Skip to content

28/11/13

دور العلم في إنتاج غذاء متنوع ومغذ

CropDiversity_Panos
حقوق الصورة:Chris Stowers / Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • أفواه البشر ستصل إلى 10 مليارات بحلول 2050، لذا يجب زيادة الإنتاج الغذائي
  • بإمكان العلوم أن تقدم أدوات واستراتيجيات، لكن يجب تغيير السياسات أيضا
  • لا سيما، إيجاد طرق لتوصيل الوسائل العلمية لأيدي المزارعين

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

كيف يمكننا زراعة محاصيل غذائية أكثر بموارد أقل؟ هل تجيب العلوم؟ جان بيوترووسكي يحقق للإجابة
 
تصاعدت أسعار المحاصيل الأساسية في أفريقيا عامي 2007 و2008، فأثارت موجة من أعمال، سلّطت الضوء على تأثيرات نقص الغذاء.
 
وطافت صور الاضطرابات العالم، كما طرح ما تبعها من عدم الاستقرار على طاولات النقاشات السياسية سؤالا: كيف لنا أن نضمن وصول طعام كافٍ، وآمن، ومغذٍّ لكل فرد؟
 
إن قضية الأمن الغذائي تمسّ كافة جوانب أجندة التنمية، ابتداءً من الزراعة والإدارة البيئية وحتى الاقتصاد والحوكمة والعدالة الاجتماعية. وهي تمثل تحديا حله غير بسيط.
 
ثمة أمر واضح؛ إذا كان من الضرورة زيادة الإنتاج الغذائي بنسبة 70% بحلول 2050 لإطعام سكان العالم المتزايدين –كما تتنبأ منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة- فعلينا إنتاج المزيد بموارد أقل.
 
كيف تتحقق هذه القفزة في استدامة الإنتاج الغذائي هو”أحد الأسئلة الكبرى في وقتنا الحالي“، حسبما تقول سيج سناب، أستاذ التربة ونظم زراعة المحاصيل بجامعة ميتشجن في أمريكا.
 
إن ما يقدر بنحو 10 مليارات نسمة سيعيشون على ظهر الأرض بحلول 2050. تجب زيادة الإنتاج لإطعامهم في وقت تشح فيه الموارد اللازمة لزراعة المحاصيل؛ بسبب التمدن والتدهور البيئي والتنافس على الأراضي من جانب صناعات الوقود الحيوي، ومُربّي الماشية.
 
في القرن الماضي، وفي أثناء الثورة الخضراء، كان للعلوم والتكنولوجيا أثر بيّن في تحويل وجه الزراعة.
 
لكن في القرن الواحد والعشرين، هل لا يزالان مفتاحين أساسيين لأمن غذائي طويل الأمد؟ أم سنجد حل مشكلة انعدام الأمن الغذائي في تغييرات هيكلية وسياسية واجتماعية أعمق؟
 
الحبوب لا تحل المشكلة

يُنتج أكثر من 2.3 مليار طن من الحبوب سنويًّا، طبقا للفاو. بشكل مباشر أو غير مباشر كون بعض هذه الحبوب غذاء للمواشي، فهي المسؤولة عن الكم الهائل من السعرات الحرارية التي يستهلكها البشر.
 
تقول الفاو إن محاصيل القمح والذرة والأرز وحدها مسؤولة عن نحو نصف السعرات الحرارية، و40% من البروتين المستهلك في دول العالم النامي.
 
وتضيف سناب: ”رغم أن الحبوب تعتبر زراعات ثقيلة الوزن، إلا أن هناك إقرارا متزايدا بأنه لا يمكن الاعتماد عليها وحدها لإطعام العالم“.
 
إن المعايير التقليدية للأمن الغذائي تركز على الوصول إلى السعرات الحرارية، ولا تسَلِّم بأهمية استهلاك مقدار متنوّع من المغذّيات. وبدلا من ذلك –كما تقول سناب- فإنها تضع الأنظمة الأحادية الهادفة لتحقيق أقصى قدر من غلة الحبوب على رأس الأولويات، ما يفضي إلى وجبات غذائية تفتقد إلى تنوُّع البروتينات والمغذيات الدقيقة الأخرى.
 
تقول سناب لشبكة  SciDev.Net: ”إذا استمر العالم في هذا المسار الأحادي؛ ستكون هناك تأثيرات خطيرة على الأمن البيئي والغذائي والتغذوي“.
 
وتؤكد سناب أن أهم خطوة باتجاه تحسين الأنظمة الغذائية للبشر -خاصة لدى فقراء المزارعين- هي تشجيعهم على إنتاج محاصيل متنوعة في كل مزرعة، بل وأصناف متنوعة من كل محصول.
 
تكشف أبحاث سناب أن المزارعين الأفارقة الذين يزرعون خليطا من المحاصيل المُثبِّتة للنيتروجين في التربة -مثل فول الصويا والفول السوداني والعدسيات- في عام، ثم يتبعونه في العام التالي بمحصول ذرة وحدها، يحصدون غلالا بنفس المقدار الذي يحققه الزارعون -أحاديو المحصول- للذُّرة فقط، ولكن بمحتوى بروتيني بزيادة 50%، وبنصف كمية المخصبات التي يستخدمها الأحاديون.
 
هؤلاء الأفارقة أكثر قدرة على التعامل مع الضغوط البيئية مثل الجفاف أو الفيضانات، المتوقع تزايدها كلما ازداد ارتفاع درجات الحرارة، حسبما تقول سناب.
 
وتوضّح سناب أن للعلوم دورا مهما في صقل هذه الاستراتيجيات ونشرها، لكن غياب الدعم السياسي يعوق انتشارها حول العالم.
 
هل يأتي التنويع في وقت لاحق؟
 
إن تنويع المحاصيل أمر مهم، لكن التركيز العلمي يجب ألا ينصرف عن تحسين ’ركائز الإنتاج الغذائي‘، حسبما يقول هانز جواشيم براون، مدير برنامج القمح العالمي في المركز الدولي لتحسين الذرة والقمح بالمكسيك.
 
يضيف براون أن زراعة محاصيل الحبوب بشكل أكثر كفاءة يعد هدفا ساميًا لإخلاء جزء من الأرض من أجل زراعة المزيد من المحاصيل الأخرى، دون تقليل إجمالي السعرات الحرارية المُنتجة.
 
ويتابع هانز قائلاً لشبكة  SciDev.Net: ”علينا زيادة الإنتاج (من الحبوب) أسرع بكثير من الزيادة السكانية، حينها فقط سنتمكن من تنويع أنظمة المحاصيل إلى الحد المطلوب“.
 
كذلك يؤكد هانز أهمية العلوم في تحسين جودة الحبوب، لا كميتها وحسب، من خلال زيادة تركيز المغذيات الدقيقة مثل الزنك والحديد.
 
والجوع المستتر –الناجم عن نقص المغذيات الدقيقة- لا يمكن سده بتحسين المحاصيل فقط، ورغم اعتراف براون بفشل برامج التدعيم (بالمغذيات) في العديد من الدول النامية، فهي قد تساعد كثيرا.
 
تعد الحيوانات مصدرا آخر مهما للمواد الغذائية، وما دام البشر يأكلون المزيد من اللحوم، فإن إيجاد طرق أكثر كفاءة في تربية ثروة حيوانية لا تنافس زراعات أخرى؛ تمثل أولوية.
 
القطن المعدل وراثيا –أحد الابتكارات في هذا الصدد- تخلو بذوره من سُم، يحول دون استخدام بذور القطن الغنية بالبروتين، علفا في المزارع السمكية ومزارع الخنازير والدواجن.
 
وإذا ثبتت مأمونية هذه الطريقة للاستهلاك الآدمي، فإن فريقا دوليا خلف هذا البحث، يعتقد أن بإمكانها تلبية احتياجات 500 مليون نسمة من البروتين.
 
ويستكشف الباحثون بدائل أخرى، ابتداءً من تطوير تقنيات لتربية حشرات تغتذي على نفايات الغذاء والبشر، وحتى تصنيع أنسجة بروتينية في المختبرات.
 
العلم هو المفتاح، والسياسات كذلك
 
أكيم دوبرمان -نائب المدير العام للبحث العلمي بمعهد أبحاث الأرز الدولي في الفلبين- يسلم بضرورة البرامج البحثية لتحسين المحاصيل الزراعية في تحقيق الأمن الغذائي مستقبلا.
 
ومع هذا، ركزت التحسينات الجينية كثيرا على جينات معينة أو مسارات مُنظِّمة للصفات الوراثية مثل مقاومة الآفات أو حجم الحبة. يقول دوبرمان إنه ينبغي على الباحثين السعي لتحقيق أهداف أكثر طموحا تتضمن مسارات جينية متعددة.
 
ويعتقد دوبرمان أن رفع مستويات التمثيل الضوئي –وهي محاولات جارية للمعهد والمركز- أو منح الحبوب القدرة على تثبيت النيتروجين، قد تؤدي إلى ’قفزات هائلة‘ في الغلة والكفاءة.
 
ويرى أن هذه الاستراتيجيات الخيالية تتطلب عقودا حتى تؤتي أكلها، ولا بد من تطوير تقنيات أخرى لردم الفجوة.
 
ويستطرد دوبرمان موضحا أن التقنيات المستخدمة في دول العالم النامي لحفظ الغذاء صالحا بعد حصاده –ومنها معدات تجفيف الحبوب وتخزين المحاصيل- تحتاج مزيدًا من التطوير.
 
وطبقا لتقرير مشترك من ’الفاو‘ و’البنك الدولي‘، فإن أوجه القصور في تجهيز الحبوب وتخزينها في ’أفريقيا جنوب الصحراء‘، تُكلف المنطقة أربعة مليارات دولار سنويًّا، أو نحو 15% من إجمالي الإنتاج.
 
يقول دوبرمان إنه بالإمكان اتخاذ خطوات مهمة نحو تحسين الأمن الغذائي باستخدام التقنيات والمعرفة الحالية.
 
بيد أن السياسات ذات الصلة بإعانات الأسمدة، وحقوق حيازة الأراضي، غالبا ما تثني المزارعين عن تبني استراتيجيات بديلة. وهذه السياسات يجب إصلاحها لتُحفّز الإبداع، وللوصول إلى تقنيات حديثة وقطاع أعمال نابض بالحياة.
 
ويوضح دوبرمان أن أنظمة ’الإرشاد‘ التي تجسر الهوة بين المختبرات وحقول المزارعين، غالبا ما تكون ضعيفة في الدول النامية، ما يشكل عقبة رئيسية أمام نشر المعرفة العلمية.
 
نشر الكلمة
 
أنشطة الإرشاد التقليدية، التي تديرها الدولة، تميل إلى التركيز على ترويج أنواع بعينها من البذور أو تقنيات محددة، بدلا من تبني مناهج أكثر شمولية لزيادة الغلال مع الحفاظ على البيئة في الوقت نفسه.
 
يهدف ’المركز الدولي لتحسين الذرة والقمح‘ إلى تغيير ذلك من خلال دعم محاور المعرفة الموجودة في أفريقيا جنوب الصحراء والمكسيك. وهذه المحاور تزود المزارعين بمعلومات حول البذور وممارسات الهندسة الزراعية والآلات.
 
وهي أيضا تسمح للمزارعين بانتقاء واختيار حلول للمشكلات التي يرونها مهمة، من خلال ما تُنَظَّمه من خلال اجتماعات، وورش عمل، وهواتف نقالة.
 
إن كيفية توصيل المعرفة العلمية لأولئك الذين يحتاجونها هو سؤال محوري للنقاش حول الأمن الغذائي، كما يقول شون هوبس، مدير بنك المعرفة؛ وهو مبادرة عالمية لنشر المعرفة حول آفات النباتات وأمراضها.
 
يقول هوبس لشبكة  SciDev.Net: ”إن هناك تعطشا حقيقيا للمعرفة بين المزارعين الذين يعيشون عند الكفاف، لكن وصولهم إليها صعب“.
 
يجمع البنك بين المعرفة التقليدية والمقاربات العلمية من أجل خلق قاعدة بيانات كبيرة -متاحة على الإنترنت- تضم الأمراض النباتية وطرق معالجتها. كما يقوم المشروع كذلك بتدريب المرشدين المحليين في 31 دولة على كيفية التعرف على أمراض النباتات وعلاجها، ومن ثم نشر هذه المعرفة للمزارعين من خلال ’عيادات‘ في أماكن اجتماع محلية.
 
ويؤكد هوبس أنه من الصعب تقييم تأثير هذه المبادرة، لكن المؤشرات الأوّلية واعدة للغاية.
 
على سبيل المثال، سجّل المزارعون في بنجلاديش زيادة في الدخل، وفي غلال المحاصيل بنسبة 24%، و9% على التوالي، بعد زيارة هذه العيادات، على حد قول هوبس. 
 
ويرى هوبس أن ثورة التكنولوجيا الرقمية تقدم ”إمكانات هائلة لإعلاء صوت الرسالة“، ولتوسيع نطاقها، بحيث يكون لدى كل مزارع حق النفاذ إلى المعلومات لاتخاذ قرارات مستنيرة.
 
ولأنها قضية متعددة الأوجه، فالراجح أنه لن يكون هناك حل سحري لضمان الأمن الغذائي. لكن إيجاد طرق مبتكرة لنشر المعرفة مقترنة بدعم مستمر للبحث العلمي يبدو ضمانا لبقاء العلم سلاحا حيويا في الأعوام القادمة.
 


التحليل منشور بالنسخة الدولية ويمكن مطالعته عبر العنوان التالي:
Science’s role in growing diverse nutritious food 

التحليل جزء من ملف بعنوان: ضمان الأمن الغذائي في المستقبل