Skip to content

22/04/14

البيانات الضخمة.. تهدئة الحماسة بجرعة من الواقع

Data Editorial Spotlight.jpg
حقوق الصورة:Andy Johnstone / Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • البيانات الضخمة يمكن أن تساعد في التنمية، وأيضًا قد تُلحق الضرر بالحقوق والديمقراطية
  • ثمة تحمُّس ومخاوف بشأن الخصوصية والقيود الإحصائية
  • ثورة حقيقية تحتاج إلى إزاحة السلطة، لا هضم الأرقام فحسب

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

 ثمة رواكد رقمية كثيرة، وستظل في ازدياد. وهذا تحدٍّ لقدرتنا على الابتكار. ترى أيكون نفعها أكبر من ضررها؟ 

تعد البيانات الضخمة وافدً جديدًا نسبيًّا على خطاب التنمية، فقد أثارت الاهتمام بسرعة عندما دعا فريق رفيع المستوى من الأمم المتحدة إلى ’ثورة البيانات‘ في يونيو الماضي، مما جعل البيانات الضخمة محورًا للمناقشات حول مستقبل التنمية.

وفضلاً عن الاهتمام، فالبيانات الضخمة تثير العديد من التساؤلات –والحيرة أحيانًا، فحتى أجرأ الناس يعترفون بشعورهم بالارتباك حول الكيفية التي تختلف بها البيانات الضخمة عن البيانات.

من السهل افتراض أن البيانات الضخمة تدور حول الكم، أو خلط هذه الفكرة مع الدعوات الرامية إلى ثورة بيانات، ولكن البيانات الضخمة أكثر من مجرد حجم، والثورة معناها أرحب: إنها تدور حول بناء بنى تحتية للبيانات يقتضيها إنجاز الأهداف الإنمائية بفاعلية.

فرقت البيانات الضخمة الآراء، فالبعض يرى فيها إمكانات ضخمة للكشف عن المزايا الخفية للإشارات الرقمية في العالم لتحسين عملية صنع القرار، في حين يرى آخرون فكرة جديدة مغرية ومحفوفة بالصعوبات التقنية والمخاطر الجسيمة للمجتمع.

والمقالات التي ننشرها اليوم تكشف جوانب عديدة للنقاش، وتُقدِّم بعض الوضوح بشأن هذه الفكرة الجديدة والمؤثرة– بدءًا بالسؤال الأساسي: ما هي البيانات الضخمة بالضبط؟

تنمية أم انقسام؟

مقالة إيمانويل لوتوزيه -مستشارنا لهذا المشروع- تُعطي فكرة عامة عن البيانات الضخمة، وهو يراها بالمناسبة تسمية خطأ. تحدد المقالة ملامح البيانات الضخمة وتسرد أنواعها.

يوضح إيمانويل أن أكثر ما يُطلق عليه البيانات الضخمة هي بيانات مقروءة آليًّا (وضعت بصيغة يستطيع الحاسوب فهمها)، تولدت خلال العقد الماضي من أجهزة ومعدات رقمية، وهي -خلافًا للدراسات الاستقصائية التقليدية- صارت قواعد للبيانات لم تصمم خصيصًا للتحليل الإحصائي.

”ثورة البيانات الضخمة الحقيقية ينبغي أن تكون قادرة على الاستفادة من البيانات في تغيير هياكل السلطة وعمليات صنع القرار، لا تكوين وجهات نظر فحسب“
إيمانويل لوتوزيه

كتب لوتوزيه عدة فقرات لشرح مصطلح ’البيانات الضخمة‘، مُبدِّدًا أي توقع للحصول على تعريف بسيط، ومحطمًا أي وهم عن الكم.

يمضي لوتوزيه في تفسير جاذبية البيانات الضخمة. على وجه الخصوص، أوجه قصور أدوات اتخاذ القرار الحالية، والأمثلة التي قدّمت فيها البيانات الضخمة رؤية جديدة لصنع القرار، لا سيما في البلدان الفقيرة، فقد كان السبب الرئيسي لمطالبتهم هو عدم وجود بيانات لديهم، الأمر الذي يؤدي إلى إحصاءات مضللة، وإمكانات النظم الإحصائية الوطنية في مثل هذه المناطق 'لتخطي' هذه العقبة يأتي من خلال تبني البيانات الضخمة.

إلا أن هذه الصورة الوردية يُعادلها استيعاب لواقع المخاطر والتحديات، والتي تندرج تحت ثلاث فئات رئيسة: المخاوف المستندة إلى الحقوق، مثل الخصوصية والأمن؛ والمخاوف الفنية، التي تركز على التحليلات غير الدقيقة والمنحازة؛ والمخاوف من ’الفجوة الرقمية الجديدة‘.

ويتجلى النقاش في التحليلات ومقالات الرأي التي ننشرها اليوم.
 
الشيطان يكمن في التفاصيل؟

سلبيات الإحصائيات تُضعف الحجج القائلة بفائدة البيانات الضخمة، ولكن فضولنا يدفع البشرية إلى عدم الهروب من الموارد غير المستغلة. وكما يشير لوتوزيه، فإن البيانات الضخمة سوف تستمر في النمو، الأمر الذي يتحدّى براعتنا لتحقيق الأفضل منها.

وبالتالي، فإذا أخذنا العثرات الإحصائية على محمل الجد، وقبلنا بأن البيانات الضخمة لها فوائدها، فستنشأ أسئلة أخرى– وأكثرها مرتبط بالتنمية.

 يستكشف جان بيوتروفسكي، في تحليله، الثغرات الموجودة في الأدوات والمعرفة والتمويل التي تحُدُّ من قدرة البلدان النامية على الاستفادة من البيانات الضخمة، ويسلط الضوء أيضًا على أحد المخاطر، وهي أن قواعد البيانات الكبيرة قد لا تُمثل هؤلاء القاطنين في المناطق الفقيرة التي تكون فيها إمدادات الطاقة متقطعة أو غير موجودة.

وعندما يتعلق الأمر بسجلات الهاتف المحمول، وهو نوع البيانات الموجودة في كل مكان، فإنه يرى أنها تعتمد على الشركات التي تسبق غيرها في الحصول عليها لتنشرها.

وفي مقال رأي، يُقر ميخائيل سكاليوتيس وسيري تومسون بعجز القدرات في البلدان الفقيرة بالموارد، ولكنهما يناقشان أن المكاتب الإحصائية الوطنية يجب أن تنظر للبيانات الضخمة بوصفها حافزًا للابتكار، فهما يرفضان الرأي القائل بأن البيانات الضخمة يمكن أن تَحُل محل الإحصاءات التقليدية، بل يرون أنها فرصة مُكمِّلة للمكاتب الإحصائية الوطنية لزيادة مكاسبها.

لكن مقال رأي آخر للناشط والعامل في مبادرة المواطن الصحفي، سانجانا هاتوتووا، يستخدم لهجة أكثر تشاؤمًا، دون تجاهل احتمالية أن تقدم البيانات الضخمة خدمات، حيث ذكر أن الأرقام بحاجة إلى أوجه إنسانية –أي يجب أن يُنظر لها بوصفها ممثلاً لمجموعة من الأفراد، لا على أنها مجموعات من المعلومات المنحِّية لشخصية الفرد، كما أنه يناقش وبصورة مُقنعة أن البيانات الكبيرة يمكن بسهولة أن تُقوِّض الديمقراطية إن وضعت في أيدٍ غير أمينة.
 
مخاوف حقيقية تخفف التهويل

في مقال نُشر مؤخرًا في ’صحيفة فاينانشال تايمز‘، يقدم الخبير الاقتصادي والصحافي تيم هارفورد سلسلة طويلة من التعقيدات التحليلية التي وُضعت لمنع استخلاص المعلومات القيِّمة من البيانات الضخمة،[1] مشيرًا إلى أحد التحديات الإحصائية، فيقول: ”يجب أن يكون هناك دائمًا سؤال حول: مَن المفقود وما المفقود، لا سيما في وجود كومة فوضوية من البيانات“.

هذا إنذار حقيقي حول الجانب الاجتماعي، فضلاً عن الجانب الإحصائي للبيانات الضخمة؛ فالبيانات مهمة، لكن الواقع السياسي الذي توجد فيه أيضًا مهم، فعلى سبيل المثال، إلى أي مدى يمكن للبلدان النامية أن تكون شريكة على قدم المساواة في مشاريع البيانات الضخمة؟ هذا أحد الأسئلة.

يُفسر لوتوزيه، قائلاً: ”إن ثورة البيانات الضخمة الحقيقية ينبغي أن تكون قادرة على الاستفادة من البيانات في تغيير هياكل السلطة وعمليات صنع القرار، لا تكوين وجهات نظر فحسب“.

وجهات النظر التي عُرِضت في هذه المجموعة تشير إلى أنه -كالعديد من الأدوات القوية المحتملة- هناك ازدواجية للبيانات الضخمة تجعل النقاش يتجاوز المسائل التقنية البحتة، حتى إذا استطاعت الأساليب الجديدة المتطورة صقل هذه المادة الخام النفيسة وتهذيبها، فإن الثروة التي تمنحها لا يمكن الاعتقاد بأنها ستغير تلقائيًّا تلك الأجزاء من العالم التي لا تزال تطور القدرات التحليلية الأساسية، ويجب أن تستهدف المبادرات لتحسين القدرات التقنية لمستخدمين ذوي كفاءات في تحليل البيانات الأساسية والمتقدمة على حد سواء.

تهدئة الحماسة بجرعة من الواقع لا ينبغي له أن يعني إنكار إمكانات البيانات الضخمة ، ولأقتبس من كلمات جبران خليل جبران: إن العقل والعاطفة هما سكان النفس وشراعها وهي سائرة في بحر هذا العالم. فإذا انكسر سكان النفس أو تمزق شراعها فإنها لا تستطيع أن تتابع سيرها مطمئنة .
 
أنيتا ماكري
محرر مقالات الرأي والتحليلات في شبكة  SciDev.Net

الافتتاحية ضمن ملف منشور بعنوان البيانات الضخمة من أجل التنمية يمكنكم مطالعتها عبر العنوان التالي:
  Big data: Excitement tempered by a dose of reality
 

References

[1] Tim Harford Big data: are we making a big mistake? (The Financial Times, 28 March 2014)