنية للأدلة على الإنترنت وفي المنتديات العامة يمكن أن تساعد المعلومات العلمية على أن تشق طريقها إلى السياسات، أو أن تؤثر على كيفية تناول صانعي السياسات لمشكلة بعينها.
 
احتياج الأدلة إلى الجاذبية

يتمثل التحدي، إذن، في إيجاد أفضل السبل لتوصيل المفاهيم العلمية لصانعي السياسات.

إن المسوح التي أجراها موقع SciDev.Net تُبرز أهمية شرح الآثار المترتبة على البحوث عن طريق وضعها في سياقها الاجتماعي والاقتصادي- وهو اكتشاف يتوافق مع رسالة روتر القائلة بأن العلم يجب أن يتعاطى مع السياسة ومع كافة الاعتبارات الأخرى الداخلة في عملية صنع القرار.

تكتسب الأدلة جاذبية لدى صانعي القرار عندما تُروي قصة تحمل رسالة ذات صلة بالسياسات، وذلك في الوقت المناسب وبكل وضوح، كما يقول ديفيس. ويتناقض هذا بصورة صارخة مع ما تعنيه الأدلة بالنسبة للعلماء، الذين يميلون للتركيز على أمور مثل الأساس التجريبي، والأسس النظرية والمحاذير المتعلقة بتلك الأدلة.

بيد أن عملية التبسيط الداخلة في صياغة رسالة يمكن لصانعي السياسات استيعابها تبدو مقلقةً للعلماء. وقد نوقشت هذه المخاوف، وكذلك الحاجة للقيام بذلك، في ندوة STEPS ، مع تسليط الضوء على أهمية تأطير العلوم على نحو فعال.

من جانبه، قال كريس ويتي -كبير المستشارين العلميين بإدارة المملكة المتحدة للتنمية الدولية- للوفود: إن بعض المعلومات الأكاديمية التي يتلقاها صانعو السياسات تكون غير مفهومة تقريبا. وأضاف أن هناك أوقاتًا يحتاج فيها الباحثون إلى التركيز على التبسيط والصدق فيما يتعلق بأوجه القصور في أبحاثهم؛ فتوليف المعلومات وصياغتها يمثلان جزءا بالغ الأهمية من هذه الاتصالات، لكنه لا يحظى بما يستحقه من الاهتمام.

وبغض النظر عن الأسلوب، تكمن البراعة في جعل عملية التواصل تحقق وضوحا دون فقدان الفروق الطفيفة التي تضع العلم في منظوره الصحيح. وهذا مضيق يصعب الانتقال عبره، ومن ثم فهو يحتاج إلى مهارة. إن فهم الحقائق المتعلقة بالسياسات ومواجهتها يوضح لمَ يمكن لشحذ هذه المهارة أن يُحدث فرقا ملحوظًا.

أنيتا ماكري، محررة مقالات الرأي والمقالات الخاصة بموقع SciDev.Net