Skip to content

18/02/15

التنمية معقدة لكنها تحتاج إلى حلول بسيطة

Cambodia cooking
حقوق الصورة:Mikkel Ostergaard / Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • الارتباط بين مجالات التنمية يعقد العمل في هذا الميدان
  • منظمات الإغاثة تفضل الحلول المعقدة، رغم مردودها المتواضع في حالات عدة
  • ثمة مشروعات، مثل السمكة الحديدية جالبة الحظ، تُظهر أثر حلول بسيطة مدعومة بأدلة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

 
لا يزال تفضيل الجهات المانحة للتدخلات المعقدة في ازدياد، لكن هذا النهج مضلل، كما يقول كريستوفر تشارلز.
    
في كل عام، تنفق مئات المليارات من الدولارات المخصصة للمساعدات الخارجية على التنمية الدولية والمساعدات الإنسانية. لكن مردودها متواضع، وما تحققه قليل نسبيًّا.

أحيانًا تكون المقاييس الموضوعة (أو غيابها) هي المسؤولة عن ذلك. لكن السبب في أكثر الأحيان هو طبيعة هذه التدخلات: إما لأنها ليست ما يحتاجه المجتمع المستهدف، أو لتعقيدها المفرط من الناحية الفنية، أو لأن استمرارها مكلف، أو لإخفاقها في فهم الأبعاد الاجتماعية والثقافية المتعلقة بالتنفيذ والاستيعاب.

ونتيجة لذلك، يجب على منظمات الإغاثة الدفاع باستمرار عن وجودها، والالتفات لأهمية التمويل.

الحل هو أن نعود إلى دعم الحلول البسيطة التي نعرف أنها ناجحة منذ سنوات.
 
فئات ثلاث من المشكلات

في المجتمعات الفلسفية، وبصورة أكثر شيوعًا الآن في الأوساط العلمية التطبيقية، عادة ما تُقسَّم المشكلات إلى ثلاث فئات، مع تشبيهات مقابلة. أي ’مشكلة بسيطة‘ تُشبه بخبز كعكة؛ فالمهمة أحادية التخصص، وهناك مسار واضح لحل المشكلة. وفور إتقان الوصفة، يمكن للمرء تكرار هذه العملية بنجاح مماثل.

ويمكن مقارنة أي ’مشكلة عويصة‘ بإرسال مركبة فضائية إلى القمر؛ فالمشكلة متعددة التخصصات وتتطلب عملاً جماعيًّا على مستوى الخبراء، وكذلك اتباع إجراءات حل المشكلة خطوة بخطوة. لكن هذه العملية أيضًا يمكن تكرارها بنجاح مماثل فور إتقانها.

وأخيرًا، لدينا ’مشكلات معقدة‘، وهي الأكثر صعوبة، وتشبه تربية الأطفال. هناك عدد لا حصر له من الطرق لتربية الطفل، تنطوي على أطراف عدة لديها مستويات متفاوتة من الخبرة، والاستقلالية، والمهارات. وقطعًا كل طفل فريد في نوعه، له احتياجات ومطالب مختلفة، ولذلك لا يضمن تكرار الخطوات النجاح.
 

في حين يبدو استهداف كل مجال بحزمة من التدخلات واعدًا للوهلة الأولى، غالبًا ما تؤدي تكاليف الموارد المالية والبشرية، فضلاً عن الوقت اللازم للتنفيذ، إلى الفشل.
كريستوفر تشارلز، السمكة الحديدية جالبة الحظ

 وفي التنمية، الترابط والاعتماد المتبادل تعكسه المشكلات المعقدة. على سبيل المثال، قد يكون الفقر نتيجة لضعف التعليم، الذي قد يكون مرتبطا بسوء التغذية، وهو نتيجة للفقر. وبصورة عامة، فالمشكلات المعقدة ديناميكية، وتخضع لبيئات سياسية واقتصادية واجتماعية متغيرة باستمرار.

لكن حل هذا التعقيد يكمن في البساطة. ويُظهر مثال التغذية أن الحلول البسيطة هي السبيل لحل مشكلات معقدة في مجال التنمية.
 
صعوبة تحسين التغذية

غالبًا ما تكون التدخلات الهادفة إلى تحسين التغذية صعبة من الناحية التقنية. وتحتاج إلى تمويل كبير مقدمًا، وتغير سلوكي كبير ليكون تأثيرها دائمًا، وإلى وقت؛ من أجل إطلاق مشروع ودعمه على حد سواء.

وتنفذ منظمات المجتمع المدني مشروعات لزيادة إنتاج الأسرة من الغذاء بدرجات متفاوتة من النجاح. تتطلب هذه المشروعات: خبرة زراعية، وإقبالاً من المجتمعات؛ لأنها غالبًا ما تنطوي على تغيرات في استخدام الأراضي، ووقت وجهد؛ لتطوير مزرعة الأسرة والحفاظ عليها، وتدريب الجنسين؛ لضمان تبني الرجال والنساء للمهام المضافة على حد سواء، والتدريب على كيفية بيع المنتجات الغذائية وتحقيق دخل بأفضل السبل.

وفي حين يبدو استهداف كل مجال بحزمة من التدخلات واعدًا للوهلة الأولى، غالبًا ما تؤدي تكاليف الموارد المالية والبشرية، فضلاً عن الوقت اللازم للتنفيذ، إلى الفشل.
وثمة دراسات حول تلك المشروعات تثبت باستمرار تحسينات متواضعة فحسب في الحالة التغذوية، وقد ينخفض التأثير طويل الأجل عندما ترحل المنظمات غير الحكومية، ومعها خبراتها، بانتهاء المشروع.[1]

بدلاً من ذلك، يمكن تكييف حلول بسيطة بسهولة أكبر للاستجابة للتغيير. وقد ركزت برامج التغذية في الآونة الأخيرة على معالجة ’الجوع الخفي‘: سوء التغذية المرتبط بنقص محدد في المغذيات الدقيقة، مثل الحديد وفيتامين أ. وقد أظهرت العديد من الدراسات فعالية وكفاءة مساحيق المغذيات الدقيقة التي يمكن رشها على الأطعمة؛ لتعزيز قيمتها الغذائية.[2]

هذه المنتجات يمكن أن تحتوي على عدد –قل أو كثر– من المغذيات الدقيقة، وبهذا يمكن تعديلها لتناسب احتياجات صحية خاصة. ويمكن إنتاجها كذلك مركزيًّا أو إقليميًّا، وهي سهلة التخزين والاستخدام.

الأهم من ذلك، لا يتطلب تنفيذها سوى القليل من الوقت والمال، وطالما أن المحلات التجارية أو جماعات المجتمع المدني تتيح المساحيق على الصعيد المحلي، سيواصل الناس الاستفادة منها.

 
السمكة الحديدية جالبة الحظ

ركزت مجموعتي البحثية الخاصة على توسيع نطاق مشروع للحد من انتشار نقص الحديد وفقر الدم في كمبوديا.

إن مفهوم مشروع السمكة الحديدية جالبة الحظ Lucky Iron Fish بسيط للغاية: هي سبيكة حديدية مصممة خصيصا لتضاف إلى وعاء الطهي وتُترك به، وتطلق الحديد ببطء، ولكن بانتظام، لتثري كل وجبة. السبيكة تشبه سمكة ترمز إلى اليُمْن في كمبوديا، مما يشجع الناس على استخدامها.

تظهر الدراسات التي نجريها أن هذه السمكة الحديدية يمكنها تقليل انتشار نقص الحديد وفقر الدم على حد سواء. وتطلق السبيكة الواحدة نحو ثلاثة أرباع الاحتياجات اليومية للشخص البالغ من الحديد باستخدامها مرة واحدة فقط، وثمنها أقل من 5 دولارات أمريكية. ويمكن استخدامها لمدد تتجاوز خمس سنوات من قبل جميع أفراد الأسرة، بواقع دولار واحد فقط لكل أسرة سنويا.[3، 4]

ليست البساطة هنا في المفهوم والتصميم، وهو الأمر الذي تطلب دراسة مستفيضة لعلم المعادن وعلم الإنسان، لكن في التنفيذ. تعليمات بسيطة، ومنتج مستدام طويل الأمد دون مكونات متحركة، وفعالية مجربة– كل هذه الميزات أدت إلى النجاح.
 
المشكلات المعقدة لا تزال المفضلة

هناك أمثلة عديدة أخرى، لكن الجهات المانحة لا تزال تفضل الحلول المعقدة. لماذا؟

يرى البعض التدخلات الفاشلة فرصة لتجربة تقنيات مبتكرة إلى ما لا نهاية. دعونا نغير تفكيرنا –على سبيل المثال من خلال تجنب التقنيات الحيوية الزراعية باهظة الثمن التي تعد بعلاج سوء التغذية إذا ما تم استثمار ما يكفي من الوقت والمال فيها، وننظر بدلاً من ذلك في حلول بسيطة كاستخدام حبوب قديمة مثل الدخن، التي تحتوي بالفعل على الفوائد الغذائية التي يحاول متخصصو التقنيات الحيوية إضافتها.[5]

وتقتضي المنظمات المانحة بشكل متزايد أن يخدم كل مشروع قضايا بيئية، وصحية، واجتماعية، واقتصادية، وجنسانية في الوقت نفسه. لكن لا ينبغي إغفال التدخلات البسيطة.

وعلى الرغم من أنها قد لا تتصدر الأخبار، يجب أن نثق في هذه الحلول المدعمة بأدلة، والتي سوف تسهم بشكل كبير في تحسين نوعية حياة أشد الناس فقرًا في العالم.
 
المقال منشور بالنسخة الدولية يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:

 

كريستوفر تشارلز هو مخترع السمكة الحديدية جالبة الحظ، ونائب رئيس قسم الصحة العالمية في الاتحاد الكندي لطلاب كلية الطب. يمكن التواصل معه على [email protected]. وهو يكتب
تغريدات بانتظام عن الصحة العامة العالمية على @chrisvcharles.

References