Skip to content

10/02/16

أتعتق التكنولوجيا عاملات المزارع من السخرة؟

technology rescue women farm workers from drudgery
حقوق الصورة:Flickr/ USAID U.S. Agency for International Development

نقاط للقراءة السريعة

  • في مزارع البلدان الفقيرة، تقوم النسوة بعمل يدوي مُضنٍ
  • مشقة العمل تجعل معيشة ملايين العاملات ضنكًا
  • يقول النقاد إن الباحثين بحاجة إلى فهم آلام عاملات المزارع واحتياجاتهن

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

تقول م. سريلاتا وناعومي أنتوني بأننا أبعد ما نكون عن تخفيف العمل الشاق الذي تقوم به النساء في المزارع
 
إن المهمة البسيطة في ظاهرها، والمتمثلة في نزع القشور عن كيزان الذرة باليدين، هي أصعب مما يبدو؛ فمن أجل إنتاج كيلوجرام واحد من الحبوب، تستخدم عاملة المزرعة في المتوسط أطراف أصابعها 522 مرة، وأظفارها 144 مرة، وكفيها 55 مرة، وفقًا لمسح أجرته وزارة الزراعة الهندية.
 
 في جميع أنحاء العالم النامي، يمكننا أن نجد نساء يعملن ساعات طويلة دون راحة- سواء كن شابات أو مسنات، صحيحات أو مريضات. تقوم النساء بجمع أوراق الشاي، ومعالجة نبات التبغ، وتقشير لوزات القطن، ورش الأسمدة في الحقول، وزَرْع الأرز. وفي العالم المتقدم، عادة ما تتم هذه الأعمال بواسطة الآلات. لكن في البلدان الفقيرة، فإن الكثير من العمل الشاق يتم عن طريق اليد- وخصوصًا أيدي النساء.
 
وفي هذا السياق، يقول أنيل جوبتا -نائب الرئيس التنفيذي للمؤسسة الوطنية للابتكار في الهند-: ”إنه لأمر مُخزٍ، فبوسع الهند إطلاق حتى عشرة أقمار صناعية في عملية إطلاق واحدة وفي مدارات مختلفة. إن القدرات العلمية والتكنولوجية التي لدينا هائلة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالمشكلات التي تواجه النساء، هناك صمت كبير، وهناك قدر هائل من اللامبالاة“.
 
قوى عاملة غير مرئية
 
إن العمل الشاق الذي تقوم به النساء في قطاع الزراعة، وتأثيره على تعليمهن، وأمنهن الغذائي، وصحتهن، وإنتاجيتهن، والدور المحتمل للتكنولوجيا في الحد من آثاره، كان محور مؤتمرات دولية وتقارير تصدر عن منظمات دولية.
 
وفق تقرير عن دور المرأة في الزراعة أصدرته الأمم المتحدة عام 2010، تشير التقديرات إلى أن النساء يُسهمن بنسبة 47% من الأيدي الزراعية العاملة على مستوى العالم. لكن هذا المعدل الدولي مضلّل؛ ففي كثير من البلدان، تكون النسبة أعلى بكثير. ففي ليسوتو وموزمبيق وسيراليون، على سبيل المثال، تحمل النساء أكثر من 60% من عبء العمل الزراعي. وفي مصر، تشكل النساء أقل من نصف القوة العاملة الزراعية، لكنهن يمثلن 85% من العمالة الزراعية غير المأجورة.
 
طوال قرون، لم تتغير طبيعة العمل اليدوي الذي تقوم به النساء في كثير من البلدان النامية إلا قليلًا، إما لأن التقنيات والابتكارات لم تلبّ احتياجاتهن الخاصة، أو لأنها يصعب الوصول إليها أو لا يمكن تحمّل تكلفتها.
 
يعود جزء من المشكلة -برأي إيبا أوجستين، وهي الرئيس التنفيذي لمؤسسة ’سانِد‘، وهي منظمة غير حكومية تتخذ من مصر مقرًّا لها- إلى أن العاملات الزراعيات يمثلن قوة عاملة ’غير مرئية‘، واللواتي ينظرن إلى العمل في المزارع كامتداد لدورهن الأسري، أو يُنظر إليهن من قبل الآخرين كمساعدات غير مأجورات لأزواجهن.
 
وبالتالي، فإن جزءًا من التحدي الذي يمثله تناول مشكلة العمل الزراعي الشاق الواقع على كاهل النساء يتمثل في تغيير المواقف الثقافية الراسخة. وعلى سبيل المثال، كما يقول جوبتا، فكثيرًا ما تُحرم النساء من الحصول على المعدات، مثل أدوات الحدادة والنجارة، التي تجعل عملهن أيسر. وفي هذا السياق، يقول: ”كان معدل التغيّر التكنولوجي في المهام التي يؤديها الرجال أسرع من ذلك بكثير“.
 
 أدوات للجنسين
 
بالنظر إلى التحيُّز الذكوري في استخدام الأدوات، فإن ثمة حاجة إلى تعديل التقنيات بحيث تلبي احتياجات العاملات الزراعيات- وكذلك جعلها رخيصة بما فيه الكفاية لكي تحصل عليها النساء. ويمكن أن تشمل هذه الآلات الزراعية التي تأخذ في الاعتبار الاحتياجات والقدرات المختلفة لأجساد النساء، بحيث تراعي كتلة الجسم والقوة العضلية الأقل عادة لديهن، والاختلافات المتعلقة بوضعية الجسم، وقوة التحمل، والقدرة التنفسية للرئتين، ومعدلات استهلاك الأكسجين.
 
ومن جانبه، يقول بيتام شاندرا -مدير المعهد المركزي للهندسة الزراعية في الهند-: ”إن أداء أداة ما أو [إحدى] المعدات لا يعتمد فقط على خصائصها البنيوية، لكن أيضًا على العمال الذين يقومون بتشغيلها“. لكن الأبحاث في هذا المجال كانت محدودة ومجزأة وتفتقر إلى المنهجية.
 
وفي الهند، حيث تمثل النساء ما يقرب من نصف عدد العمال الزراعيين في البلاد، والبالغ عددهم 241 مليونًا، كانت المؤسسة الوطنية للابتكار قد أعلنت أنها ستقدم جائزة بقيمة مليون روبية لمن يتمكن من تصميم جهاز لتقليل المشقة التي تعانيها النسوة اللواتي يقمن بقطف أوراق الشاي وزرع شتلات الأرز.
 
وحتى عندما كانت البحوث واعدة، كثيرًا ما أخفقت النتائج في الانتقال من معاهد البحوث إلى الحقول التي تعمل فيها النساء.
 
وفي هذا السياق، يقول وايس كبير -وهو الرئيس التنفيذي للمجلس البنجلاديشي للبحوث الزراعية-: إن الباحثين بحاجة إلى فهم ”آلام النسوة العاملات واحتياجاتهن“، ويشير إلى أن العلماء في المجلس البنجلاديشي للبحوث الزراعية يقضون فترات طويلة من الوقت في زيارة القرى ولقاء المزارعين المحليين قبل تصميم المنتجات التي تضع النسوة العاملات في اعتبارها.
 
بيد أن الإنتاج واسع النطاق للمنتجات الزراعية بأسعار في متناول عاملات المزارع من النساء ليس بالمهمة السهلة. ويذكر شاندرا أن المعهد المركزي للهندسة الزراعية قام بتجميع بيانات حول البنية الجسدية لعمال المزارع الهنود من الذكور والإناث، بغرض توجيه تطوير وتحسين أدوات يسهل استخدامها من قبل كلا الجنسين. ويقول إن المركز قام منذ عام 1996 بتطوير نحو 25 ابتكارًا تستهدف إراحة النساء.
 
وعلى أية حال، فلم يصل سوى أقل من نصفها إلى النساء اللواتي صُمّمت من أجلهن. وفي هذا السياق يقول شاندرا: ”لقد كانت هناك بعض النجاحات؛ فهناك بضع مئات الآلاف من الأدوات والآلات التي يسهل استخدامها من قبل الجنسين، والتي هي قيد الاستخدام بالفعل. وعلى أية حال، فهي لا تمثل إلا قطرة في محيط“.
 
ثمة منجل محسّن تم تصميمه في المعهد المركزي للهندسة الزراعية، يقلل الجهد بنسبة 16%، لكنه لا يزال في طور النموذج الأولي. وكذلك الأمر بالنسبة لتصاميم أخرى لأجهزة لزرع بذور الأرز ونزع الأعشاب الضارة، وأدوات التنظيف المعلّقة التي تسمح للعمال بإزالة الأوساخ والحجارة من الحبوب دون الحاجة إلى الانحناء ساعات طويلة.
 
وحتى عندما تتمكن الآلات أو المعدات الجديدة من شق طريقها من المختبر إلى السوق، فقد لا تتمكن النساء من جني فوائدها. ففي الثقافات التي تعتبر الآلات الميكانيكية تخصصًا قاصرًا على العمال الذكور، فإن التقنيات المصممة على وجه التحديد بحيث تأخذ في اعتبارها المستخدمات من النساء وأنشطتهن، قد تُصبح ”جذابة للعمال الذكور“؛ لأن الحل ينطوي على تسهيل استخدام تلك الآلات، كما يقول شاندرا.
 
قضايا التسويق
 

ومع ذلك، ففي حوار مع SciDev.Net، يشير شاندرا إلى الاهتمام المتزايد في الهند بتوفير آلات وأدوات أكثر ملاءمة للنساء، الأمر الذي يمثل في جزء منه استجابة للنقص الحاد في العمالة الزراعية.

وفي الوقت الحالي، يعكف المعهد المركزي للهندسة الزراعية على وضع نموذج للشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل إنشاء مراكز للتصنيع في المناطق التي يشتد فيها الطلب على الأدوات والآلات التي يسهل استخدامها من قِبل النساء.
 
في هذا السياق، يقول شاندرا إن الحكومة بدأت أيضًا في تحمّل جزء من تكلفة هذه الآلات نيابة عن عمال المزارع. وأضاف قائلًا: ”لدينا خطة طموحة للغاية لطرح هذه الأدوات في الأسواق ومحاولة توفيرها للنساء بتكلفة أقل. تمثل هذه مهمة جسيمة، كما سيستغرق الأمر وقتًا طويلًا لكي نجني فوائدها“.
 
وفي بنجلاديش المجاورة، يقول كبير إنه يتم التركيز بشكل أكبر على استيراد آلات ومعدات أكثر ملاءمة من دول مثل الصين، بدلًا من إنتاجها محليًّا؛ حيث إن الأرباح المحتملة ستكون منخفضة للغاية بالنسبة للمصنّعين المحليين.
 
وجارٍ أيضًا استكشاف سبيل ثانٍ من خلال سلسلة من التجارب الحكومية، تقوم بموجبها مراكز الإرشاد الزراعي المنتشرة في المزارع بتوريد المعدات التي تنتجها الشركات المصنّعة التي تديرها الدولة للنساء مجانًا. وتشمل هذه أدوات لنثر الأسمدة، وأدوات تقشير الثمار والدرّاسات، والتي ثبتت شعبيتها لدى النسوة المزارعات.
 
تقول أوجستين إنه لا يجري التعامل مع النساء دائمًا باعتبارهن جمهورًا مستهدفًا مهمًّا من قبل برامج الإرشاد الزراعي، والتي تهدف إلى ردم الهوة بين المختبر والحقل. وفي مصر، على سبيل المثال، فإن رسائل الإرشاد الزراعي تستهدف المزارعين الذكور وحدهم، كما تقول أوجستين.
 
وأخيرًا، هناك التحدي المتمثل في ضمان أن يتم تدريب النساء على إصلاح وصيانة المنتجات القليلة التي تصل بالفعل إلى المزارعات في الحقول. وفي هذا السياق، يقول شاندرا: ”إذا كان بوسع النساء في المناطق الحضرية تشغيل الآلات، فليس هناك من سبب يمنع تشجيع النسوة الريفيات على تشغيل المعدات الزراعية. لا يحتاج الأمر إلا إلى البنية التحتية والمرافق اللازمة لتدريبهن في المناطق الريفية المحيطة بأماكن إقامتهن“.
 
الابتكار رغم الصعوبات
 
بالنظر إلى الأولوية المتدنية التي تمنحها الحكومات، والشركات المصنّعة، وحتى المنظمات غير الحكومية لتخفيف العمل الشاق عن كاهل العاملات من النساء، فإن التقدم في معالجة المشكلة يسير ببطء، كما حدثت انتكاسات في بعض الأحيان.
 
تستشهد أوجستين بدراسة أجريت في عام 2011 من قِبل اتحاد مؤسسات البحوث الزراعية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي وجدت أن الجهود الرامية إلى طرح الآلات التي يسهل استخدامها من قبل الجنسين قد توقفت في كل من مصر والأردن بعد وصول الدعم المقدّم من الجهات المانحة إلى نهايته.
 
ومع ذلك، فقد كانت هناك بعض قصص النجاح البارزة، كما يقول جوبتا، ويضرب بأرخيبن فانكر مثلًا على ذلك، وهي قابلة من ولاية جوجارات الهندية، صارت تُعرف باسم ’سيدة المبيدات الحشرية‘. وفي هذا السياق، صرّح جوبتا لشبكة SciDev.Net قائلًا: ”عندما تضطر النساء إلى استخدام المبيدات الحشرية، فإنهن غالبًا ما يستخدمن المبيدات الحشرية الكيماوية، والتي تضرّ بصحتهن؛ وبالتالي، فبالإضافة إلى العمل الشاق، هناك أيضًا مخاطر صحية“.
 
قامت فانكر بتطوير مبيد حشري مشتق من الأعشاب، يقلل التكاليف، إضافة لكونه خاليًا من السموم. وبعد اختبار العديد من الخلاصات النباتية المختلفة، اكتشفت أن بعض النباتات الـمُرّة يمكنها طرد الحشرات الضارة، مثل المنّ والبق الدقيقي والذباب الأبيض. وقد أظهرت الدراسات أن المبيدات الحشرية البيولوجية لها نفس فاعلية المبيدات الحشرية الكيماوية.
 
وقد تعرّفت المؤسسة الوطنية للابتكار على عدد من الاختراعات الأخرى التي توصلت إليها نساء، بما في ذلك المبيدات الحشرية المشتقة من زيت الكافور، ومادة عشبية تعزّز نمو الطماطم، ومسحوق للأسنان (معجون أسنان في شكل مسحوق) مصنوع من لبن الشجر، وعلاجات عشبية للعدوى الحيوانية.
 

أما الابتكارات الأخرى التي صممتها عاملات زراعيات، والتي وثقتها المؤسسة الوطنية للابتكار، فتشمل مضخة تستمد طاقتها من التبديل على دراجة لسحب المياه الجوفية؛ ومظلة تنثني لتقوم برش المياه في الحقول، وموقد ’اثنين في واحد‘ يقوم في الوقت نفسه بطهي الطعام وتسخين المياه في المنزل.
 
وفي المناطق الأخرى من العالم، يتم تشجيع عدد من الابتكارات الشعبية المماثلة.
 
ثمة آلة لطَحن ودَرْس الحبوب، وهي نتاج مشروع مشترك بين مؤسسة بيل وميليندا جيتس وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. تُزوّد تلك الآلة بالطاقة من خلال محرك يعمل بالديزل، ويمكن أن تعمل أيضًا كمزيل لقشور الثمار، وشاحن للبطاريات- كما يمكنها توليد الكهرباء اللازمة للإضاءة، والتبريد، وضخ المياه، ومعدات النجارة.
 
وتتوفر الآلة في المجتمعات المحلية في أنجولا، وبوركينا فاسو، ومالي، حيث تم تدريب النساء على بناء الجهاز بأنفسهن، كما يقول هافن لي، وهو مسؤول البرامج الأول في مؤسسة بيل وميليندا جيتس. يمكن لهذه الأجهزة أن تنفذ المهام الشاقة تقليديًّا، مثل إزالة القشور، وطحن الذرة، وحبوب الدخن، والذرة الرفيعة، وغيرها من الحبوب، والتي تتم عادة باستخدام هاون ومدقة أو حجر الطحن. من شأن ميكنة هذه المهام أن تجعلها أسهل وأسرع، وربما أكثر ربحية.
 

 

شارك في التغطية تي..في. بادما.

التحليل منشور بالنسخة الدولية يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:

?Can technology rescue women farm workers from drudgery