Skip to content

28/04/16

الأزمة السورية تحتاج بحوثًا موجهة للصحة النفسية

A Syrian refugee charges his cellphone
حقوق الصورة:Ben Roberts/Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • المزيد من البحوث ضروري لتحسين الخدمات المقدَّمة للمتأثرين بالحرب
  • الفجوات البحثية تتضمن دور الوصم وأفضل الطرق لبناء القدرات
  • ينبغي صب النتائج في اتجاه استراتيجية شاملة للصحة النفسية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يقول محمد الشاذلي وسارة هاريسون إن التركيز على فجوات البحوث المحلية يحسن رعاية المتضررين من الحرب.

النزاع في سوريا على أعتاب عامه السادس. وهو يمثل أكبر حالة إنسانية طارئة، سواء فيما يتعلق باحتياجات المتضررين وكذا فيما يخص أموال مواجهتها (3,18 مليارات دولار أمريكي)، التي تتطلبها خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا.[1] وبالرغم من الجهود الإنسانية التي تقدمها منظمات من بينها وكالات الأمم المتحدة، إلا أن تأثيره مدمر لصحة السوريين النفسية وعافيتهم.

بالفعل بدأت العديد من برامج الاستجابة لاحتياجاتهم، سواء داخل سوريا أو في المنطقة؛ فثمة نفر ممن يقومون بمهام الممارس العام يتعاملون مع حالات الصحة النفسية الشائعة، فعلى سبيل المثال، يمهد المتخصص النفسي الاجتماعي لعمل مجموعات الدعم، في حين ينهض العاملون في مجال الصحة المجتمعية بتعزيز الصحة النفسية في أواسط المناطق الحضرية.

لكن تلك البرامج تحتاج سندًا أكبر من الأدلة العلمية –أي أجندة لأولويات البحوث- من أجل ضمان الجودة، وأن تصب في اتجاه استراتيجية الصحة النفسية الشاملة للسوريين، سواء داخل البلاد أو خارجها.

وفي 2011، استخدمت مجموعة من خبراء الصحة النفسية منهجية مبتكرة للحصول على مدخلات من مجموعة متعددة التخصصات تضم 82 أكاديميًّا وصانع سياسات وممارسًا، يمثلون المناطق التي وقعت فيها الأزمات الإنسانية، واتفقوا على أجندة بحثية تحدد الأولويات للأعوام العشرة المقبلة.[2]

وقد أظهرت الأعوام الأربعة الأخيرة من تجربتنا الشخصية في الاستجابة لاحتياجات الصحة النفسية للسوريين ميدانيًّا، أننا بحاجة لتكييف هذه الأجندة أو توسيعها؛ لملء فجوات البحوث المحلية.
 
المجتمع والوصم والثقافة

إن المشاركة المجتمعية تُعَد عنصرًا أساسيًّا لبرامج الصحة النفسية، وهذا ينطبق على كافة مراحل المشروع. لذا ينبغي على الباحثين إيلاء اهتمام خاص لكيفية إدراك السوريين المتأثرين بالنزاع لفكرة المساندة والدعم نفسيًّا واجتماعيًّا، وما إذا كان الدعم الذي يُقدَّم في مناطقهم يوجّه بالفعل إلى الحالات الصحيحة.

كيف يمكن لهذا مساعدة الممارسين في الميدان؟ نقول: إن تسليط الضوء على الدور السلبي للوصم فيما يخص حالات مثل اضطرابات الصرع والذهان -ومن ثم العمل على تقليله– يمكنه تحسين تصميم الخدمات وتشجيع السكان المحليين على قبولها. وهذا غالبًا ما يحسن فرص الحصول على خدمات والمزيد من الدعم الاجتماعي والرعاية من جانب العائلات أو المجتمع الأوسع.

إن الفهم الأفضل للوصم من خلال البحوث من شأنه مساعدة الممارسين على صعيد آخر، مثلًا من خلال معرفة أنواع التدخلات المقدَّمة، وكيفية توصيلها، وكيفية تقييم المخرجات الإيجابية للصحة النفسية.

ثمة عنصر آخر مرتبط بالوصم يجب وضعه في الاعتبار، وهو لأي مدى تُعتبر التدخلات ملائمة ثقافيًّا.[3] ومن بين الأخطاء الشائعة: التطبيق الأعمى للتدخلات ’المنتَجة والمختبَرة في الغرب‘ دون وضع اعتبار للتنوع الثقافي للسوريين. فهنالك تحت الانقسامات والتصدعات الحديثة التي خلقها الصراع تكمن فسيفساء عتيقة لثقافات فرعية وعرقيات مختلفة.

ويمكن للمجتمعات والعائلات المنغلقة أن تكون مصدرَ دعم هائلًا لمن يعاني مشكلات في الصحة النفسية. لكنهم قد يشكلون أيضًا مصدرًا للإزعاج. ففي بعض الأوقات قد تتسبب الممارسات الثقافية في وقوع ضرر؛ مثلًا من خلال تشجيع اثنين من ذوي الإعاقات النفسية على الزواج، أو من خلال قبول آراء دينية محافظة يقدمها بعض الشيوخ أو غيرهم ممن لديهم فهم محدود للأمراض النفسية.
 
نظم صحية متكاملة

وبعيدًا عن المجتمعات والثقافات، هناك قضايا نظامية يجب وضعها في الاعتبار. فليست وحدها البنية التحتية للصحة العامة في سوريا مصابة بأضرار بالغة بسبب الأزمة الحالية، ولكن النظم الصحية في الدول المجاورة مثقلة أيضًا؛ حيث تضيف احتياجات اللاجئين المزيد من العبء على المجتمعات المستضيفة. وهذا يشكل حاجزًا خطيرًا يعوق توفير خدمات الصحة النفسية بشكل متكامل ضمن أنظمة الصحة العامة.

وبإمكان البحث العلمي المساعدة هنا أيضًا، من خلال تقصي مقاربات مختلفة لدمج الخدمات في أي من الدول التي فشلت. ويمكن أن تشمل هذه المقاربات التدريب والإشراف والتوجيه، أو تقديم الدعم من خلال قطاعات أخرى مثل التعليم.

وهناك أخصائيين في الصحة النفسية من بين اللاجئين السوريين الفارين إلى الدول المجاورة أو دول الخليج أو أوروبا، يفرون تاركين وراءهم فراغًا في الموارد الضرورية لمواجهة الاحتياجات المتزايدة في الداخل. ولا يوجد سوى مؤسستين لاستقبال المرضى النفسيين في سوريا، حيث تتفاوت مستويات الأمن وإمكانية الوصول، ويبقى عدد قليل جدًّا من العاملين لتقديم خدمات في العيادات الخارجية أو للمرضى داخل المؤسسة.

وينبغي على البحوث أن توضح أنواع المهنيين المطلوبين لتقديم خدمات في ظل هذه الظروف الصعبة، مع الإشارة إلى خطط بناء قدرات مستدامة. على سبيل المثال: هل الأهم تدريب ممرضين نفسيين أم أن تتوافر اعتمادات مهنية للأخصائيين النفسيين والاجتماعيين؟

وهل ينبغي على صانعي السياسات في سوريا وعلى الصعيد الدولي الدعوة والترويج لتخصص طلاب الطب داخل البلاد في مجال الصحة النفسية، أم هل ينبغي عليهم التركيز على خلق كادر من العاملين في مجال صحة المجتمع للقيام بالتوعية ورفع الوعي؟
 
مساعدة المشتتين

ينبغي عمل المزيد فيما يخص كيفية توصيل الخدمات للمشتتين والمتنقلين ومَن لديهم قدر كبير من انعدام الأمن، من خلال الاستغلال الأمثل لطاقم العمل المتاح، مثل العمال الاجتماعيين أو المرشدين التربويين في المدارس والعاملين في مجال الصحة المجتمعية.

ثمة مجال آخر بحاجة للاهتمام، وهو آليات الإحالة المطلوبة خلال حالات الطوارئ الإنسانية لتعريف الناس وتوصيلهم بالخدمات المتخصصة. وغالبًا لا يكون هناك إجماع أو توافق على مضمون استمارات أو نظم الإحالة، فيما يتوافر القليل فقط من الأدلة عن كيفية توفير الإحالة للأشخاص الحذرين من جمع البيانات أو من مشاركة البيانات الشخصية مع وكالات أخرى.

ويجب كذلك على الباحثين دراسة مميزات وعيوب مختلف أنظمة الإحالة –على سبيل المثال الاستمارات الورقية في مقابل الأنظمة الإلكترونية- مع الوضع في اعتبارهم الحد الأدنى لمتطلبات الموافقة المستنيرة، والاعتبارات الأخلاقية وشروط كتابة التقارير.

وهذه الأولويات قائمة على خبرات شخصية. ولجعلها في السياق العام، ندعو إلى مناقشة مع الخبراء العاملين في المجال، وكذلك المجتمعات المتضررة.

 

 
 المقال جزء من ملف بعنوان قضايا الصحة النفسية منشور بالنسخة الدولية يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:

The Syrian crisis needs targeted mental health research

– See more at: https://www.scidev.net/health/opinion/syrian-crisis-targeted-mental-health-research.html#sthash.CjsFdqUA.dpuf

 

The Syrian crisis needs targeted mental health research

– See more at: https://www.scidev.net/health/opinion/syrian-crisis-targeted-mental-health-research.html#sthash.CjsFdqUA.dpuf

The Syrian crisis needs targeted mental health research

محمد الشاذلي مستشار للصحة النفسية والدعم النفسي، يعمل حاليا لدى المفوض الأعلى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق. وسارة هاريسون من الدنمارك، وهي منسقة المجموعة المرجعية حول الصحة النفسية والدعم النفسي التابعة للجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات (IASC RG MHPSS) في حالات الطوارئ. يمكن التواصل مع الشاذلي على [email protected] ومع هاريسون على [email protected]
 
الآراء المنشورة هنا تعبر عن وجهة النظر الشخصية لكاتبي المقال، ولا تمثل المؤسسات التابعين لها بأي حال.
 

References