Skip to content

13/08/14

ثلاث سبل لإشراك العلوم في إدارة التنمية

Global science_Panos.JPG
حقوق الصورة:Chris Stowers / Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • غالبًا ما تركز عناويننا على نداءات الباحثين الحزينة للفت انتباه صانعي القرار
  • خبرة العلماء ومقدرتهم على الضغط كجماعة محدودة
  • إثراء ثقافة الجمهور العلمية سيدعم السياسات القائمة على العلوم

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

تشير نداءات الباحثين الحزينة للفت انتباه صانعي القرار إلى مشكلة مألوفة تستدعي مقاربات جديدة.

جاء تأسيس شبكة SciDev.Net أصلا استجابة لعلاقة معضلة بين الحكم والعلوم؛ فقد كانت الروابط قليلة بين إدارة المنافع العامة في مجال التنمية العالمية –كالصحة والتعليم– والفرص والمعرفة اللتين يتيحهما البحث العلمي والتكنولوجيا.

وقد أدى انشغالنا بهذه المشكلة إلى إحراز نجاحات شتى على مر السنين، أبرزها خبر أعان على وضع العلوم على الأجندة السياسية في مدغشقر، وخبر آخر مكَّن وسائل الإعلام المحلية من الضغط على الرئيس البيروفي من أجل مراعاة العلوم والتكنولوجيا.

ومع ذلك، فقد أدى هذا أيضًا إلى ظهور نوع معين من العناوين، يمكن الإشارة إليها بنداءات الباحثين الحزينة للفت انتباه صانعي القرار.
 
تهميش العلوم

رأينا العديد من هذه الأمثلة مؤخرًا، في أخبار تستعرض الحكم في الدول الجزرية الصغيرة (مشروع النص المقدم إلى قمة الدول الجزرية الصغيرة ”يفتقر إلى العلم“) وتخطيط التنمية الإقليمية (”تجاهل“ العلوم والتكنولوجيا في استعراض خطة المحيط الهادئ).

ويتصل أحد هذه العناوين بخبر مقلق بشكل خاص: العلوم تناضل لتلعب دورًا في الصياغة النهائية لأهداف التنمية المستدامة. يشير الخبر إلى أن فرص العلماء الآن للتأثير على أهداف التنمية المستدامة محدودة، حيث تُترك الأهداف التي ينبغي تحديدها وفق أدلة علمية للنفعية السياسية، على الرغم من وجود أدلة دامغة. وهذا مخيب لآمال مَن كانوا يتوقعون مشاركة مستمرة وموضوعية، مثل المجلس الدولي للعلوم.

ومن المثير للاهتمام، أن الخبر يبين لنا بوضوح أن المجتمع الدولي ينظر إلى الأوساط العلمية باعتبارها جزءًا من المجتمع المدني، الذي يمتلك فرصًا للضغط. لكن خبرة العلماء ومقدرتهم على الضغط كجماعة محدودة للغاية.

الحقيقة هي أن هذه الأخبار تعكس قصورًا مهمًّا في الحوكمة العالمية، وتقتضي تسليط الضوء عليها. ومع ذلك، فإن الإلمام بهذه القضية قد يجعلها تبدو مكررة، ويفت في عضد العلماء والصحفيين والقراء على حد سواء.

إذًا، تجاهل هذه الأخبار ليس خيارًا مطروحًا. ولكن لفهم ما يمكن القيام به إلى جانب تقديم تغطية موضوعية، ينبغي على شبكة SciDev.Net ووسائل الإعلام الأخرى بذل المزيد من الجهد في فهم جوهر التحدي المتمثل في إشراك العلوم في إدارة التنمية.

ويتمثل جزء كبير من المشكلة في أن العلم –بصفة خاصة– لا ينسجم والسياسة. وقد أكد كريس ويتي –كبير المستشارين العلميين في وزارة التنمية الدولية البريطانية– في أثناء إلقائه محاضرة ديفيد ديكسون التذكارية مطلع الشهر الحالي، على الفرق بين المهنيين الفنيين الذين ينفذون سياسات والمسؤولين الذين يصدّقون عليها. وأضاف ويتي: إننا نعرض أنفسنا لخطر عندما نرى إمكانية تبديل هذه الأدوار على أرض الواقع، من الذي يريد أن يرى سياسيًّا يبني جسرًا؟

وثمة وجهة نظر أكثر فلسفية قدمها في عام 1992 الرئيس السابق لمنظمة العلوم من أجل السلام، أناتول رابوبورت، الذي كتب أن اهتمام العلوم بالموضوعية والبراهين جعلها عصية على التلقين، في حين أن الأيديولوجية والكاريزما هي بمنزلة الأكسجين للمنصب السياسي.
 
سبل مواجهة التحدي

ما العمل إذًا؟ هناك ثلاث سبل للنظر في هذا التحدي.

إذا أردنا استعراض السبيل الأولى، دعونا نعود إلى أهداف التنمية المستدامة. لقد كان جيفري ساكس –رئيس شبكة حلول التنمية المستدامة– متفائلاً في وقت سابق من هذا الشهر بشأن الدور المحتمل للعلوم في المفاوضات. وأعرب ساكس عن اعتقاده أن العلم يمكن أن يؤثر على الخطاب الدائر حول وضع السياسات بعدة طرق، وليس فقط من خلال البحث عن إشارة إلى الأدلة (العلمية) في الوثائق السياسية.

على سبيل المثال، يرى ساكس أن العلوم توفر الإطار الذي تقوم عليه ’المسودة الأولى‘ لوثيقة أهداف التنمية المستدامة، باستلهامها مفاهيم مثل حدود الكوكب وعصر الأنثروبوسين. وقد رأى ساكس تلك الوثيقة أيضًا بمنزلة خريطة هيكلية تعرض مبادئ التنظيم لحشد المشاركات العلمية وتوزيعها عبر قطاعات التنمية وداخلها، وفي هذا إشارة إلى قيمة التنقيب عن مختلف أشكال التأثير (العلمي).
  
وفي المحاضرة التذكارية، صوب ويتي نظره بشكل أكثر تحديدًا إلى الاقتصاد السياسي؛ الذي تعمل في إطاره سياسة التنمية، وهذه هي السبيل الثانية لبحث تحدي السياسة القائمة على العلم. وشجع ويتي العلماء على تقوية أواصر الصداقة مع الاقتصاديين، راصدًا حقيقة أن معظم كبار موظفي الخدمة المدنية هم اقتصاديون مدربون. ولا يظن ويتي أن هذا سيكون صعبًا، خاصة مع خبراء الاقتصاد الجزئي؛ نظرًا لاهتماماتهم المعرفية المشتركة، فضلاً عن الإلمام باللغة الاصطلاحية.

وقد أطلق بحث لشبكة SciDev.Net بالفعل الدعوة في وقت سابق لمزيد من التحليل الاجتماعي والاقتصادي في أخبار العلوم. ويمكن القول إن أي تعليم بحثي جيد ينبغي أن يشتمل –كعنصر أساسي– على منهج اقتصادي مصمم للعلماء، على غرار كون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة جزءًا من تدريب المهندسين المعماريين. وكما هو الحال في الهندسة المعمارية، سيُعدّ تلقى أي عالم لهذا التدريب مؤشرًا على طموحه وجودة تعليمه.

”الخطوة الأولى إذًا، هي كف المجتمع العلمي عن النظر إلى استبعاده وكأنه قدَر محتوم، وعقبة لا تُذلل“. 

                                                                  نيكولاس بيركنز

في النهاية، يمكننا أن نتعلم من فرضية روز، التي أشار ويتي إليها. فمنذ نحو عقدين من الزمن، اقترح عالِم الأوبئة جيفري روز أنه يمكن علاج أمراض القلب والشرايين بشكل أفضل من خلال خفض متوسط ضغط الدم لعامة السكان، بدلاً من التركيز فقط على المصابين بارتفاع الضغط غير الطبيعي.

وفي سياق السياسات القائمة على العلم، هذا يعني إثراء ثقافة الجمهور العلمية، في مقابل توفير وصول رفيع المستوى لصانعي السياسات لعدد منتقى من العلماء. المبرر المنطقي هنا شأنه كأي قضية أخرى: الساسة يضعون الخطط الوطنية، والموازنات، وفقًا لما يرونه محفزًا للناخبين.
 
استخدم كل تكتيك متاح

ليس ثمة تعارض بين هذه السبل الثلاث؛ كما أن تدارسها مفيد لشبكة SciDev.Net ووسائل الإعلام المشابهة، حتى لو كان كل منها يتطلب تنفيذه عددًا من الخطوات.

وتوحي الأنظمة المعقدة –كطريقة عمل السياسات في مجتمعاتنا– بأن المجتمع العلمي يحتاج إلى استخدام كل تكتيك؛ إذا أراد أن يكون ذا تأثير. وهذا التعقيد يعني أيضًا أنه ما من نهج واحد ينجح في كل وقت ومكان.

الخطوة الأولى إذًا، هي كف المجتمع العلمي عن النظر إلى استبعاده وكأنه قدَر محتوم، وعقبة لا تُذلل. بدلاً من ذلك، ينبغي أن يكون مصدر إلهام للإبداع والثقة.

ويمكننا تحقيق ذلك من خلال الإشادة بالأخبار التي أثَّر العلم فيها على صنع القرارات العامة، رغم أن ما يدعو للإشادة قد يبدو قليلاً للوهلة الأولى. وفي الأسبوع الحالي، عليك البدء بقراءة تضمين العلوم في أهداف التنمية المستدامة بضغط من اليونسكو في آخر لحظة.
 
نيكولاس إشمايل بيركنز، مدير شبكة SciDev.Net، ويمكن التواصل معه على @Nick_Ishmael
 
المقال منشور بالنسخة الدولية يمكنكم متابعته عبر العنوان التالي:
Three ways to engage science with development governance