Skip to content

02/03/14

في منطقتنا.. ريادة الأعمال تستلزم النفس الطويل

Entrepreneurship
حقوق الصورة:Flicker/ TEDxYouthDoha

نقاط للقراءة السريعة

  • إحباطات كثيرة تحاصر رواد الأعمال في العالم العربي، من أبرز أسبابها التجاهل
  • المستثمرون ورجال الأعمال لا يدعمون شباب رواد الأعمال
  • المثابرة وكثرة طرق الأبواب وعدم اليأس قد يبلِّغ الأرب في نهاية المطاف

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

الشباب يبتكرون، ويبدعون نماذج أولية ناجحة، ويحوزون الجوائز، والقليل يفلح في إنشاء شركة.. حازم بدر يلقي ضوءًا
 
صار الفلسطيني محمد عساف نجمًا في العالم العربي يحظى باهتمام وتقدير بالغَيْن، بعدما حاز جائزة برنامج لاكتشاف المواهب الفنية، ومعها حزمة من المكافآت المالية والعينية، من بينها سيارة حديثة الطراز غالية الثمن!
 
قبل فوزه، وجه رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، سلام فياض، نداءً على حسابه بالفيس بوك، جاء فيه: ”أدعو كافة أبناء الشعب الفلسطيني ومؤسساته لدعم النجم الشاب محمد عساف، والوقوف معه في تنافسه في مسابقة أراب أيدول، وأناشد جميع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص -خاصةً شركات الاتصالات- إلى إظهار كل الدعم لمساعدة محمد من أجل الفوز في هذه المسابقة“.
 
وشيء شبيه صدر باسم الرئيس عن مؤسسة رئاسة السلطة الفلسطينية، بل ترأس وكيل وزارة إعلامها ’الحملة الوطنية لدعم عساف‘. وذكرت صحيفة القدس العربي أن عرب الأحواز في إيران تعاطفوا معه وصوتوا لصالحه.
 
عساف أصبح الآن سفيرا للنوايا الحسنة لدى الأنروا، وهي وكالة لغوث اللاجئين الفلسطينيين تتبع الأمم المتحدة، كما كرمه الرئيس الفلسطيني محمد عباس، ومنحه لقب سفير فلسطين للنوايا الحسنة، فضلا عن مزايا دبلوماسية أخرى يتمتع بها. والجميع يتسابق لدعمه، والأمثلة على مثله لا تكاد تنتهي.
 
كان هذا منتصف 2013. وفي أول العام نفسه، أعلنت المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، عن فوز باحثة أردنية في مجال الطاقة المتجددة بجائزة المركز الثاني لمسابقة خطط الأعمال التكنولوجية.
 

 ”لم تكف الجائزة المالية لإنتاج نموذج أولي“           الباحثة آسل إبراهيم

قيمة الجائزة العلمية كانت 4 آلاف دولار أمريكي فقط، حصلت عليها الباحثة الشابة آسل إبراهيم، عن اختراع لتركيز أشعة الشمس وإنتاج الطاقة عبر ناقل حراري باستخدام المرايا والعدسات.
 
وللآن، ما برحت الفكرة الأوراق، فليس بمُكنة آسل حتى الآن إخراجها إلى حيز الوجود، ونقلها من النظرية إلى التطبيق.
 
إحباط
 
كمن يتبرأ من تهمة، تكاد تقسم الباحثة الأردنية أنها ليست ضد الفن، لكنها لا ترضى أن تصرف كل هذه الإمكانات إلى الفن والرياضة.
 
وتقول آسل لشبكة SciDev.Net: ”لم تكف الجائزة المالية لإنتاج نموذج أولي، فتكلفته تبلغ 50 ألف دولار على الأقل“، وهو مبلغ ضخم لم تجد بين الشركات العاملة في مجال الطاقة الشمسية بالأردن من يساعدها على توفيره.
 
كانت آسل هادئة وهي تحكي تجربتها، غير أن الكويتي خالد عيد -الذي حل في المركز الثالث بالموسم الرابع لمسابقة نجوم العلوم لعام 2012، التي تنظمها مؤسسة قطر  للتربية والعلوم وتنمية المجتمع- بدا في غاية العصبية وهو يروي لشبكة SciDev.Net ما لديه.
 
اخترع مهندس الإلكترونيات الكويتي جهازا متنقلا يُدعى ’هوليفيك‘، يجعل من تقنية العرض المجسم ثلاثي الأبعاد متاحة في المنازل وبيئات العمل، بحيث يستخدم للأغراض الشخصية والمهنية والتعليمية.
 
أيضا لم يجد خالد بين العرب من يلقي لاختراعه بالا، في حين اهتم به مستثمر روسي، ويسعى معه لتنفيذ النموذج الأولي من أجل تسويقه عالميًّا.
 
كان خالد يحتاج لمبلغ لا يقل عن 200 ألف دولار لعمل النموذج الأولي، في حين كانت جائزته 100 ألف دولار.
 
أما المصري محمد عبد الرحمن، الحاصل مع مجموعة من شباب الباحثين على الجائزة الأولى في مسابقة ’صنع في مصر‘ العام الماضي، فبعد شيء من حضور إعلامي لم يزد على أسبوع، لم يجد ما انتظره من دعم حكومي.
كان محمد -وهو خريج كلية الهندسة بجامعة حلوان- قد اخترع ماكينة تنتج الخبز آليا دونما أيد عاملة.
 
يقول المخترع المصري: ”إشادة المسؤولين الذين زاروا معرض ’صنع في مصر‘، كانت كفيلة بطمأنتنا على دعم حكومي، لم نلقه حتى الآن“.
 
هناك أيضا منى سرور، الفائزة في مسابقة ’الروبوكون‘ العالمية، وهي مسابقة سنوية خاصة بطلبة الجامعات والكليات والمعاهد التقنية بدول آسيا والباسيفيك، تشارك فيها مصر.
 
حصلت منى ومجموعة من زملائها على المركز الثالث بالمسابقة.
 
تقول منى: ”فريقا اليابان والهند اللذان حصلا على المركزين الأول والثاني في المسابقة، نجحا في تطبيق اختراعهما من قبل الدولة والقطاع الخاص، أما نحن فلم نجد من يهتم بنا“.
 
لماذا؟
 
تطرحها منى: ”قمة الإحباط أن تشعر بهذا الفارق الذي يقتل أي رغبة في الإبداع والابتكار، وسببه أنه لا يوجد في العالم العربي ثقة في المخترع، لا سيما إذا كان شابًّا صغير السن“.
 
خالد عيد يرى أن شيوع هذه الحالة في العالم العربي يرجع إلى سببين: أولهما غياب المسؤولية الاجتماعية للشركات، فهي ”لا تستثمر نقودها إلا فيما يربح“.
 

”ليس من المفترض أن يبذل المخترعون جهدا للوصول للجهة الداعمة، والصحيح أن تسعى هذه الجهة لهم“.               خبير ريادة الأعمال محمد عبود

كذلك لا يزال العالم العربي يعاني ’عقدة الخواجة‘، على حد تعبير خالد؛ فالعرب لا يثقون إلا فيما تنتجه العقول الغربية.
 
ثم يذهب مذهبا آخر، فيقول خالد ساخرا: ”ولو كنت أجيد الرقص لوجدت من يهتم، وإذ لا أحسن إلا التفكير بعقلي، فلا مكان لي في العالم العربي“.
 
يستنكر هذا الخلل في عالمنا العربي، خبير ريادة الأعمال محمد عبود، ويقول لشبكة SciDev.Net: ”ليس من المفترض أن يبذل المخترعون جهدا للوصول للجهة الداعمة، والصحيح أن تسعى هذه الجهة لهم“.
 
ويضيف عبود: ”لدينا شباب مبدع، لكن القليل منهم يتمتع بالنفس الطويل، وهذا الذي يُنجح شابا واحدا من بين عشرة مبدعين عرب“.
 
نجاح
 
ورغم الإحباطات، ثمة قصص للنجاح تروى، ومنها قصة محمود عبد العزيز، الحاصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة الزقازيق المصرية.
 
كان مشروع تخرج عبد العزيز هو ماكينة تكتشف الأخطاء في صناعة النسيج، وهي المهمة التي تعتمد في المصانع المصرية على العمالة اليدوية، ولا تعطي نسبة نجاح عالية.
 
يحكي محمود لشبكة SciDev.Net رحلة نجاحه في الوصول بمشروعه لتأسيس شركة ناشئة، والتي بدأها بالتقدم لمسابقة تدعم مشروعات التخرج الجامعية، وفاز مشروعه.
 
يقول محمود: ”حصلنا على 16 ألف جنيه مصري، دعما من شركة إيتيدا وجمعية نهضة المحروسة“، وهو ما كفاه –رغم ضآلته- مؤونة تنفيذ نموذج أولي.
 
طرق محمود وزملاؤه أبواب مصانع النسيج لإقناع أصحابها بتبني فكرتهم. لم يبد أكثرهم استعدادا، غير واحد سمح لهم باختبار نموذجها الأولي في مصنعه، وجاءت النتائج إيجابية.
 
ويبتسم محمود ابتسامة أمل قبل أن يضيف: ”خلاصة تجربتنا هي التيقن من قابلية فكرتنا للتنفيذ“.
 
ثمة مسابقة تمنح الفائزين 100 ألف جنيه مصري، وتوفر مكانا لتأسيس شركة ناشئة لمدة عام، مع دعم تسويقي؛ وهي مسابقة الإبداع التكنولوجي بوزارة الاتصالات المصرية… هرع إليها محمود ورفاقه وتقدموا لها… وفازوا.
 
يقول محمود: ”بهذا الدعم نجحت وزملائي في إنتاج الماكينة بمواصفات تقنية عالية، وبعد أن كنا نطرق الأبواب بحثًا عمَّن يهتم لأمرنا، هناك الآن من يطرق بابنا من أجل التعاون معنا“.
 
هذا النجاح النسبي الذي أحرزه محمود ورفاقه يعزوه خبير ريادة الأعمال إلى ’النفس الطويل‘.. يقول محمد عبود: ”من يملك في العالم العربي نفسا طويلا، سيصل لهدفه، صحيح أنه سيصل متأخرًا، مقارنة بأقرانه في الدول الأوربية، لكنه سيصل في النهاية“.
 
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط.