Skip to content

31/01/14

الحرب في سوريا والعراق تغير جغرافية العلاج بالمنطقة

health in Syria
حقوق الصورة:Flicker/ Freedom House

نقاط للقراءة السريعة

  • باحثون يقولون إن الرعاية الصحية تكتسي بملامح عسكرة، وتتخذ أبعادا إقليمية
  • ويطرحون مفهوما جديدا يستوجب إعادة تنظيم جغرافية الرعاية الصحية
  • ويدعون إلى فهم عواقب الحروب والنزاعات على الرعاية الصحية، وتحليل آثارها

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] حذر باحثون من مغبة ’عسكرة‘ و’أقلمة‘ الرعاية الصحية؛ إذ ينتجان المزيد من القلاقل، والخسائر في الأرواح، وصعوبات بالغة في الحصول على العلاج، فضلا عن تدهور العلاقة بين الطبيب والمريض.

ومن خلال تحليل آثار الحرب في العراق، والنزاع المسلح في سوريا، دعا الباحثون في دراستهم إلى إعادة تنظيم جغرافية الرعاية الصحية داخل الحدود وعبرها، وصاغوا مفهوما جديدا لتوفير هذه الرعاية أطلقوا عليه ’الجغرافيا العلاجية‘.

نتائج هذه الدراسة، نشرتها -في يناير الجاري- مجلة ’لانسيت‘ الطبية ضمن سلسلة مقالات، بعنوان "الصحة في العالم العربي: نظرة من الداخل"، أعدها من المنطقة باحثون متعددو التخصصات، بإشراف من الجامعة الأمريكية في بيروت، وجامعة بير زيت في فلسطين.  

الباحث الرئيس بالدراسة، عمر الديوه جي،  يشرح لشبكة  SciDev.Net: ”الجغرافيا العلاجية هي ببساطة ظهور مراكز طبية عبر إقليمية تشهد تدفق أعداد كبيرة من النازحين من الدول التي تعاني صراعات؛ بغية الحصول على الرعاية الصحية الأساسية“.

ويضيف الأستاذ المساعد بكلية العلوم الصحية، في الجامعة الأمريكية ببيروت: ”وعليه نحاول تتبع تعقيدات انتقال السكان تحت ظروف الصراع الذي طال أمده، وفي ظل انهيار نظام الرعاية الصحية كما في العراق وسوريا“.

ولما اصطبغت الرعاية الصحية بطابع عسكري، واتخذت بعدا إقليميا، كان من أهم ما خلص إليه البحث أن ”صار العلاج غاية ووسيلة، بل وآلة حرب في كل من سوريا والعراق“.

من ذلك تورط الأطباء في عمليات التعذيب، إما طوعا أو كرها، واستخدام الخدمة الطبية وسيلة ضغط ضد الخصوم أو الأعداء، وتقديم خدمة طبية مميزة للعسكري دون المدني. وصارت المستشفيات وغيرها من دور الرعاية الصحية، مرتعا تمارس فيه الميليشيات المسلحة الخطف والقتل والتعذيب.

بالنسبة للعسكرة؛ ورغم اختلاف السياقات الجيوسياسية في العراق وسوريا، والتسلسل الزمني للأحداث فيهما، رصد الباحثون تشابها فيما يتصل بالشأن الصحي؛ إذ انمحت الحدود الفاصلة بين المدني والعسكري، والمسلح والأعزل، وبين الأحوزة التي يتحرك فيها هذا وذاك، وبالتالي لم تعد المستشفيات والعيادات والمنشآت الصحية ملاذا آمنا، بل صارت هدفا للقصف والغارات والهجمات.

مثلا، في عام 2008 قصفت الصواريخ الأمريكية مستشفى الإمام علي في مدينة الصدر، وأعطبت 12 سيارة إسعاف. وفي غضون هذا، احتجز جنود عراقيون 35 من العاملين بالمستشفى، عندما شكوا في أنهم من جيش المهدي.

وكشفت الدراسة أنه في نهاية 2007 انخفض عدد الأطباء والممرضين في مستشفيات بغداد بنسبة 78%، وفرَّ إلى خارج البلاد 18 ألف طبيب (من أصل 34000)، واختُطف 250، وقُتل ألفان.

ولا يختلف الوضع كثيرا في سوريا؛ إذ بعد عامين ونصف العام من الصراع، تحولت مستشفيات إلى مقرات للجيش الحر، والمقاتلون صارت لهم الأولوية في تلقى العلاج، وهي ظروف يكابد فيها العزل والمدنيون الأمرين من أجل الحصول على خدمات علاجية.

في أبريل 2013، وعلى سبيل المثال، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن 57% من المستشفيات العامة في سوريا قد تضرر، وصار 36% آخرين خارج الخدمة. كما أعطبت نحو 40% من سيارات الإسعاف بالبلاد، وتعترضها القوات النظامية بحثا عن المعارضين، أو يستولي عليها أفراد القوات المعارضة لاستخدامها في نقل الأسلحة والذخيرة.

ويشير القصف الجوي المتكرر الذي طال المستشفيات إلى أن القوات الحكومية الموالية للنظام تستهدفها عن عمد، كما حدث في حلب عندما شنت الطائرات الحربية خلال 4 أشهر، ثماني هجمات على مستشفى واحد.

أيضا تستهدف قوات الأمن الأطباء، وتهدد الذي يرفض منهم الامتناع عن تقديم أي خدمة طبية لأي أفراد مناوئين للحكومة، بل يُخير المشتغلون بالمهن الطبية بين حفظ حيواتهم وبين أرواح مرضاهم.

وحتى الآن قتل 160 طبيبا، والمئات الآخرون مسجونون. وصار أطباء العيون والجراحة العامة خاصة هدفا للمسلحين من الجانبين.  

أما فيما يتصل بالأقلمة، فقد تجلت ملامحها في تحولات جذرية بخدمات الرعاية الصحية لملايين النازحين داخل البلدين وخارجهما، نشأت تبعا لحركتهم وظروفهم، وتفرقت في البلدان المحيطة، بل والبعيدة.

يؤكد الديوه جي أن ”مئات الآلاف من العراقيين والسوريين سافروا طلبا للرعاية الطبية في دول المنطقة مثل لبنان والأردن وتركيا وإيران والهند“.

وطبقا لتقرير صدر عام 2012 عن الاتجاهات العالمية من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كان العراق ثالث أكبر مصدر للاجئين في العالم، وجاءت سوريا في المركز الرابع. وقدر تقرير مركز لمراقبة النازحين في الداخل السوري بنحو 5.1 ملايين نسمة.

أما المليونان ونصف المليون النازحون إلى دول الجوار بالمنطقة، فإن جهود الدول المستضيفة لهم في استيعابهم تقصر عن تلبية احتياجاتهم الصحية.

تحليل هذه الأحوال، حدا بالباحثين إلى طرح مفهوم ’الجغرافيا العلاجية‘، وهو نهج يكشف أن ”ثمة حاجة لمنظور عالمي ودينامي من أجل فهم عواقب الحروب والنزاعات على الرعاية الصحية“.

وقرروا أن”محاولات تقديم مقترحات محددة لمعالجة عسكرة الرعاية الصحية، يقع خارج نطاق مجتمعها، بل يندرج تحت مضمار القانون والسياسة“.

من هنا يناشد الباحثون ”المجتمع الدولي الطعن في خطاب أي حكومة تشن حربا تتذرع فيها بأسباب إنسانية“.

لمواجهة العسكرة والأقلمة في الرعاية الصحية يفصح الباحثون عن ترددهم ”في تقديم توصيات سياسية محددة؛ لأنها مفاهيم ليست مفهومة على نحو تام“.  وحث البحث على ”تحليل هذه النزاعات، وآثارها على الصحة العالمية، كي نبدأ في الفهم“.


كما أكدوا وجوب أن تشمل التحليلات ”أصوات السكان والمهنيين الصحيين المتضررين وتجاربهم“.

عدم تقديم الباحثين لحلول من أجل إيقاف عسكرة الرعاية الصحية، وفصلها عن الصراعات؛ كان مثار انتقاد منى عبد العزيز، النائب السابق لمدير معهد الصحة العامة بالسودان، وأحد مراجعي الدراسة.. على الأقل والصراع دائر.

أما في مرحلة ما بعد الحرب، فإن منى تؤكد لشبكة SciDev.Net أهمية ”دور الجهات المانحة، وجهات أخرى مثل وكالات الأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية في تطوير الموارد البشرية خلال طور التعافي“.

 وتتابع: ”إن فترة الإصلاح فيما بعد الصراع مهمة جدا لبناء النظام الصحي وتقويته“.

طالع النص الكامل للدراسة بالإنجليزية:
Changing therapeutic geographies of the Iraq and Syrian Wars

تم إضافة تصريحات خاصة لموقع SciDev.Net بواسطة فريق التحرير بالمكتب الإقليمي بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

 هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط