Skip to content

06/11/16

البيئة تستغيث من معركة الموصل

Burning oil wells
حقوق الصورة:Flickr/ Airman Magazine

نقاط للقراءة السريعة

  • التداعيات السلبية للمعركة على الصحة والبيئة تتوالى، وقد تمتد إلى دول الجوار
  • وغالبًا ما تقضي على السكان بأكثر مما تفني منهم الحرب نفسها
  • وما يجري على أرض الواقع أقرب إلى ’إبادة بيئية‘

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[بغداد] حذر خبراء ومسؤولون من عواقب المعارك الدائرة بالموصل، ووصفوها بالكارثية لما لها من آثار سلبية بالغة على الهواء والماء والتربة وصحة السكان في العراق.

بل إن القتال الناشب في ثانية كُبريات مدن العراق منذ 17 أكتوبر الماضي قد تمتد وخامته البيئية والصحية، وتصل إلى دول الجوار؛ إذا ما دام ديدن المعارك الدائرة رحاها بين عناصر تنظيم (داعش) من جهة، وقوات عراقية، مدعومة من أطراف دولية وإقليمية من جهة أخرى.

أسفرت المعارك عن أضرار جسيمة، منها ما نجم عن حرق التنظيم -الذي بسط سيطرته على المدينة قرابة العامين- عددًا من آبار النفط ومصنعًا للكبريت في ناحية القيارة المتاخمة للموصل من الجنوب، إذ رشقها بقذائف الهاون؛ لتضليل الطيران الحربي المعادي له؛ ما أدى إلى انبعاثات سامة لا تزال مستمرة، حتى بعد إخماد الحرائق.

”الانبعاثات تمثل كارثة إنسانية وبيئية، لا على المدى القريب فحسب بل البعيد أيضًا، فستظل عالقة بالبيئة المحيطة لسنوات، وقد تدمر من الغطاءين؛ النباتي والحيواني الشيء الكثير، وتتسبب في أضرار صحية بالغة“، وفق ما صرحت به لوسائل الإعلام صفاء الجيوسي، مسؤولة حملات المناخ والطاقة في الوطن العربي بمنظمة إندي أكت الدولية، المعنية بشؤون البيئة.

أما شكري الحسن -الخبير البيئي العراقي- فيوضح أن كمية الدخان الهائلة التي انبعثت من الحرائق إلى الجو، وقدَّرها بآلاف الأطنان، قد حملت معها تراكيز مرتفعة تتجاوز الحدود المسموح بها من مُلوِّثات الهيدروكربونات النفطية وأول وثاني أكاسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين، وهي سموم شديدة الضرر عند استنشاقها.

ويمتد الأثر من الهواء إلى التربة، يقول الحسن -مسؤول مختبر أبحاث البيئة في كلية الآداب بجامعة البصرة- لشبكة SciDev.Net: ”إن هطلت الأمطار على المنطقة قريبًا فستتحول إلى أمطار حمضية، كما أن تراكمات دقائق الدخان فوق التربة، سيكون لها تأثير لاحق في زيادة حموضتها، ما يؤدي إلى مشكلات في التربة وفي الإنتاجية الزراعية مستقبلًا“.

من ثَم يتوقع المهندس الزراعي ضرغام محمد علي، أضرارًا بالغة على القطاع الزراعي في ثلاث محافظات بالبلاد، هي نينوى وكركوك وصلاح الدين، ويقول للشبكة: ”الأمطار الحمضية وما تحمله من سموم ستؤثر على كيمياء التربة وتقتل الزروع والنباتات، ناهيك بنزوح عشرات الآلاف من الفلاحين وبوار أراضيهم“.

ويتوقع ضرغام أن يمتد أثر هذه الانبعاثات إلى دول الجوار إن استمر التنظيم في حرق آبار النفط، مشيرًا إلى المناطق الشمالية الشرقية من سوريا، تحديدًا مدينتي الرقة ودير الزور، ”وهناك احتمال امتداده أيضًا لمحافظة أو اثنتين في تركيا“.

ليس هذا فحسب، فمن المتوقع -وفق الحسن- أن تؤدي العمليات العسكرية على الأرض إلى تضرر البنى التحتية للمدينة، ومن بين أبرز المرافق المتوقع تضررها إمدادات مياه الشرب ومحطات معالجة الصرف الصحي، ”ما يعني تدهورًا بيئيًّا وصحيًّا خطيرًا، ينذر بانتشار الجراثيم وما يرافق ذلك من تفشي أمراض عدة“.

لذا يرى الحسن أن على الحكومة الاستعداد لمثل هذه السيناريوهات البيئية وإضافتها إلى صفحة المعركة الدائرة حاليًّا، ”فللحروب آثار خفية تستتر وتظهر لاحقًا على شكل مآسٍ، أخطرها انتشار أمراض فتاكة قد تقضي على السكان بأكثر مما تفني منهم الحرب المباشرة“.

وعن محاولات منع انتشار الانبعاثات، يرى ضرغام أنه ”لا يمكن السيطرة على تلوث الهواء“، مشيرًا إلى عجز الولايات المتحدة عن السيطرة على حرائق آبار النفط الكويتية عام 1991، خلال حرب الخليج الثانية، وتأثر بالأمطار الحمضية وقتها كلٌّ من الكويت وإيران والعراق. 

من جهته، فإن محمد جبر -معاون مدير عام دائرة الصحة العامة بوزراة الصحة العراقية- يقول لشبكة SciDev.Net: ”وزارتا الصحة والبيئة بدأتا أولى الخطوات لمواجهة الكارثة الحالية، بالشروع في عملية تقييم الأضرار، غير أن معركة الموصل ما زالت في بداياتها، ونتوقع المزيد من النزوح ومن المشكلات الصحية والبيئية التي قد تحدث في أثناء التقييم“.

وأكد جبر أن الوزارة ستضع خطة بعد عملية التقييم لمعالجة الآثار الصحية والبيئة، تشارك فيها جميع الأطراف والجهات المعنية المحلية والدولية.
 

ووصف المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إريك سولهايم الوضع الحالي بأنه ”إبادة بيئية“، وأكد أنها بمنزلة كارثة حقيقية تجعل المعيشة في المنطقة شبه مستحيلة، ما سيتسبب في زيادة غير مسبوقة في نسب النازحين واللاجئين عالميًّا.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net  بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.