كتب: محمد علي الدين
أرسل إلى صديق
المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.
والآن تسيطر المدينة على 60% من صناعة أواني الألومنيوم في مصر، ويعمل بها نحو 40 إلى 50 ألف شخص، من بينهم أطفال.
تتحول وجوه العمال إلى اللون الفضي بعد ساعات العمل الطويلة في مصانع وورش الألومنيوم التي تبدأ عملها منذ العاشرة صباحًا إلى الثامنة مساءً، وذلك في غرف ضيقة حرارتها مرتفعة، تتطاير فيها أتربة فضية قد تدمر أنسجة العين، وقد يسبب استنشاق جزيئاتها إلى تليف عقدي للرئة، وفقًا لدراسة أجرتها وزارة البيئة المصرية.
ورغم هذا لن تجد مسؤولاً صحيًّا أو بيئيًّا في مدينة ميت غمر يعارض عمالة الأطفال في هذه الورش، فالجميع يدينون بالفضل لتلك الورش في استكمال تعليمهم أو الإنفاق على أسرهم الفقيرة.
يقول أحد مفتشي البيئة والسلامة المهنية الذي رفض ذكر اسمه: ”لا يوجد شخص في ميت غمر لم يعمل ولو لبعض الوقت في ورش الألومنيوم“، في حين يقول الدكتور أحمد الطوبجي -مدير الإدارة الصحية لمدينة ميت غمر-: ”أصبحت طبيبًا بفضل ورش تلميع الألومنيوم، عملت فيها لتوفير المال اللازم للدراسة“.
يدرك معظم عمال الألومنيوم أن مرحلة تلميع الألومنيوم خطيرة، لكن عليهم أن يستمروا في العمل لكسب قوتهم. ويعتقدون أنه من الممكن تجنب الآثار السيئة لتلك الصناعة بشرب كميات من اللبن والعسل، ورغم ذلك فإن معظمهم يترك تلك المهنة عند سن الثلاثين؛ لاعتقادهم أن بيئة العمل السيئة ستدمر رئاتهم إذا استمروا أكثر من ذلك.
كما يبدو أن الرقابة ضعيفة للغاية، حيث يقتنع مراقبو شؤون البيئة وشؤون السلامة والصحة المهنية في المدينة أن الأهالي يحتاجون لإرسال أطفالهم إلى العمل، يقول أحد المراقبين: ”هم فقراء ويحتاجون المال.. فلماذا نطاردهم؟“.
الورش ضيقة ويمتلئ هواؤها بالأتربة الفضية التي تحتوي على جزيئات الألومنيوم، التي قد تدمر أنسجة العين. وقد يتسبب استنشاقها في حدوث تليف عقدي للرئة.
تعتمد مرحلة تلميع أواني الألومنيوم على عمالة الأطفال؛ حيث يتقاضون مرتبات منخفضة، ويعملون ساعات طويلة في غرف ضيقة حرارتها مرتفعة.
في العادة لا يستمر عمال الألومنيوم داخل ورشة واحدة مدة أكثر من 6 أشهر، بل يفضلون التنقل من ورشة لأخرى. وهم يعملون عادة بلا تأمينات اجتماعية أو صحية ضد مخاطر المهنة.
نادرًا ما يرتدي العمال هذه الكمامات الطبية، فهم يشعرون بعدم الراحة معها، بالإضافة إلى أن أصحاب المصانع لا يسعون لتوفيرها.
لم تسمح المصانع الكبيرة بتصوير العاملين لديهم داخل الورش، حيث إن نسبة كبيرة منهم أطفال، وهم يعرفون أن القانون يحظر هذا النوع من العمالة. وفي المقابل كانت الورش الصغيرة أكثر تعاونًا.
سيد، 22 سنة، يقول إن العمل في ورش الألومنيوم كان فرصته الوحيدة لكسب بعض الأموال والزواج، ويضيف: ”أبناء جيلي لم يتزوجوا حتى الآن، ولم يجدوا فرصة عمل“.
وفي نهاية يوم العمل الشاق يتوجه العمال للاغتسال وإزالة الأتربة والبودرة الفضية الناتجة عن عملية التلميع عن أجسادهم قبل العودة لبيوتهم.
إسلام، 11 سنة، ومحمد، 12 سنة، ينتظران خارج الورشة بعد نهاية يوم العمل للحصول على أجرهما الذي يبلغ 20 جنيهًا في اليوم.