Skip to content

12/12/13

كيف تتواصل في فريق متعدد التخصصات

Interdisciplinary practical guide
حقوق الصورة:Sean Sutton/Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • • نحن بحاجة إلى الجمع بين خبرات تخصصات متعددة قادرة على حل مشكلات واقعنا المعاصر
  • • ولكن الصدام وارد بين الخبراء؛ حول اللغة، ولتباين وجهات النظر، وبسبب الفجوات المعرفية
  • • إدراك هذه الحواجز –ومناقشة كيفية التغلب عليها– عامل حاسم

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

على نحو متزايد، يجد الباحثون أنفسهم يتعاملون ومجالات تختلف عن تخصصاتهم الأصيلة؛ وذلك في سبيل حل قضايا معقدة يتداخل فيها العِلم ودور المجتمع. على سبيل المثال، يتطلب فهم تغيُّر المناخ والتكيف معه خبرة يتراوح مجالها من علم البيئة إلى علم الاجتماع.
 
وترمي البحوث متعددة التخصصات إلى أن تتضافر مجالاتٌ شتى؛ بهدف اكتشاف شيء جديد، عادة ما يكون حلا لمشكلة تتطلب خبرة أوسع من تلك التي تخص الباحثين في حقل واحد.
 
بيد أن الحلول لا تتبدى لمجرد اجتماع تخصصات مختلفة في نفس الغرفة. إن الخبراء مدربون على استخدام لغة خاصة بمجال عملهم، ونظرياته، وممارسات بحوثه، وهذا يُوجِد حواجز في ثلاث مجموعات: اللغة، والمنظور، والمعرفة.
 
والاتصال عامل أساسي لاجتياز العقبات؛ انطلاقًا من توضيح مقاصدك، مرورًا بوضع ثقتك في أشخاص لا تعرفهم، وصولاً إلى القيام بعمل لا تستوعبه بسهولة. هذا الدليل يستعرض التحديات التي قد تجابهها في هذا الشأن، ويقدم لك بعض النصائح العملية.
 
لغة مشتركة
 
يستخدم كلُّ مجال مصطلحاتٍ وتعريفات ولغة اصطلاحية خاصة به، وهو ما يعوق الاتصال كثيرًا. قد يقصد الزملاء من تخصصات متعددة معانيَ متباينة للكلمات نفسها، بل وقد لا يدركون مغزى بعض المصطلحات التي يتداولها أعضاء ذوو خبرة مختلفة في الفريق ذاته.
 
على سبيل المثال، تحمل كلمة ’التصحر‘ –التي تصف تأثيرا كبيرا ناجما عن تغيُّر المناخ– أكثر من عشرة تعريفات. يستخدمها علماء البيئة لوصف فقدان أراض زراعية منتجة؛ أي تحولها من تربة خصبة إلى أرض صحراوية جرداء، ولكن لا يستخدم جميع علماء الطبيعة هذا التعريف. ويستخدم الاقتصاديون مصطلح ’التصحر‘ لوصف دوامة الفقر في الدول النامية، في حين يستخدمه علماء الزراعة ليعني الإفراط في ممارسات الرعي.
 


"الاتصال عامل أساسي لاجتياز العقبات؛ انطلاقًا من توضيح مقاصدك، مرورًا بوضع ثقتك في أشخاص لا تعرفهم، وصولاً إلى القيام بعمل لا تستوعبه بسهولة".     جيسيكا تومسون

وفي هذا الصدد لا يُفضَّل تجاهل هذه الاختلافات، بل اعترف بوجودها من البداية. ويتعين على مديري الفِرق أن يتحينوا فرصة الحديث عن المهام ليتطرقوا إلى الاختلافات اللغوية، في ظل مناقشات صريحة، وتأطيرها؛ بحسبانها فرصًا لتعلُّم الفريق بأكمله.
 
لقد قضيت السنوات القليلة الماضية أعمل في إطار دراسة متعددة التخصصات حول تغيُّر المناخ في منغوليا. وللعجب، كان اختلاف ألسنتنا (الإنجليزية والمنغولية) أقل إعضالا وإشكالا من فروق اللغة المصطلح عليها في مجالات تخصصاتنا.
 
تقبّل وجهات نظر مختلفة
 
تنطوي حقول العلوم المختلفة أيضًا على مفاهيم مختلفة لماهية البحث والمعرفة. بعض الحقول يرى العلم هدفًا في حد ذاته، في حين يعتقد البعض الآخر أن الموضوعية ضرب من ضروب الخيال. يستخدم بعض الباحثين معلومات نوعية في عملهم، ولن يثق آخرون إلا في بيانات تجريبية ’واقعية‘.
 
لكن هذه الفوارق قد لا تكون واضحة للعيان، وقد يفترض باحثون أنهم يفكرون على نفس المنوال، والأمر في حقيقته على خلاف ذلك.
 
على سبيل المثال، في المشروع الذي شاركت به في منغوليا، توصلنا بعد جهد دام عدة أشهر إلى وضع جدول زمني مشترك للعمل الميداني. يرجع ذلك بعض الشيء إلى أننا لم نشرح الأسباب المنطقية وراء تفضيلاتنا لمنهجية ما في جمع البيانات، كذلك يرجع الأمر جزئيًّا إلى وجهات النظر المتباينة حول طبيعة البيانات ’المهمة‘. إن الباحثين الذين يدرسون المراعي وصحة النظام الإيكولوجي يحتاجون إلى العمل عندما تزدهر النباتات، وتستدعي عملية جمع بيانات مُسْتَجْمَعات المياه إجراءَها على عدة فترات موسمية، وكذلك الفريق الذي يجمع البيانات الأسرية عليه أن يعمل في غير أوقات الرعي وساعات العمل في المجتمع.
 
لكننا سوينا خلافاتنا باستخدام عملية غاية في البساطة. فمن خلال تسجيلنا لكل البيانات التي كنا بحاجة إلى جمعها على سبورة، تمكنّا من وضع خطة مفصلة بأفضل الأوقات لسفر الفريق معًا عبر خمس مناطق ريفية في منغوليا.
 
أيضًا تنبع الاختلافات في وجهات النظر من الثقافة والجنسية. ففي المراحل الأولى من المشروع، توقَّع شركاؤنا من منغوليا أن تجرى الاتصالات بشكل رسمي، ولم يردوا إلا على رسائل البريد الإلكتروني الواردة من أعلى الباحثين الأمريكيين منصبًا.

لكن لم تكن الباحثة التي تقود الفريق طَلقَة اللسان باللغة المنغولية، وكثيرا ما كانت تطلب من أعضاء الفريق المنغوليين الأقل منصبًا ترجمة المراسلات، بل وكتابتها. كان هذا ينمُّ عن عدم الاحترام في منغوليا. وقد استغرقت المسألة منا عدة محادثات لمعرفة البروتوكولات الثقافية والتأقلم وفقًا لها.
 

وثمة تحد ثقافي آخر كان عليّ مجابهته، وله بُعد جنساني. عندما عملت مع فريق يقوم بدراسة خدمات النظام الإيكولوجي في المكسيك، كان أقراني من إحدى الجامعات المكسيكية يتحدثون مباشرة إلى طالب دراسات عليا تحت إشرافي، في حين كانوا يتحاشون التقاء أعينهم وعيني.
 
اعترف بما تجهل
 
في معظم المشروعات البحثية متعددة التخصصات، لا متسع من الوقت كي يتفهم المرء عمل غيره بصفاء. وهذا أيضًا هو بيت القصيد؛ عليك أن تثق بزملائك وخبراتهم. وعلى كل حال، فالهدف من المشروعات متعددة التخصصات هو الجمع بين معارف أعضاء الفريق لخدمة المشروع.
 
من ناحية ثانية، أحيانا يغرِس التدريب البحثي شعورا متأصلا بالنفوذ، يغري أعضاء الفريق بمناقشة أفضلية خبرة بعضهم على بعض، إما من خلال أسئلة استكشافية بريئة يساء فهمها على أنها تحد، أو اعتداد زائد بالنفس من منطلق ’أنا الخبير‘.
 
على سبيل المثال، في أثناء نقاش جماعي حول نمذجة جودة الهواء في سولت ليك سيتي بالولايات المتحدة الأمريكية، احتدم الجدل بين الباحِثَيْن الرئيسين، وكان أحدهما مهندس تخطيط مدن والآخر متخصصا في البيئة النباتية. كانت البداية بأن استخف الأول بسؤال بريء للأخير. من ثم، جاء رد المتخصص في شكل تحد صريح للمهندس، وأحرجه.
 
بوضوح، من غير المقبول أن يجادل بعضُنا بعضا بشراسة. بل ينبغي وضع قواعد أساسية قبل أن تصير أي عادات سيئة هي المبادئ التي تحكم المجموعة.
 
عند بلوغ هذه المرحلة، يمكن للفرق البحثية الاستعانة بوسطاء محترفين. بوسع هؤلاء مساعدة الفريق على معالجة عادات الاتصال غير المفيدة، وتعديل السلوك ’غير الرياضي‘ بفعالية. وعلى نحو متزايد، فإن وكالات التمويل والمنظمات غير الحكومية والجامعات تدرب وسطاء مهنيين؛ للتخصص في إدارة الفِرق ومجال التعاون البحثي.
 
عامل الوقت
 
إن الفِرق الناجحة متعددة التخصصات تخصص وقتًا يقضونه سويًّا. والزملاء الذين ينعمون بقضاء وقت معًا يصيرون أكثر انفتاحًا، وعلى استعداد للتعلم بعضهم من بعض. وفي العديد من المشروعات التي شاركت فيها، أعرب أعضاء الفريق عن شعورهم بعدم وجود وقت كاف لمناقشة الأفكار، والربط بينها، واستكشافها.
 
تخصيص الوقت صعب؛ لأن الباحثين غالبًا ما يشاركون في مشروعات متعددة التخصصات بجانب عملهم في مجالات اختصاصهم. لكن ينبغي أن تنطوي مقترحات المشروعات وجداول أعمال الفريق على وقت يُكرس لمد جسور الثقة، والحديث عن مشاكل الاتصال المحتملة، والتفاعل اجتماعيًّا. ولا تظن أن هذا ’مضيعة‘ للوقت؛ ففائدته ستعود على علاقاتك في العمل.
 
وينبغي أيضًا أن تنتبه لسلوكك عند قضاء الوقت مع الزملاء، وتأكد من إنصاتك وتقبلك لأسلوب تفكير ووجهات نظر جديدة. قد يكون الوسيط غير موجود بشكل دائم، لذا من الأهمية بمكان أن يدرك الجميع عواقب سلوكهم وآثاره على اتصال الفريق وتعاونه.
 
ومن شأن الفكاهة تخفيف الضغط، وتدعيم القيم المشتركة، وتوحيد أهداف المجموعة، وتلاقح الأفكار. والأهم من ذلك، أن الفكاهة قادرة على نزع فتيل المشكلات قبل أن تنفجر. وبمقدور المزاح والضحك زيادة التماسك بين أعضاء الفريق.
 
وينبغي أن تراعي الفِرق تخصيص أوقات في جداولها للاختلاط الاجتماعي، وتكوين العلاقات، والضحك. وربما تزايدت حماسة الباحثين تزايدًا مطردًا عند المشاركة في عمل جماعي إذا كانت المكاسب المهنية مصحوبة بمنفعة اجتماعية.
 
ومثالي المفضل في هذا السياق هو فريق عمل في سولت لايك سيتي. فقد أعقب الاجتماع الرسمي ذهاب العديد من الباحثين لتناول البيتزا. حينها أعادت إليهم رؤية مجموعة من المشجِّعات من مدرسة ثانوية ذكريات المرحلة الثانوية، وانتهى بهم المطاف بمناقشة الألعاب الرياضية خلالها، وتجارب كل منهم في التعليم الثانوي.
 
كانت هذه المحادثة بمنزلة فرصة للترابط جاءت دون تدبير، وساعدت على نشر جو من الثقة بين أعضاء الفريق، وأن يتطلعوا إلى قضاء المزيد من الوقت معًا، بل وخلق فرص إضافية للتعاون. ولا يزال ستة رهط منا يجتمعون لمناقشة أدق تفاصيل البحوث، وكتبنا من حينها أكثر من اثني عشر مقترحًا لبحوث مشتركة إضافية.
 
لكن تذكَّر أنه ليس في استطاعة الجميع تخصيص وقت إضافي لزملائهم، ربما بسبب التزامات عائلية. حاول ألا يكون قضاء الوقت مع بعض الزملاء في غير أوقات العمل الرسمية سببًا في إقصاء آخرين، وفكِّر في كيفية القيام بذلك في أيام العمل المعتادة. غالبًا ما يحتاج أعضاء الفريق إلى ’مكان‘ لتجاذب أطراف الحديث فحسب، ويمكن أن يحدث هذا خلال فترات الاستراحة والغداء مثلما يتم خلال الأمسيات.
 
خروج العمل إلى النور
 
ما إن ينتهي البحث، يجب أن تحرص على وصول النتائج إلى من هم في حاجة إليها. وقد تنشأ توترات بشأن البت في جهة نشر البحوث. إذ يتميز كل حقل بدوريّاته ’المرموقة‘، وربما يمانع البعض في التنازل -من وجهة نظرهم– بالنشر في دوريّات يرونها متدنية.
 
وما يزيد الطين بلاًّ، أن دوريّات كثيرة لا تنشر بحوثًا متعددة التخصصات، وقد تُعَدّ الدوريّات التي تُركِّز على البحوث متعددة التخصصات رديئة، مقارنة بالمنشورات الأكثر تخصصًا.
 
وعند ’الكتابة‘، ينبغي أن يعكس البحث جهد المجموعة بأكملها، وأن يدلي كلٌّ بدلوه. لكن ينبغي كذلك تعيين شخص ليقوم بدور المحرر النهائي؛ لضمان ترابط البحث، وأن يكون معبرًا عن ’صوت واحد‘.
 
وينبغي عليك أيضًا مناقشة من سيكون ’المتحدث الإعلامي‘ إذا ما تمت تغطية البحث إعلاميًّا، أو ما إذا كنت تريد تمثيل أكثر من شخص في المقابلات. هذه مسائل تنطبق على البحوث كافة، ويمكنك الاطلاع على نصائح أخرى على موقع SciDev.Net في أدلة عملية إضافية لتبسيط العلوم، بما في ذلك كيفية نشر البحوث عبر المدونات ووسائل الإعلام الاجتماعية.
 
وعلى الرغم من أن التحديات قد تكون مثبطة للهمم، لكن البحوث متعددة التخصصات هي أرض خصبة للفرص التعليمية. وما إن ينتهي المشروع البحثي، حاول أن تتجنب العودة إلى صومعتك التقليدية. من المخيب للآمال أن تقطع خطوط الاتصال بعد أن مددتها. ووفقًا لمجال تخصصك، قد تتسنى فرص كثيرة لك للانخراط في مشروعات متعددة التخصصات. حاول أن تُسهم بما تعلمته، وأن تكون سفيرًا لها.

الدليل منشور بالنسخة الدولية يمكن مطالعته عبر العنوان التالي:
how to communicate in an interdisciplinary team


للاطلاع على المزيد:

الرابطة الأمريكية لتقدم العلوم، تسهيل البحوث والتعليم متعدد التخصصات: دليل عملي. (2011)
الاستدامة: ممارسات العلوم وسياساتها. 7، 74. أدوات تعزيز الاتصال بين التخصصات (2011)

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط