Skip to content

22/04/15

إصلاح منظومة الصحة العربية.. الأهمية والإمكانية

hospital in darfour
حقوق الصورة:Flickr/ UNAMID Photo

نقاط للقراءة السريعة

  • ينخفض عدد الأطباء في الدول العربية قياسًا بعدد السكان إلى مستويات متدنية للغاية
  • وينخفض دخل الطبيب لدينا، لكنه ليس مبررًا لتردي الخدمات الصحية في عالمنا العربي
  • رفع رواتب الأطباء، ووضع آليات للمراقبة والمتابعة يسهم في إصلاح المنظومة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يسلط حازم بدر الضوء على أهم مشكلات المنظومة الصحية في العالم العربي، ويعرض نماذج يمكن الاستفادة منها للإصلاح
 
أيادي العرب مغلولة إلى أعناقهم عند الإنفاق على الرعاية الصحية، فإذا أنفقوا على السلاح بسطوها كل البسط.

ففي فبراير الماضي، أصدر ’المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية‘ -الذي يتخذ من لندن مقرا له- تقريره السنوي عن القدرات العسكرية واقتصاديات الدفاع لأكثر من 170 دولة، تبين من خلاله تقدم الدول العربية في قائمة الإنفاق العالمي على السلاح من حيث نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي.

في تقرير العام الماضي، كانت الدول الأكثر إنفاقًا هي سلطنة عمان والسعودية والعراق والبحرين وليبيا والجزائر واليمن والأردن.

لبيان المفارقة مع الدول التي تنفق بسخاء على الرعاية الصحية، يقول سليمان هارون -نقيب المستشفيات في لبنان-: ”تصل موازنات وزارات الصحة إلى حدود 10% من الموازنة العامة، ولا تتعدى 1% لدى معظم الدول العربية، أو أقل في بعضها“.

ويضيف هارون لشبكة SciDev.Net: ”تمثل هذه المشكلة واحدة من أهم مشكلات القطاع الصحي في العالم العربي، ومنها تتفرع الكثير من المشكلات، مثل نقص الكوادر الطبية قياسًا بعدد السكان“.

انخفاض الدخل وعدد الكوادر

ينخفض عدد الأطباء في الدول العربية قياسًا بعدد السكان إلى مستويات متدنية للغاية، فعلى سبيل المثال، دول مثل جيبوتي والسودان وموريتانيا، يصل عدد الأطباء فيها إلى أقل من 20 طبيبًا لكل مئة ألف نسمة، وترتفع النسبة إلى حد كبير في الدول النفطية لتصل إلى 222 طبيبًا لكل مئة ألف نسمة في قطر.

في تركيا 450 طبيبًا لكل مئة ألف نسمة، أما في الولايات المتحدة الأمريكية فتصل إلى 1350 طبيبًا. وذلك وفق دراسة نُشرت عام 2014 للباحث أحمد العبيدي -أستاذ مساعد في قسم الجغرافيا بكلية التربية، جامعة الموصل في العراق- كان عنوانها: ’الأمن الصحي في الوطن العربي من منظور جيوسياسي‘.
 

”تصل موازنات وزارات الصحة إلى حدود 10% من الموازنة العامة، ولا تتعدى 1% لدى معظم الدول العربية، أو أقل في
بعضها“

سليمان هارون -نقيب المستشفيات في لبنان

إضافة لقلة عدد الأطباء فإن ضعف رواتبهم مشكلة أخرى، وإن بدت متفاوتة من دولة لأخرى، فدول الخليج والأردن ولبنان تبدو أفضل حالاً، وفق خالد الشافعي، الطبيب بوزارة الصحة المصرية.

يقول الشافعي لشبكة SciDev.Net: ”الطبيب كأي مواطن يسعى للدخل الذي يؤمن له حياة كريمة، فإن لم يجده في الوظيفة الحكومية، سيلجأ إلى عمل إضافي بالقطاع الخاص، وهذا سيؤثر بلا شك على أدائه الحكومي“.

يحصل الطبيب الأردني حديث التخرج على صافي راتب 750 دينارًا أردنيًّا (1050 دولارًا أمريكيًّا)، مقارنة براتب لا يتجاوز 200 دولار في مصر، في أفضل الأحوال، بحسب الشافعي.
 
ليس بالمال وحده

ضعف الأجور ليس مبررًا من وجهة نظر فوزي الحموري، رئيس جمعية المستشفيات الخاصة بالأردن، ويقول الحموري لشبكة SciDev.Net: ”المال مهم، لكنه ليس كل شيء، بدليل أن دولة مثل كوبا أقل من دول الخليج في الإمكانيات المادية لكن لديها خدمة صحية ممتازة“.

وفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن كوبا تعد من أفضل الدول من حيث عدد الأطباء، فهناك 59 طبيبًا لكل 10 آلاف نسمة، وذلك في عام 2005، كما أن هناك على الأقل 40 ألف طبيب وممرضة وعامل صحي كوبي يخدمون في أماكن أخرى من أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.

ولدى كوبا نظام رعاية صحية شامل من خلال العيادات متعددة التخصصات، والمستشفيات التي تغطي ربوع البلاد، وتوفر الحكومة الكوبية رعاية صحية مجانية جيدة لقرابة 11.24 مليونًا من سكانها، وتعد نسب وفيات الأطفال في الجمهورية من أقل النسب عالميًّا، وتصل إلى 4.5 لكل 1000، كما يصل العمر المتوقع للكوبي إلى 77 عامًا.

في مقابل هذه الأرقام، لا يحصل الطبيب الكوبي على راتب عال، وهو مطلوب للعمل في الخارج، ومَن يستمر منهم داخل بلاده يساعد في تقديم الخدمة الصحية الجيدة، والسبب الذي يسوقه الحموري هو كفاءة ’التعليم الطبي‘.

يؤكد الحموري أن ”كوبا تتمتع بنظام تعليم طبي متميز، إذ يذهب طالب الطب من السنة الأولى إلى القرى النائية للتعرف على أمراض مواطنيه، ونتيجة لذلك أصبحت هذه الدولة محدودة الإمكانيات المادية تصدر الأطباء ومدرسي الطب إلى دول أمريكا اللاتينية“.

ولا يملك الحموري تفسيرًا للأداء الجيد للطبيب الكوبي، رغم عدم تلقيه رواتب عالية، سوى أن الخدمات العامة في كوبا تقدم بأسعار زهيدة تعين المواطن على الحياة الكريمة، حتى وإن كان راتبه ضعيفًا.
 
التجربة التركية

 ”رفعت الحكومة التركية في عام 2003 رواتب الأطباء، لكنها ربطت ذلك بأدائهم 

في المستشفيات العامة“

منى ياسين -الاستشاري في وزارة الصحة المصرية- لشبكة SciDev.Net

من التجارب الإيجابية في إصلاح المنظومة الصحية، تقول منى ياسين -الاستشاري في وزارة الصحة المصرية- لشبكة SciDev.Net: ”حتى عام 2002 كان الأطباء في تركيا يهملون عملهم في القطاع الحكومي، متوجهين للقطاع الخاص أكثر، فتنبهت الحكومة التركية للتعامل مع هذه المشكلة بشكل تدريجي“.

وتابعت منى: ”رفعت الحكومة التركية في عام 2003 رواتب الأطباء، لكنها ربطت ذلك بأدائهم في المستشفيات العامة، ثم حظرت في عام 2010 على الأطباء المعينين في القطاع الحكومي العمل في القطاع الخاص“.

ونجحت تركيا في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية فيما يخص الصحة قبل فترة طويلة من حلول الموعد المحدد وهو عام 2015.

 وفقًا لإحصاءت منظمة الصحة العالمية، انخفض عدد وفيات الأمهات في أثناء الحمل والولادة في تركيا لأكثر من النصف منذ عام 1990 ليصل إلى 20 لكل مئة ألف ولادة حية عام 2013، وتراجع عدد الرضع الذين يموتون قبل إتمام عامهم الأول من 55.7 عام 1990 إلى 16.5 لكل ألف مولود عام 2012.
 
في إصلاح المنظومة

وينطلق خالد نزار -الطبيب في وزارة الصحة الأردنية- في رؤيته لإصلاح المنظومة الصحية في العالم العربي، من التركيز على إصلاح منظومة رواتب الأطباء، متفقًا مع الطبيبة المصرية فيما ذهبت إليه من أهمية إصلاح تلك المنظومة.

وشدد نزار في تصريحات خاصة لشبكة SciDev.Net على أن التجربة التركية جيدة في هذا الإطار، لكن تطبيقها في العالم العربي يحتاج لآليات جيدة للمراقبة والمتابعة.

وأضاف: ”من دون هذه الآليات سيستفيد الطبيب من إصلاح راتبه بالحكومة، وفي الوقت نفسه لا يترك المستشفى الخاص“.

تجربتا النجاح لدولتي كوبا وتركيا، حولا الخدمة الصحية من عبء على الدولة، إلى مصدر للدخل، فصارتا من الدول الرائدة في الخدمات الصحية، بل إن الأثرياء العرب يذهبون إلى هاتين الدولتين لتلقي العلاج، وهو ما يعد إهدارًا للإمكانيات المادية لدى العالم العربي، وفق قول الطبيب الليبي علي أبو قرين، عضو اتحاد المستشفيات العربية.
 
يقول أبو قرين لشبكة SciDev.Net: ”سوق السياحة العلاجية في العالم بلغ 100 مليار دولار عام 2014، كانت حصة العالم العربي منها لا تكاد تذكر“.

ويضيف أبو قرين رقمًا آخر صادمًا: ”أنفقنا خلال نفس العام 3 مليارات دولار في دول غير عربية ذهبنا إليها لتلقي العلاج“.
 

  

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا