Skip to content

04/05/15

الأزمات الصحية تحتاج توثيقا آنيا للممارسات الجيدة

mock patient
حقوق الصورة:Flickr/Army Medicine

نقاط للقراءة السريعة

  • أزمات كالإيبولا تحتاج لاتصالات سريعة الاستجابة ’على الأرض‘
  • توصيل المفردات بدقة أمر مهم، لا تقل عنه أهمية الرسائل غير اللفظية
  • ثمة حاجة إلى أنظمة توثيق تدعم سرعة تشارك الممارسات الجيدة والمعارف الجديدة.

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

روزامند ساوثجيت تؤكد أن إنشاء نظام لتشارك كل جديد يتم معرفته بسرعة سيشكل قفزة ضخمة في الاستجابة للطوارئ.

”نجحنا للتو في الوصول لوسط القرية وتبادلنا الحوار“، منسقتنا للدعاية الصحية حدثتني عن عملها في هذا اليوم. كان ذلك في نوفمبر 2014، وكنا نجلس في مركز مكافحة الإيبولا التابع لمكتب أطباء بلا حدود في مدينة ’بو‘ غرب سيراليون، نناقش أنشطة التوعية الجديدة.

والمقلق أنه وبعد مرور ستة أشهر منذ بداية تفشي الإيبولا، لا تزال تجد فرقها أول من يوصل معلومات عن الإيبولا للعديد من القرى. ومع نقص ما يصلهم من معلومات يطور الناس تفسيراتهم الخاصة، فنجد البعض يقول: ”إيبولا سحر أسود“، أو ”تنتشر الإيبولا مع رذاذ الكلور الذي ترشه فرق دفن جثث المصابين“، بل وصلت إلى أن ”أطباء بلا حدود تأخذ الناس إلى المستشفيات فقط لأخذ دمائهم وأعضائهم“، وهكذا.

كانت الحكومة والعديد من المنظمات تعمل في مجال التوعية، فما الخطأ الذي حدث؟ يبدو أن الأسباب تضمنت غياب التمويل لأشياء بسيطة، كالبنزين للدراجات البخارية الخاصة بالعاملين في التعبئة الاجتماعية، ونقص سيارات النقل، وعدم ترتيب أولويات أعمال التوعية ترتيبًا صحيحًا لدى هياكل التنسيق المحلية، خاصة الموجهة إلى المجتمعات الريفية النائية.

رسائل تلقى صدى

ورغم أن أساليب الاتصال قد تكون بسيطة كالحوارات الودية، إلا أن إيصال المحتوى بشكل سليم هو الأصعب.

لذا وجدت منظمة أطباء بلا حدود مقاربات مبتكرة للتوعية المجتمعية، مثل تشبيه انتشار الفيروس بكيفية انتشار ’شاين-شاين‘ وهي الكلمة المحلية للقطع الصغيرة اللامعة (جليتر) إذا لامست الأيدي، وقد بدا أن الجميع يعرف بالضبط ما هو ’الشاين شاين‘، وكيف ينتشر في كل مكان.

لكن كانت ثمة تحديات أكبر؛ ففي أسبوعي الأول في سيراليون شرحت لي عاملة محلية في التعبئة الاجتماعية أنه: ”وفق معتقداتنا، إذا توفيت عمتي، عليَّ أن أنام فوق جسدها؛ لكي أُظهر لروحها أني لن أنساها، وأن بإمكانها الرحيل بسلام. إذا لم أقم بذلك فبالتأكيد سأموت قريبًا“.

ألقت كلماتها الضوء على إحدى الصعوبات الرئيسية التي يجب تخطيها؛ وهي الاصطدام مع معتقدات تلك الشعوب وإرثهم الثقافي، فالتوجيهات الصحية الأساسية ترشدهم إلى عدم لمس جثامين مَن كانوا مرضى، والاتصال بالسلطات لكي يأتوا مرتدين زيًّا أشبه برواد الفضاء، فيرشوا الجثامين بالمطهرات ويأخذوها بعيدا!

على منظمة ’أطباء بلا حدود‘ وغيرها من المنظمات الاستعانة بعلماء في علم الإنسان أو الأنثروبولوجيا، وفرق عمل من سيراليون، تعمل مع تلك المجتمعات لفهم مفاهيمهم المحلية عن الصحة والمرض وإيبولا، وحياة ما بعد الموت، وإعادة صياغة رسائل تلقى صدى لديهم، حتى يختار الناس أن يعملوا على حماية أنفسهم.

لا يمكننا الاعتماد على مواد الاتصال المتاحة حاليًّا، والمأخوذة من سياق آخر لا يتسق مع تلك المجتمعات، هذا أمر يجب أن يؤخذ في الحسبان في حالات التفشي المستقبلية، ما بعد الإيبولا وغرب أفريقيا.

الاتصال غير اللفظي

بعيدًا عن محتوى الرسائل، ثمة حاجة لفهم أوسع لمفهوم ’الاتصال‘، إذا أرادت فرق التوعية العمل بفاعلية مع السكان المحليين. فقد ذكرني التفاعل مع تفشي الإيبولا بما يقره علماء النفس من أن نحو 80% من التواصل هو غير لفظي.

يتضح ذلك جليًّا في محاولات ’أطباء بلا حدود‘ التغلب على الوصمة التي تعرض لها العديد من الناجين من المرض. فقد سُمح للمتطوعين في المنظمة بلمسهم دون ارتداء الملابس الواقية كاملة في أثناء إعادتهم لبيوتهم.

”قيل لنا إن علينا معانقتهم!“، فبعد أسابيع من التجنب، حتى لأبسط أنواع التواصل الجسدي مع أي شخص آخر، كانت هذه تجربة غريبة. لكن هذه المعانقة كانت مقصودة لتكون بمنزلة رسالة قوية للمجتمع، أن هؤلاء الناجين لا يشكلون خطرًا، وأنه ينبغي الترحيب بعودتهم والاحتفال بنجاتهم، وليس نبذهم.

إخفاقات التنسيق

تنسيق الاتصال الجيد يعد أيضًا ضرورة لاستجابة فعَّالة عند تفشي الأمراض. تلقيت يومًا بريدًا إلكترونيًّا من أحد العاملين في الدعاية الصحية بمنظمة ’أطباء بلا حدود‘ على الجانب الآخر من سيراليون، يسأل عن طفلين صغيرين من عائلة واحدة كانا قد أصيبا بالمرض، وأخذتهما سيارة إسعاف قبل شهرين، وانقطعت أخبارهما، ولم يتصل بذويهما أحد ليخبرهم ما إذا كان مرضهما هو إيبولا أم لا، وما إذا كان الصغيران نجيا أو حتى أين أُخِذا.

سمعت مرارًا عن قصص مشابهة. إن هذا الإخفاق في التنسيق كان له حتما تأثير كبير على عائلات كثيرة وعلى استعدادهم للمشاركة في جهود التصدي لتفشي المرض.

ومع ذلك، حددنا الثغرات وحسّنّا ممارساتنا. فعندما غادر الناجي رقم 200 مركز إيبولا التابع لنا في بو، صُدم منسقو الاستجابة المحلية؛ لم يكن لديهم أدنى فكرة عن نجاة هذا العدد الكبير من الأشخاص.

إذا كان هؤلاء المنسقون الموجودون في وسط نظام الاستجابة لم يعرفوا، فإن المجتمعات بالتأكيد لم تعرف أيضًا. وبمجرد إدراك الأمر، نظم المنسقون والعاملون المحليون وأطباء بلا حدود معًا برامج إذاعية تنشر الفكرة وأعداد الناجين عبر المنطقة.
 
قنوات التعليم المجتمعي

إذن كيف يمكننا ضمان تواصل أفضل مستقبلاً؟

مبدئيًّا، إن تفشي المرض في غرب أفريقيا لم ينته بعد، ولا يزال ثمة عمل عاجل يتعين إنجازه، لا سيما التعامل مع الوصمة التي يعاني منها الناجون، وثمة حاجة ماسة لأبحاث سريعة في مجال علم الإنسان لفهم كيفية التعامل وماذا يمكن عمله؟ ولماذا؟ ثم تستخدم النتائج فيما بعد في إعادة تشكيل سبل اتصالاتنا مع تلك المجتمعات ومحتواها.

لا يمكننا إضاعة الوقت، هذه المشكلة ليست نظرية أو أكاديمية، فالناجون في سيراليون يواجهون التمييز والتشرد والعزلة في الوقت الذي تُقرأ فيه هذه السطور.

بعد ذلك يمكننا النظر في مواجهة التفشي المستقبلي للأمراض، حيث يمكن تحقيق مشاركة مجتمعية أفضل عبر إيجاد طرق لتشارك الممارسات الجيدة والمعارف الجديدة بسرعة، محليًّا وإقليميًّا. وهذا سيسمح باستجابة تتطور بقفزات ضخمة، لا بخطوات صغيرة.

في سيراليون تكتب المقاطعات تقارير منتظمة ببيانات انتشار المرض، وترفعها للمستوى القومي، حيث يتم تحليلها وتلخيصها ومن ثَم مشاركتها بسرعة مع الجميع مجددًا في كل المقاطعات ومنظمات الاستجابة، غير أن وجود قناة موازية لإرسال تقارير آنية وتوزيع المعارف الجديدة على الجهات المختلفة قد يكون مجديًا. كل ما نحتاجه هو الإرادة للقيام بذلك.
 
روزامند ساوثجيت أخصائي الصحة العامة المعارة بوحدة مانسون في منظمة أطباء بلا حدود بالمملكة المتحدة. 

المقال منشور بالنسخة الدولية يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:
Health crises need real-time reporting of good practice

 هذا المقال جزء من إضاءة: إدارة الأزمات الصحية بعد الإيبولا