Skip to content

21/08/14

أربع خطوات لسياسة التغيير التكنولوجي

Mending Solar Panels_Crispin Hughes_Panos
حقوق الصورة: Crispin Hughes/Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • بناء القدرات التكنولوجية في أفريقيا لا يتعلق بالبحث العلمي فحسب
  • من الأفضل اللجوء للتدخلات السياسية في مراحل لاحقة بسلسلة الابتكار
  • الابتكار تحدٍّ تقني، لكنه يتفاعل أيضًا مع الممارسات المجتمعية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يقول ديفيد أوكويل إن البحث والتطوير ليس سوى واحد من تدخلات عديدة لازمة لبناء قدرات أفريقيا التقنية وأنظمة الابتكار.
 
في 27 يونيه الماضي، اعتمد رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي ’استراتيجية العلم والتكنولوجيا والابتكار لأفريقيا 2024‘، وهي رؤية عقدية ترمي إلى وضع هذه المجالات في ”قلب التنمية الاجتماعية والاقتصادية“ للقارة السمراء.[1]

وقد وُجِّهت للاستراتيجية انتقادات، منها: خلوها من التزامات تقطعها الحكومات على نفسها تجاه التمويل أو التدريب، وأنها تطمح إلى ما هو أبعد من حدود الموارد المالية الحالية للقارة، كما أنها لا تتيح تفاصيل كافية حول كيفية تحقيق هذه الرؤية، وتخطيطها لإنشاء هياكل مؤسسية جديدة بدلاً من المتوافر منها حاليًّا.[2]

لكن القراءة النقدية للاستراتيجية، تُظهر عددًا من المخاوف الإضافية. فالاستراتيجية الجديدة فشلت -مثلها مثل العديد من المقاربات تجاه العلوم والتكنولوجيا والابتكار من أجل التنمية- في أن تعكس عقودًا من البحث العلمي والأدبيات المستجدة في دراسات الابتكار.
 
إساءة فهم الابتكار

بادئ ذي بدء؛ تخلط وثيقة الاستراتيجية بين ’الابتكار‘ و’الاختراع‘. لكن الابتكار يتعلق باستخدام طرق أفضل للقيام بالأشياء، وليس بالضرورة أشياء جديدة. على سبيل المثال، الشركة أو المزرعة التي تلجأ لاستخدام تقنية أكثر كفاءة تُعد شركة مُبتكِرة، حتى لو وُجدت تلك التقنية في مكان آخر منذ عقود.

إن هذا الخلط يؤدي إلى التعامل مع الابتكار كمرادف للبحث والتطوير، وقابل للقياس بهما في الوقت نفسه.
 

تخلط وثيقة الاستراتيجية بين ’الابتكار’ و’الاختراع‘. فالابتكار يتعلق باستخدام طرق أفضل للقيام بالأشياء، وليس بالضرورة أشياء جديدة.

                                                                          ديفيد أوكويل

والواقع، أن البحث والتطوير لا يعدو كونه جزءًا صغيرًا من طيف أوسع كثيرًا من الأنشطة الاجتماعية والتقنية التي تشكّل الابتكار وتسهم في التغيير التكنولوجي والتنمية. من ثم فإن فشل الدول الأفريقية في الوفاء بهدف إنفاق 1% من إجمالي الناتج المحلي على البحث والتطوير، ليس ذا أثر كبير على العلوم والتكنولوجيا والابتكار، الداعمة للتنمية في القارة.

ومن أسف أن يغيب الإدراك بطرق تدريجية مكنت دولاً أخرى -كانت نامية- مثل ”اقتصاديات النمور الآسيوية“ من النجاح الاقتصادي: من خلال عملية بطيئة ومدروسة لبناء القدرات التكنولوجية، وفي الوقت ذاته بناء نظم ابتكارية فاعلة لدعمها.

بدوره، يؤدي هذا إلى عدم إدراك العديد من الدول الأفريقية أن المرحلة المبكرة من البحث والتطوير لا تكون عادة هي الهدف الأكثر فاعلية للتدخلات التي تبني القدرات التكنولوجية. فالأفضل أن تؤجَّل التدخلات لأوقات متأخرة من سلسلة الابتكار، مثلاً في مرحلة التوضيح، أو حتى –وهو الأرجح- من خلال العمل بالتقنيات الحالية المتاحة اقتصاديًّا، والتي يكون مصدرها -غالبًا- من الخارج.

ولا يعني هذا أن الخبرات البحثية غير مهمة، أو أن تصرف أفريقيا تركيزها عن بناء قدراتها، لكن هذا وحده لن يؤدي إلى التغيير التكنولوجي والتنمية.

ولا تعد مفاجأة أن تغيب النظرة الحديثة عن أفكار الانتقال التقني الاجتماعي كذلك. فمن منظور تقني اجتماعي، لا يعد الابتكار والتغيير التكنولوجي وخلق أسواق جديدة للتكنولوجيا محض تحديات تقنية فحسب، بل إنها أيضًا بمنزلة عمليات تُشكّل الممارسات الاجتماعية والثقافة المحلية الناشئة، كما تأخذ شكلها وقيودها.

وبأخذ الطاقة مثالاً: فإن الممارسات الثقافية حول الطهي تحدد أي البدائل سيكون قابلاً للتطبيق ومستدامًا، لكن المؤسسات المهيمنة والمصالح الشخصية في إمدادات الكيروسين قد تدفع في اتجاه ضد التغيير.
إن مثل هذا التفكير لا ينعكس في غالب الخطاب السياسي أو في العديد من الخطابات العلمية في هذا الصدد.
 
أكثر من البحث والتطوير

إذا كانت زيادة الإنفاق على البحث والتطوير والتدريب المتعلق به ليست كافية، فكيف يمكن لأفريقيا وغيرها من الدول النامية أن تستخدم العلوم والتكنولوجيا والابتكار بشكل أكثر فاعلية لإنشاء تنمية بشرية واقتصادية؟

لقد بدأت تظهر مؤشرات واضحة للسياسة حول أبحاث شاركتُ فيها؛ تدرس العوامل التي أدت إلى نجاح سوق الكهرباء الضوئية الشمسية غير المتصلة بشبكات الكهرباء في كينيا.[3] إن هذا التحليل يدحض بقوة الفكرة السائدة بأن نجاح هذه السوق مدفوع بالسوق الحر. بل على العكس، إنما هي نتاج تاريخ طويل من بناء القدرات الذي غالبًا ما كان ممولاً من قبل جهات مانحة.

ومنذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي، شاركت عدة منظمات وجهات فاعلة أخرى في عدد من الأنشطة الرئيسية في نقاط حاسمة عبر نمو السوق: من بناء دورات تدريبية معتمدة لفنيي التقنية الشمسية، وإجراء بحث سوقي، وبناء شبكة في عموم كينيا من الفاعلين المشاركين في التقنيات الشمسية. وكانت الدروس الناتجة قابلة للتطبيق على نطاق واسع، وثبتت أهميتها في إرساء تنمية سوقية طويلة الأمد. ثم استخدم القطاع الخاص هذه الدروس للمساعدة في تنمية السوق.

ومن بين الأمثلة الحديثة؛ أعمال مبادرة ’إنارة إفريقيا‘، التي استخدمت أنشطة مماثلة لبناء القدرات من أجل إنشاء سوق محلية تنمو لبيع مصابيح شمسية واستخدامها بديلاً للكيروسين، مع فائدة إضافية هي القدرة على شحن الهواتف المحمولة.

إن نوعية أنشطة التشبيك والدفاع وبناء القدرات المشروحة فيما سبق يمكن تفصيلها إلى أربعة أدوار رئيسية للسياسة:

أولاً: بناء شبكات من أصحاب المصالح المتنوعين الذين يعملون معا بشكل استباقي. وثانيًا: دعم نتائج الأبحاث والخبرات والمشاركة فيهما. ثالثًا، ترويج الآراء التي جرت مشاركتها لدى أصحاب المصالح. وأخيرًا: دعم إجراء التجارب المتنوعة بالتقنيات والممارسات.

لقد آن الأوان لنقل التفكير السياسي في العلوم والتكنولوجيا والابتكار بعيدًا عن نفقات البحث والتطوير، في اتجاه استخدام التدخلات السياسية بحسبانها ”أدوات لبناء نظم الابتكار“. وينبغي أن يكون الهدف هو بناء قدرات تكنولوجية أصيلة ونظم ابتكار ذات فاعلية قوية وذات استجابة عالية لسياقاتها. إنها أنظمة ابتكار تُفهم من منظور اجتماعي تقني أوسع سيضع حجر الأساس للتغير التكنولوجي والتنمية في أفريقيا.

ديفيد أوكويل هو نائب مدير البحوث في مركز ESRC STEPS، ومن كبار المحاضرين في الجغرافيا بجامعة ساسيكس بالمملكة المتحدة. ويمكن التواصل معه على البريد الإلكتروني [email protected]، وعبر حساب تويتر @DavidOckwell

المقال منشور بالنسخة الدولية يمكنكم متابعته عبر العنوان التالي:

Four policy steps to drive technological change

 

References

[1] Science, Technology and Innovation Strategy for Africa 2024 (African Union, July 2014)


[2] Linda Nordling Africa science plan attacked (Nature, 25 June 2014)

[3] David Ockwell and others Sustainable energy for whom? Governing pro-poor, low-carbon pathways to development: lessons from solar PV in Kenya (STEPS Centre, 26 February 2014)