Skip to content

08/04/14

تعليم بنّاء يتقن به الأطفال مهارات جديدة حيوية

Child telescope Nasa
حقوق الصورة:NASA/Goddard Space Flight Center/Debbie Mccallum

نقاط للقراءة السريعة

  • يجب أن يشتمل التعليم على مهارات التفكير المنطقي لإنتاج جيل من الطلاب مستعد للعلوم.
  • جُرب أسلوب التعليم المستند إلى الاستقصاء حول العالم لعدة أعوام
  • مركز عالمي جديد قد يستوعب المعلمين في مجال العلوم والممارسات التعليمية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يتحدث بيير لينا عن مشروعات رائدة تمهد الطريق لثورة في تعليم العلوم لتنشئة مهارات التفكير المنطقي

ركز التعليم الأساسي في الدول النامية نحو قرن من الزمان على تحسين القراءة والكتابة والحساب. لكن بعد أن صارت العلوم والتكنولوجيا مفتاحًا للتنمية البشرية، ينبغي إضافة مهارات التفكير المنطقي إلى مزيج المهارات هذا.

ومكونات مناهج العلوم الطبيعية تعد أداة قوية لتطوير هذه المهارات، كما أن بإمكانها إتاحة فرص جديدة لتطوير ذكائهم وقدراتهم الإبداعية الكامنة، الأمر الذي يعود بالنفع على كل الأطفال أيًّا كان مستقبلهم المهني.

وهذا يحمل في طياته ثورة بكيفية تدريس العلوم في العالم النامي. ومنذ نحو عقد، رسمَت الطريقَ إلى ذلك مشروعات تجريبية فعالة. إنما التحدي الذي نواجهه اليوم هو إقناع الهيئات التعليمية بتبني هذا النهج التعليمي الناجح (علم التربية) وضمان تطبيقه على نطاق واسع.
 
الاستظهار

في المدارس الابتدائية وحتى المتوسطة في العديد من الدول فقيرة الموارد، يدرس الأطفال العلوم الطبيعية من خلال حفظ الحقائق. وتفتقر فصول الدراسة إلى الملاحظة والتجريب. وهذا يعني أن الطلاب لا يكادون يطورون أية مهارات للفهم والتفكير المنطقي.

ينتج عن ذلك مواطنون غير متعلمين، إضافة إلى فشل في إشراك الطلاب في العلوم، وخسارة مجالي البحث والصناعة مواهب كامنة، بل وارتفاع معدلات البطالة.

لذا، ثمة حاجة إلى نهج فعال في التعليم، مثل ’التعليم المستند إلى الاستقصاء‘ (IBSE)، الذي أثبت نجاحًا عمليًّا؛ إذ يحث الطلاب على استقصاء الظواهر الطبيعية من خلال التساؤل والملاحظة والتجربة، ووضع الافتراضات والمناقشة، كما يتطلب جمع البيانات، وبناء أدلة تدعم أفكارهم، وتنمي القدرة على تطبيق هذه الأفكار.

لكن المدرسين في العديد من الدول النامية غير مستعدين لتطبيق أسلوب IBSE، كما أن الهيئات التعليمية تتردد في قبوله.
 
رواد ناجحون

على مدار العقدين الماضيين عملت مع زملاء في مجال إصلاح التعليم العلمي من خلال عمل دولي تضطلع به المؤسسة الفرنسية ’La main à la pate‘، حيث ندعم المشروعات التجريبية لتعليم العلوم في الدول النامية ونراقبها.

على سبيل المثال، منذ أن بدأ أعماله عام 2013، أدى برنامج ’التعليم المستند إلى الاستقصاء‘ في شيلي إلى تغيير فعلي في تعليم العلوم بآلاف المدارس، خاصة بالمناطق الفقيرة. وقد أقنع البرنامج العلماء فدعموه.

 
منذ عام 1999، نجح مشروع INNOVEC  (الابتكار في تعليم العلوم) بالمكسيك في تدريب أكثر من 30 ألف معلم، وطور طرقًا وممارساتٍ للتعليم بأسلوب IBSE، من أجل تطبيق العلوم والتكنولوجيا في الفصول الدراسية. وهنا، يشارك المهندسون في إحداث هذا التغيير بنفس القدر الذي يشارك به العلماء.

كذلك منذ 2010، شكلت ’المؤسسة الباكستانية للعلوم‘ نواة من 100 معلم مدرب على طريقة IBSE، في مسعى لمواجهة أسلوب التعليم بالحفظ عن ظهر قلب.

إن التغيّرات المستدامة في التعليم وفي نظمه تتطلب وقتًا ومثابرة. وإن تأثير العلوم والتكنولوجيا حول العالم، ووعود IBSE، تمهد الطريق لإحداث هذه التغيرات.

                                                  بيير لينا

أيضًا في الكاميرون، وبدعم من الحكومة، بدأت إحدى المدارس بتجربة IBSE عام 2013. وقد توسع هذا المشروع التجريبي ليشمل أكثر من 150 مُدرسًا، واليوم تسترشد به الحكومة في تغيير المناهج الدراسية.

نسق مماثل تطور في كمبوديا، بدأ بثلاث مدارس في عام 2002. وكما حدث في الكاميرون، فإن الشراكة الدولية بين مؤسسة ’La main à la pate‘ الفرنسية والشبكة الدولية لأكاديميات العلوم (IAP)، ساعدت على تجاوز مشكلة نقص الدعم العلمي المحلي.
 
مذاق للتجربة

في كل هذه الدول، لاحظتُ كونية فضول الأطفال حول الظواهر الطبيعية؛ من تذوق للتجارب العلمية،وتساؤلات يستحيل كبتها، وقدرة على الاستقصاء ووضع الافتراضات بخيال مبدع، والبحث عن الكلمات الملائمة أو الرسومات أو البنى التقنية للتعبير عن اكتشافاتهم أو فهمهم.

إن جوهر مهارات التفكير المنطقي يكمن في كل هذه الأمور. لقد رأيت فتيانًا وفتيات يتقدمون باتجاه التفكير المجرد من خلال برامج IBSE. وقد رأيت البعد العالمي للعلوم إذ يتم التعبير عنه بسعادة في ثقافات وأديان مختلفة.

يمارس المعلمون هذا النهج بحماس عندما يُشرح لهم بشكل ملائم. وللعلماء والمهندسين الفاعلين دورٌ متميزٌ يقومون به، فبإمكانهم التعاون مع خبراء التعليم لتطبيق IBSE.

وبإمكانهم كذلك أن يوضحوا للهيئات التعليمية تلك العملية الدقيقة التي من خلالها تعمل الرياضيات على إثبات النظريات حول العالم، وتساعد العلوم على فهم الطبيعة، وتساعد التكنولوجيا في بناء منتجات باستخدام قوانين الطبيعة.

 استراتيجيات مستقبلية

لكن بعيدًا عن المشروعات التجريبية الضرورية، كيف يمكن تغيير النظم التعليمية في العالم النامي؟

أولاً: بإمكان الدول النامية –سواء كانت تنشئ مشروعًا تجريبيًّا أو تتوسع في مشروع موجود بالفعل- أن تبرم شراكات مع الدول المتقدمة التي تسعى لتطبيق برامج أكثر تطورًا بهدف إحداث تحولات عالمية.

ومن الأمثلة مشروع ’برايماري كونيكشن‘، الذي أنشأته الأكاديمية الأسترالية للعلوم، ومؤسسة ’La main à la pate‘ التي أنشأتها الأكاديمية الفرنسية للعلوم.

كما أن مبادرة التعاون ’ساوث- ساوث‘ تعد هي الأخرى وسيلة واعدة. وتقود الأكاديمية الماليزية للعلوم برنامج ’المركز الدولي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار لمبادرة ساوث- ساوث‘.

وثانيًا: صحيح أن أكاديميات العلوم أو غيرها من الهيئات الدولية (على سبيل المثال المجلس الدولي للعلوم ICSU) تروج للرسالة، إلا أن المنظمات الحكومية الدولية هي الوحيدة القادرة على التأثير في السياسات التعليمية. وينبغي أن تكون اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) في طليعة هذا التحدي.

كما بإمكان البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (PISA) الذي تديره منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) الإمداد بالبيانات، مثل تلك التي يحققها الطلاب المراهقون في فهم الرياضيات والعلوم.

وأخيرًا، عندما أرى التأثير الرائع لمركز ’عبد السلام‘ الدولي للفيزياء النظرية في إيطاليا، على التطوير البحثي، أحلم بإنشاء مركز دولي لتعليم العلوم تدعمه اليونسكو وتموله الدول المتقدمة.

مثل هذا المركز بإمكانه استضافة مدربي المعلمين لمراحل التعليم الابتدائي والثانوي، والتفاعل يوميًّا مع علماء رفيعي المستوى خلال فترات إقامتهم القصيرة. إن هذا يغمس المدرسين في العلوم وممارسات التدريس، وقد يطور ’المساق الهائل المفتوح عبر الإنترنت‘ (MOOCs)، من أجل مساعدة الهيئات التعليمية على إرساء وسائل دعمٍ عن بعد للمعلمين، وهو مُكوّن ضروري من أجل تغيير يدوم.

إن التغييرات المستدامة في التعليم وفي نظمه تتطلب وقتًا ومثابرة. وإن تأثير العلوم والتكنولوجيا حول العالم، ووعود IBSE، تمهد الطريق لإحداث هذه التغيرات.

بيير لينا عالم في الفيزياء الفلكية، وأستاذ متفرغ في جامعة باريس ديدرو، وعضو في الأكاديمية الفرنسية للعلوم، يترأس مؤسسة ’La main à la pâte‘، وشارك في تأسيسها، وهو الرئيس السابق لبرنامج تعليم العلوم التابع للشبكة الدولية لأكاديميات العلوم (IAP).
 يمكن التواصل معه عبر البريد الإلكتروني: [email protected]

المقال منشور بالنسخة الدولية يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:
children need active learning to master new vital skills