Skip to content

08/10/14

العلوم في أفريقيا.. بين التطوير والتهميش

African Schoolroom_Dieter Telemans_Panos
حقوق الصورة:Dieter Telemans/Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • ثمة حاجة لأن تشمل العلوم الجانب الاجتماعي تعزيزًا لدورها التنموي
  • في أفريقيا، نجحت التكنولوجيا بالفعل في تحقيق ذلك من خلال قيادة نشأت محليًّا
  • اتباع منهج مماثل مع العلوم يمكنه ضمان مساعدتها في التنمية المستدامة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

تقول إليزابيث راسيكوالا إن تقدم قطاع التكنولوجيا في أفريقيا يعطي دروسًا حول دور العلوم في التنمية.

إن مباحثات وبيانات المؤتمر السابع للوزراء الأفارقة المسؤولين عن التكامل (COMAI VII) الذي عقد في يوليو في سوازيلاند أكدت بشكل مشجع على الروابط بين تنمية البنية التحتية وتدعيم مهارات القارة وقدراتها في العلوم والهندسة والتكنولوجيا (SET). كما أنها بينت الحاجة إلى دمج سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار (ST&I) في أجندة التكامل الخاصة بالاتحاد الأفريقي.

وإلى جانب ذلك، فإن قمة ’ريو+20‘ في 2012 والنقاشات الجارية حول أجندة التنمية العالمية لما بعد 2015، ألقت الضوء على تحديات تعميم العلوم في أطر عمل التنمية الاستراتيجية.

وتنطوي هذه النقاشات على تهميش العلوم. ولكى ترفع العلوم من مكانتها وإسهاماتها في مسار التنمية العالمية الجديد بشكل فعال، ولكي يشارك العلماء بشكل مبدع في ديناميات السياسات التي يتطلبها وضع الأجندات، علينا أن نعيد النظر في طبيعة المشروع العلمي نفسه.

كذلك ينبغي أن يُنظر إلى خطر التهميش بوصفه ضرورة ملحة، تدفع إلى وضع أطر أجندة الاندماج الاجتماعي والتعامل مع قضاياها، وأقصد هنا نماذج مثل الهيمنة العرقية والأوروبية، والجنسانية، والفوارق الاجتماعية وطبقاتها.
 

انفصال التكنولوجيا

إن أسلوب تعليم العلوم وإجراء أبحاثها وممارستها ينبغي أن يتطور بطريقة حركية ومتحررة ومنهجية. وحينها فقط ستنشأ نماذج للاندماج الاجتماعي وتحافظ على استدامتها، وهو ما قد يتولد عنه قَناعات سياسية أفضل لدور العلوم في التنمية.

على سبيل المثال، بالرغم من ثراء نظم المعارف للسكان المحليين في أفريقيا، فإن أثرها بالكاد يظهر في تعليم العلوم أو البحوث أو الممارسات العلمية. وهذه هي الطبيعة الساحقة للهيمنة الأوروبية والعرقية في مجالات العلوم.

إن هذه فرصة حقيقية ضائعة لتنمية امتلاك أفريقيا المساعي والأعمال العلمية. والنتيجة نظام علمي يُنظر إليه على أنه أجنبي ونخبوي.

ثمة دروس مهمة يجب أن نتعلمها من قطاع التقنية. إننا دائمًا ما نضع العلوم والهندسة والتكنولوجيا تحت مصطلحات جامعة مثل ’SET‘ و’ST&I‘. لكن على مدار العقد الماضي، انفصل قطاع التكنولوجيا عن قطاع العلوم. وخلال ذلك، وضع القطاع نفسه على مسار تحويلي وتقدمي للاندماج الاجتماعي والمشاركة السياسية.

”تشهد الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الفجوة نفسها، فإما أن تنعدم المعدات ومختبرات العلوم والهندسة، أو يوجد القليل البائس منها، في حين تُعطَى الأولوية لأدوات التكنولوجيا ومواردها“.

إليزابيث راسيكوالا


أفريقيا هي -من بين المناطق- الأكثر إبداعًا في خدمات تقنية الهواتف الجوالة على مستوى العالم. ولقد كانت من أبرز سمات هذا التقدم الطبيعة الأفريقية لهذه الوسيلة الابتكارية؛ فتلك التطورات التنموية تضع تصوراتها وتنفذها وتمتلكها وكالات وخبرات أفريقية في قطاعات من بينها الخدمات المالية والترفيه والزراعة.

وهناك العديد من الأمثلة، ابتداء من نظام تحويل الأموال ’M-Pesa‘ في كينيا، إلى أفلام نوليوود على الإنترنت، وصولاً إلى نظم المعلومات الزراعية لصغار المزارعين.

وحتى قطاع الهندسة بدأ دوره يتجلى بوضوح في مجالات التنمية المستدامة والاندماج الاجتماعي. ولقد تم ذلك من خلال إنشاء دورات الهندسة التنموية وغيرها من الفروع ذات الصلة بالعلوم
في العديد من المؤسسات، بالإضافة إلى الإطلاق المُزمَع في عام 2015 لجريدة ’هندسة التنمية‘، التي تعد الأولى من نوعها، نموذجًا جديرًا بالاهتمام لهذا التحول الشامل.

 

إخفاقات في تمويل العلوم

خلافًا للتكنولوجيا، يتجلى افتقار العلوم للاندماج الاجتماعي وبالتالي للمشاركة السياسية بشكل أكبر في الصراع من أجل دفع الحكومات الأفريقية للالتزام بالتعهد الذي وقعت عليه في ثمانينيات القرن الماضي في خطة لاجوس، والذي يقضي بإنفاق 1% من إجمالي الناتج المحلي على البحث العلمي والتنمية.

إلى الآن حققت خمس دول أفريقية فقط هذا الهدف، وكانت رواندا هي الدولة الوحيدة التي تجاوزته لتصل إلى 3%.

وبينما يمكن النظر لهذا ببساطة على أنه مسألة ضعف استثمار، تشير الأدلة النقلية إلى أن السبب الأساسي هو أن العديد من الحكومات الأفريقية لا تزال غير مقتنعة بالدور المحوري للعلوم في التنمية. وأعتقد أن افتقار العلوم للاندماج الاجتماعي يجعل إقناعهم بذلك أكثر صعوبة.

هذه الفجوة المتزايدة تبدو جلية في كل المستويات الحكومية في أفريقيا، وهي واضحة على الأخص في التمويل الحكومي للمدارس والجامعات ومؤسسات التعليم العالي.

يخصص المسؤولون بإرادة ورغبة تمويلاً للموارد والأدوات التقنية في المدارس –فعليك أن تبحث كثيرًا حتى تجد مدرسة ليس فيها ستة أجهزة كمبيوتر- ولكن هذا لا ينطبق على المعدات والمختبرات الخاصة بالعلوم.

لماذا إذًا تبقى العلوم إلى الآن متخلفة عن التكنولوجيا؟ عندما أوضحتُ هذه الملاحظة لأحد المسؤولين بالحكومة المحلية، كانت الإجابة معبرة: ”إذا وضعت مختبرًا للعلوم في المدرسة فسوف يستفيد منه الأطفال المهرة فقط وخاصة الأولاد؛ لأن البنات لا يبدين اهتمامًا بالعلوم، ولكنهن يبدين اهتمامًا بالتقنية مثلهن مثل الأولاد. ولذلك وحيث إن التقنية أكثر شمولاً، وفي ظل التمويل القليل المتاح لنا، فإنه من الأفضل أن أضع التقنية في المدارس بدلاً من مختبرات العلوم ومعداتها“.

وتشهد الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الفجوة نفسها، فإما أن تنعدم المعدات ومختبرات العلوم والهندسة، أو يوجد القليل البائس منها، في حين تُعطَى الأولوية لأدوات التكنولوجيا ومواردها.

وانطلاقًا من روح ’حلول أفريقية لمشكلات أفريقية‘ -وهي مبادرة تحث على تغيير العقلية، وتقودها استراتيجية التنمية لمدة 50 عامًا، الخاصة بالاتحاد الأفريقي والمسماة أجندة 2063- سيكون على المؤسسات العلمية الأفريقية أن تقوم بالدور الأكبر في هذا التحدي.

فمن خلال قيادة وأفعال ورؤية أفريقية المنبع، سيكون عليهم أن يوضحوا كيفية قيام القارة بإنشاء نظام تحوُّلي جذري لتعليم العلوم وبحوثها وممارساتها، وهو نظام يعمل على إشراك وتوصيل واستدامة الاندماج الاجتماعي والمشاركة السياسية من أجل التنمية المستدامة.
 
إليزابيث راسيكوالا مهندسة كيميائية، ومديرة ’جرين شيفت أفريكا‘ وهي منظمة غير حكومية تعمل على تقدم الأمن المائي والغذائي وأمن الطاقة في أفريقيا. يمكن التواصل معها على البريد الإلكتروني: [email protected]
 

 المقال منشور بالنسخة الدولية يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي: – 
Science must evolve or risk being marginalised