Skip to content

09/12/14

ينبغي للاستدامة الحضرية النظر خارج المدن

Cities Opinion 3.jpg
حقوق الصورة:Chris Stowers / Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • المناطق الريفية تؤثر على المدن، فهي ترسل لها النازحين، وتمدها بالغذاء وغيره
  • لكن سكان المدن والباحثين والمخططين يرون فقر الريف بعيدًا عن مشكلات الحضر
  • التخطيط الحضري والتنمية الريفية بحاجة إلى دمج مقارباتهما المختلفة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يقول إدوين كاستيلانوس إن البحث والتخطيط من أجل مدن مستدامة لا يمكن أن ينجحا دون تنمية ريفية.

 لا منجى للدول النامية من التوجه العالمي نحو التمدن. في أمريكا الجنوبية مثلاً يعيش 75% من السكان في مدن، وترتفع تلك النسبة لتصل إلى 90% عند النظر إلى دول ’المخروط الجنوبي‘ وحدها؛ إذ تستضيف المدن الكبرى -مثل ساو باولو وبوينس آيرس- أغلب السكان.

في المدن الكبرى هذه، التي غالبًا ما تكون مركزًا للقوى السياسية والاقتصادية بالبلاد، تطيب معيشة السكان وتجود بشكل عام حتى لتضاهي تلك التي في الدول المتقدمة، لكن بعيدًا عنها يجد المرء المدن الصغرى والبلدات تكافح لمواجهة نمو فوضوي وعشوائي نشأ أصلاً بسبب الهجرة بمعدلات كبيرة من المناطق الريفية المحيطة.

وفي العالم النامي، تقوم المناطق الريفية المعدمة بدور رئيس في العديد من جوانب الحياة بالحضر، لا سيما في زيادة أحزمة الفقر شبه الحضرية المنتشرة حول معظم المدن، وإن لم يقتصر الأمر على ذلك. وبتجاهل الفقر في الأرياف، يفوت الباحثين والممارسين الذين يعملون على تحويل المدن إلى مجتمعات أكثر استدامة جزءٌ بالغ الأهمية من الأحجية.

ورغم انشغالنا عقودًا بالحديث حول تنمية الأرياف، فالمعتاد أنه ما برح يفتقر إلى خدمات أساسية، مثل المرافق الصحية والتعليم والصرف الصحي. وهذا يجبر العديد من الناس على الهجرة إلى المراكز الحضرية.

إن الهجرة الثابتة من الريف إلى الحضر تعقِّد كل محاولات التخطيط من أجل الاستدامة في المدن، إذا ما وُجدت مثل هذه المحاولات أساسًا. فالاكتظاظ في المناطق شبه الحضرية -حيث يستقر معظم المهاجرين من الريف- يجعل من الصعب على المخططين توفير خدمات وبنية تحتية ملائمَين لخدمة التدفق المرتفع للسكان الجدد.

علاوة على ذلك، فإن المناطق شبه الحضرية التي يزداد الفقر فيها هي عادة أول ما تقرعه النوازل، ويشهد المآسي عندما تقع أحداث غير عادية، مثل الانهيارات الأرضية والفيضانات، وهو أمر أصبح أكثر شيوعًا في ظل تأثيرات تغير المناخ.

انقسام زائف

ولا تقتصر الروابط على الهجرة فحسب؛ فالمحيط الريفي ”يغذي“ المراكز الحضرية بالعديد من المدخلات والزاد واللوازم الأساسية، وهذا بالطبع يتضمن الغذاء وإمدادات المياه النظيفة. لذا فإن الخطط التي تستهدف استدامة الحضر يجب أن تنظر إلى ما هو أبعد من المدن؛ إذ ينبغي على مخططي الحضر أن يعملوا عن كثب مع مسؤولي الحكومة المنوط بهم البرامج التي ترمي إلى تنمية الريف والتخفيف من حدة الفقر.

في الدول النامية غالبًا ما تكون تلك البرامج غير متصلة بمبادرات استدامة الحضر. وبالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يركز مخططو المدن على الهندسة، في حين ينظر مطورو الريف إلى التخفيف من حدة الفقر من منظور العلوم الاجتماعية. هذا الاختلاف في الخلفية والنهج يعوق التواصل بينهم.

 

”بالنسبة للعديد من سكان الحضر، بما فيهم صانعو القرار الوطنيين، يلوح المحيط الريفي لهم كعالم بعيد“.                إدوين  كاستيلانوس 
 

والمبادرات الحديثة ذات الصلة بالتكيف مع تغير المناخ يمكنها المساعدة على رأب الصدع بين التخطيط الحضري من أجل الاستدامة والتنمية الريفية للحد من الفقر.

إن المستوطنات الحضرية تعاني ثغرات عديدة ونقاط ضعف وآثارًا متوقعة –بل ومشاهدة- في الأماكن الريفية. لذا فإن توفير خدمات جوهرية مثل المياه والصحة والطاقة في ظل مناخ متغير يجب أن يأخذ مظهرًا متكاملاً، يتحرك بعيدًا عن الانقسام الريفي- الحضري التقليدي.

على سبيل المثال، لم تعد الزيادة الأخيرة في الأمراض التي تحملها النواقل قضية ريفية بالأساس، بل باتت الآن تصيب العديد من المدن الاستوائية. ولا يمكن للمكافحة الفعالة لمثل هذه التفشيات أن تفرق بين المناطق الحضرية والريفية، وإن اختلفت الاستراتيجيات.

وقد ضربت العواصف الاستوائية التي عصفت بأمريكا الوسطى (من وسط المكسيك إلى شمال كوستاريكا)، خلال العقد الماضي، أمثلة حية على أن أية تأثيرات على البنية التحتية الإنتاجية في المناطق الريفية يمكنها التأثير على تدفق الغذاء إلى المراكز الحضرية أو حتى إيقافه، وكذلك بالنسبة لغيره من السلع.

أوان ردم الفجوة

الآن أنسب من أي وقت مضى لجَسر الهوة بين الريف والحضر. فالمدن تدنو من المناطق الريفية؛ إذ تضيق المسافات بينهما إما فعليًّا من خلال توافر شبكات طرق أفضل، أو افتراضيًّا عن طريق توافر شبكات أفضل للهواتف النقالة والإنترنت. لكن بالنسبة للعديد من سكان الحضر، ومعهم صانعو القرار الوطنيون، يلوح المحيط الريفي لهم كعالم بعيد؛ عالم غالبًا ما يكون منسيًّا.

لقد ظهرت من قريب مبادرة مثيرة للاهتمام لجَسر هذه الهوة الذهنية في جواتيمالا. فقد دعا قادة من الطبقة المميزة في جواتيمالا سيتي أناسًا من المدينة لقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع عائلة تعيش في فقر وشدة بالمناطق الريفية المحيطة. وقد كان لتلك المبادرة نجاح محدود في اجتذاب مانحين، لكنها اكتسبت زخمًا عندما شارك فيها رئيس البلاد بحسبانه أحد سكان المدينة الزائرين.

ويقينًا حصل انطباع من أول وهلة لأولئك الذين شاركوا عن كيف تبدو الحياة الريفية في العالم النامي والفقير. كما أدت مشاركة الرئيس إلى زيادة الوعي داخل الطبقة السياسية حول ضرورة الوفاء باحتياجات المجتمعات الريفية من أجل تحسين الجوانب المهمة للحياة في الحضر كذلك.

إن صانعي القرار في الدول النامية ووكالات الإغاثة الدولية في حاجة لإيجاد سبل تضع حدًّا للهوة الذهنية بين المناطق الريفية والحضرية. وهم بحاجة إلى تشجيع برامج التنمية على البدء في التفكير بشأن مجتمعات حضرية- ريفية أكثر تكاملاً. ويمكن أن تكون نقطة الانطلاق هي الجمع بين مجموعات عمل متعددة التخصصات، تؤلف بين مسؤولي التخطيط الحضري والتنمية الريفية، وتعمل على التكامل فيما بينهم.

إن تدفق السلع والمعلومات بين مجتمعات الريف والحضر في ازدياد مستمر، وهو ما يقرب مفهوم القرية العالمية الحقيقية إلى أرض الواقع. وعلى صانعي القرار أن يعرفوا حقيقة هذه العملية، وأن يدمجوها في أبحاثهم وممارساتهم؛ حتى يبنوا مدنًا أكثر استدامة.
 
 
إدوين كاستيلانوس هو المدير المناوب لمركز الدراسات البيئية والتنوع الحيوي بجامعة فالي في جواتيمالا، وهو مؤلف رئيس للتقرير الخامس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. التواصل معه على [email protected]
 
 
 

المقال ضمن ملف بعنوان تحويل المدن من أجل الاستدامة يمكنكم مطالعته بالنسخة الدولية عبر العنوان التالي:
Urban sustainability should look outside the cities