Skip to content

25/10/15

لا انفصام بين مخاطر الكوارث والمناخ

Nepali people sit on stone steps
حقوق الصورة:Brian Sokol/Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • التركيز على تغيُّر المناخ يتيح للحكومات التغاضي عن احتياجات أكثر إلحاحًا
  • في الكوارث، مَن وماذا ينجو يعكس غالبًا الوضع الاقتصادي والاجتماعي
  • السياسة العالمية لن تدمج الأعمال المتعلقة بالمناخ والكوارث والتنمية، هذا يقع على عاتق الدول

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

ترى زينايدا وزميلها جيه سي أن على الحكومات دمج العمل عبر الأطر كافة إن تقاعست السياسة العالمية عن ذلك.

تمثل الكوارث تحديًا خطيرًا في كل مكان. وتحتاج المجتمعات كافة إلى تنمية مرنة ومستدامة، ولا يمكن تحقيق ذلك دون التفكير مليًّا في استراتيجيات الحد من مخاطر الكوارث (DRR). لكن صانعي السياسات نحّوا جانبًا سنوات عديدة من النقاش والعمل على أجندات الحد من تلك المخاطر منذ برز تغيُّر المناخ باعتباره أولوية عالمية.

لقد ضُيّعت فرصة كبيرة، وربما فريدة من نوعها، لمواءمة هذه الأجندات في العام الحالي: حيث تنعقد قمم تاريخية للكوارث والتنمية والمناخ بشكل منفصل.

ففي مارس، وقعت 187 بلدًا إطار سينداي للحد من مخاطر الكوارث 2015-2030، الذي يقدم بعض التوجيهات المحدودة؛ لدمج تغيُّر المناخ في إطار الحد من مخاطر الكوارث ضمن السياق الأوسع للتنمية.

بعد ذلك، أقرت قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في أواخر سبتمبر 17 هدفًا جديدًا للتنمية لعام 2030، بما في ذلك الهدف 13 حول تغير المناخ، دون إشارة تربطه بالحد من مخاطر الكوارث.

وفي ديسمبر، ستستضيف باريس الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP21) في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)؛ حدث من المرجح أن يركز على الحدود طويلة الأمد للانبعاثات، وليس على التأقلم مع التغير الآن، أو على أولويات التنمية اليومية.

فصل السياسات هذا يقوض العمل، ويترك للحكومات الوطنية والمحلية العمل على التوفيق بين الأطر الثلاثة معًا.

الانشغال بتغير المناخ

في الواقع، لقد أخذت بحوث وسياسات الحد من مخاطر الكوارث في الحسبان تغير أنماط المناخ و’الظواهر المتطرفة‘ قبل مدة طويلة من إبرام اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وتأسيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

”يرتكز ضعف الشعوب وقدرتها على التكيف مع تغير المناخ بالحياة اليومية ومشاغل التنمية قصيرة الأمد، مثل تأمين الغذاء، ودفع الفواتير، والحفاظ على العلاقات الاجتماعية“.
 

زينايدا ​ديليكا-ويليسون وجيه سي جيلارد

في الفلبين، على سبيل المثال، يستخدم مركز المواطنين للاستجابة للكوارث والمجتمعات المحلية الشريكة أدلة؛ لتحديد استراتيجيات الحد من مخاطر الكوارث التي تعمل وفق تغير المناخ منذ أوائل الثمانينيات، لكنها لم تُدعَ ’تكيفًا‘ حينئذ.[1]

تتمثل مشكلة التركيز بشكل أساسي على تغير المناخ في أنها تصرف الانتباه عن قضايا أخرى مرتبطة بمخاطر الكوارث وضعف التنمية. على سبيل المثال، تحسب بلدان عديدة حساب ارتفاع مستوى سطح البحر في سياسة الحد من مخاطر الفيضانات، ولكنها تتجاهل هبوط الأرض الناجم عن البشر، الخطر الأكثر إلحاحاً بكثير. وعلى الرغم من حدوث هبوط بالفعل في الفلبين ودول آسيوية أخرى، لم تعالج الحكومات حتى الآن مشكلة استخراج المياه الجوفية المفرط المسببة له.[2]

وتشمل أسباب مخاطر الكوارث الأخرى المغْفلة كون المرء فقيرًا و’مهمشًا‘ في المجتمع. كلاهما يعرض الناس للخطر ويجعلهم أقل قدرة على مواجهة الأخطار المناخية.[3] وفي كثير من الأحيان، تتوافر الموارد التي يحتاجها الناس لمواجهة المخاطر محليا، لكن لذوي الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الأقوى فقط.

ولا تتسبب الكوارث في انهيار جميع المباني أو موت الجميع، هناك دائمًا مبانٍ بمنأى عن الدمار وأناس على قيد الحياة. يعكس هذا التوزيع غير المتكافئ للسلطة، مما يؤثر بالمثل على مَن يمكنه التكيف مع تغير المناخ ومَن لا يستطيع.

ترجيح الاحتياجات قصيرة الأمد

في الواقع، يرتكز ضعف الشعوب وقدرتها على التكيف مع تغير المناخ بالحياة اليومية ومشاغل التنمية قصيرة الأمد، مثل تأمين الغذاء، ودفع الفواتير، والحفاظ على العلاقات الاجتماعية.

على سبيل المثال، لن يتردد العديد من الصيادين بسواحل الفلبين في الإبحار لصيد السمك على الرغم من احتمال إعصار وشيك الحدوث إذا كانت هذه هي الوسيلة الوحيدة لوضع الطعام على المائدة لهذا الأسبوع.[4] ومع ذلك تتجاهل سياسات تغير المناخ عادة هذه الأولويات قصيرة الأمد.

بدلًا من ذلك، تركز السياسات على الآثار والاستثمارات طويلة المدى التي تقتصر غالبًا على البنية التحتية. خذ الحواجز البحرية وخزانات المياه التي شيدت في كيريباتي مثالًا: فهي تحمي من الجفاف والعواصف، لكن على حساب استثمارات تُعنى بمعالجة الشواغل الغذائية والصحية اليومية للناس.

في نهاية المطاف، من شأن تلبية الاحتياجات الغذائية والصحية أن تدعم قدرة الناس على مواجهة تغير المناخ، وسوف تساعدهم -عن وعي وبشكل فردي- على اختيار الهجرة أو رفضها على حد سواء، وهو الحل المقترح من قبل العديد من العلماء والخبراء الاستشاريين في وكالات المعونات.

وفي بعض الأحيان، تتعارض استثمارات التكيف على أرض الواقع مع الاستراتيجيات المحلية للتعامل مع الأخطار المناخية. إن صميم فكرة التخطيط المؤسسي من أجل التكيف على المدى الطويل، التي تفرضها وكالات المعونة غالبًا، غريب على الكثير من المجتمعات في المحيط الهادئ. بل وتهيمن عملية اتخاذ القرارات يومًا بعد يوم على نظمهم التقليدية في الحكم. وتعطيل هذا يهدد الاستراتيجيات التقليدية الناجحة- فقد تغلب شعب تيكوبيا في جزر سليمان على عشرات الأعاصير القوية بمفرده على مدى قرون عديدة.

وهناك جانب سلبي آخر للتركيز على تغير المناخ بدلًا من الحد من مخاطر الكوارث: أنه يوفر مخرجًا سهلًا -في كثير من الأحيان- للحكومات والمنظمات التي تسعى للتهرب من مسؤولية خلق مخاطر كوارث أوسع نطاقا. على سبيل المثال، بعد الفيضانات المدمرة التي طالت جاكرتا في فبراير 2007، ، بادرت الحكومة الإندونيسية إلى الإشارة لتغير المناخ؛ عملية عالمية بعيدة عن متناول الدولة.

على الدول تصدر عملية الدمج

وبالنظر إلى أنه تم الفصل بالفعل بين الحد من مخاطر الكوارث، وتغير المناخ، والتنمية على ساحة السياسة العالمية، فيجب على الحكومات الوطنية والمحلية الآن الأخذ بزمام المبادرة. هناك حاجة إلى أن تجمع السياسات الإنمائية بين النتائج والتوصيات من عمليات السياسات الثلاث.

في مقدورنا تحقيق ذلك: ففي المحيط الهادئ، كان لدولة تونجا دور رائد في إدماج الحد من مخاطر الكوارث والتكيف، وفعلت ذلك دون إعادة تنظيم مؤسسي كبير، على الرغم من أن تغير المناخ يعد قضية بيئية عادة، والحد من مخاطر الكوارث يعتبر مسألة دفاع مدني. ولتيسير إعداد نهج واحد، أوجد القادة المحليون فرقة العمل لإدارة مخاطر الكوارث والتكيف مع تغير المناخ.[5]

بالطبع، لا يزال تغير المناخ أمرًا في غاية الأهمية، وبتجاهله يغيب بُعد مهم من أبعاد الكوارث والتنمية. لا بد من توحيد هذه الجهود وتهيئتها في إطار العمل للحد من مخاطر الكوارث، وتضمين كل منهما في نهاية المطاف في جدول أعمال التنمية الأوسع نطاقا؛ لتحقيق مجتمعات أفضل حالا وأكثر مرونة.

المقال جزء من ملف بعنوان إضاءات.. العمل المشترك بشأن تغير المناخ يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:
 Disaster and climate risks aren’t separate

 

زينايدا ديليكا-ويليسون هي رئيسة مركز التأهب للكوارث، الفلبين. يمكن التواصل معها على [email protected]
جيه سي جيلارد أستاذ مشارك في جامعة أوكلاند، نيوزيلندا. ويمكن التواصل معه على [email protected].

 

References

[1] Zenaida G. Delica Citizenry-based disaster preparedness in the Philippines (Disasters, September 1993)
[2] Kelvin S. Rodolfo and Fernando P. Siringan Global sea-level rise is recognised, but flooding from anthropogenic land subsidence is ignored around northern Manila Bay, Philippines (Disasters, March 2006)
[3] Ben Wisner and others At risk: natural hazards, people’s vulnerability and disasters (Routledge, 2004)
[4] JC Gaillard and others Sustainable livelihoods and people’s vulnerability in the face of coastal hazards (Journal of Coastal Conservation, June 2009)
[5] John E. Hay Disaster risk reduction and climate change adaptation in the Pacific (United Nations International Strategy for Disaster Reduction and United Nations Development Programme, 2010)